نجحت المقاومة الفلسطينية في تكريس معادلة ربط غزة بالقدس، ووجهت صفعة جديدة لرئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو بأن اجبرته على إلغاء مسيرة المستوطنين الصهاينة في مدينة القدس المحتلة التي كان من المقرّر حصولها يوم الخميس المقبل… إلغاء المسيرة جاء بمثابة خضوع المسؤولين الصهاينة لتهديد المقاومة الفلسطينية بتجديد قصف القدس المحتلة في حال أقيمت المسيرة، وفي ذلك ما يُعتبر أول اختبار عملي لتثبيت معادلة حماية القدس المحتلة، أرضاً وشعباً ومقدسات، من اعتداءات المستوطنين واستباحتهم للمسجد الأقصى ومنازل العرب الفلسطينيين.. بعد أن تمّ فرض هذه المعدلة طوال فترة جولة المواجهة الأخيرة بين المقاومة وجيش الاحتلال والتي استمرّ لمدة 11 يوماً منعت خلالها حكومة العدو المستوطنين من القيام بأيّ أنشطة لهم في القدس المحتلة والمسجد الأقصى، فيما أجلت المحكمة الصهيونية العليا الجلسة التي كانت محدّدة للبتّ بقرار طرد العائلات المقدسية من حي الشيخ جراح…
هذا التطور الجديد يأتي ليؤكد نجاح المقاومة في تحقيق الانجازات التالية:
أولاً، ترسيخ الإنجاز الذي حققته صواريخ المقاومة التي نجحت في فرض معادلة «توازن الرعب والردع» في المواجهة مع العدو الذي بات يحسب ألف حساب قبل إقدامه على محاولة الانقلاب على قواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها المقاومة في المواجهة معه، مدشنة بذلك تحوّلاً جديداً في الصراع مع الاحتلال على أرض فلسطين المحتلة، تقوم على نجاح المقاومة في فرض قواعدها في الصراع ولجم العدوانية الصهيونية…
ثانياً، إسقاط ما سُمّي بالخطوط الحمر الصهيونية… وتكريس خطوط حمر فلسطينية تمنع المسّ بالمسجد الأقصى وبالوجود الفلسطيني في القدس المحتلة، وهو الأمر الذي يحصل للمرة الأولى في تاريخ الصراع مع المحتل الصهيوني..
ثالثاً، تأكيد أنّ المقاومة باتت تملك من القدرات ما يجبر المسؤولين الصهاينة الذين كانوا يتنافسون على التباهي من منهم أكثر توغلاً في الاعتداء على الشعب الفلسطيني وفي سرقة الأراضي الفلسطينية والاستيلاء عليها وبناء المزيد من الكتل الاستيطانية.. وبالتالي فإنّ تراجع حكومة نتنياهو أمام المقاومة يبرهن انّ المقاومة القوية والحازمة في مواجهة العدو تستطيع إجباره على التراجع، وانّ المقاومة المسلحة هي السبيل لحماية فلسطين أرضاً وشعباً، وليس نهج التسوية وتقديم التنازلات الذي زاد العدو تطرفاً وعدواناً وشجّعه أكثر على مواصلة اعتداءاته وتنفيذ مشاريعه الاستيطانية.. في سياق سياسة فرض الأمر الواقع الصهيوني وتصفية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
هذه الإنجازات المحققة بفعل نجاح المقاومة في فرض وتكريس معادلة ربط غزة بالقدس، وفرض خطوط حمر فلسطينية في المدينة المقدسة، تزامنت مع تطور آخر تمثل في نشر تسجيل صوتي لأحد الجنود الأسرى لدى كتائب عز الدين القسام مما أحدث زلزالاً داخل كيان العدو… الأمر الذي يعني أنّ المقاومة تملك ورقة قوية لتحرير عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال عبر إجبار العدو على القبول بشروط المقاومة لمبادلة الأسرى.. وعند تحقيق هذا الهدف الوطني سيشكل أيضاً انتصاراً جديداً يؤكد انّ تحرير الأسرى لا يتمّ الا عبر المقاومة، تماماً كما تمّت حماية المقدسيين والأقصى، وكذلك فإنّ تحرير أرض فلسطين لن يتحقق الا بالمقاومة المسلحة والشعبية، كما تحرر قطاع غزة وجنوب لبنان…
من هنا يمكن القول إننا أمام تحوّلات تعزز نهج المقاومة الفلسطينية المسلحة، وتفرض معادلات جديدة في الصراع مع الاحتلال، وتعيد بعث الآمال والتطلعات العربية والفلسطينية بأنّ تحرير فلسطين ليس مجرد حلم بل أمر ممكن التحقق وليس مستحيلاً، اذا ما تمّ انتهاج المقاومة الشعبية المسلحة طريقاً استراتيجياً للتحرير، وليس تكتيكياً، وإذا تمّ بناء مقاومة على هذه القاعدة وهي تملك الرؤية والمشروع والإرادة والتصميم على خوض الصراع الطويل والشاق دون تردّد او هوان، فإنها بلا شك تستطيع استعادة الحقوق المغتصبة، وإلحاق الهزيمة بكيان العدو الصهيوني، هزيمة تلو هزيمة، وصولاً إلى إلحاق الهزيمة الكبرى بالمشروع الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة..