لا تقلّ مشكلة إرتفاع سعر طنّ الترابة من 270 ألف ليرة الى أكثر مليوني ليرة أهميّة عن مشكلة إنقطاع المحروقات وإرتفاع سعرها أو غيرها من المشاكل التي تواجه البلاد، فعملياً إرتفاع سعر طن الترابة يؤثّر بشكل مباشر على قطاع البناء.
الروايات للمشكلة كثيرة ولكن النتيجة واحدة معامل الترابة توقفت عن العمل وشراء هذه المادة يتمّ في السوق السوداء.
عملياً يوجد ثلاثة معامل لصناعة الترابة، 2 منهم في منطقة الشمال وهما شركة "هولسيم" وهي سويسرية ومعها مجموعة شركاء وأبرزهم البطريركية المارونيّة، و"الترابة الوطنية" تملكها مجموعة عائلات، منهم عسيلي وضومط وغيرهم، إضافة الى معمل ترابة سبلين التي تملك شركات برتغالية أسهما فيه بينما أبرز اللاعبين فيه أيضاً هما رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط.
مرسوم 8803/2002
تبدأ المصادر عمليّة الشرح بالتأكيد على أنه "لا يوجد معمل دون مقلع أو مقلع دون معمل"، لافتة الى أن "هاتين المنشأتين مترابطتين بشكل عضوي، وكل بلدان العالم فيها معامل ترابة، وهذه مادة استراتيجية تدخل في البنى التحتية من طرقات وشبكات ريّ ومحطات تكرير مياه مبتذلة وجسور، اضافة الى قطاع البناء والسكن"، مؤكدة أن "شركات الترابة مرخّصة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وتعمل بموجب مهل اداريّة صادرة عن جهات مختلفة، أبرزها وزارة الداخلية والبلديات أو مجلس الوزراء مجتمعاً".
تشرح المصادر أن "الترخيص منظّم بموجب مرسوم 8803/2002 وأيضا بموجب قرار 1/186 الصادر سنة 1997"، لافتة الى أن "وزارة البيئة لم تتابع مسؤولياتها، وخاصة المجلس الوطني للمقالع لم يتابع عملية استثمار هذه المقالع حسب الأصول، كما لم تتقدّم الشركات بطلبات ترخيص حسب الأصول، مع العلم أن وزارة البيئة وجهت اليهم كتابا في هذا الخصوص عند صدور المرسوم في العام 2002، ولكن الشركات إستسهلت العمل بموجب مهل ادارية بدلاً من تراخيص قانونية لأسباب لم تعد تخفى على أحد".
طريقة اصدار التراخيص
تلفت المصادر الى أن "شركة الترابة الوطنية سعت في العام 2009 الى تقديم طلب للترخيص لمقلعها في بدبهون في شكا، ونام الملف نومًا عميقا في وزارة البيئة لغاية العام 2015، وصدر قرار المجلس الوطني للمقالع بالموافقة على استثمار المقلع من قبل المجلس المذكور سنة 2015 بموجب قرار 28/1 ارسل الى وزارة الداخلية والبلديات، وهنا القرار لاصدار الترخيص الاداري من قبل محافظ لبنان الشمالي رمزي نهرا، ولكنّه لم يصدر حسب الاصول والاسباب غير معروفة، أما الشركات الاخرى لم تستكمل ملفّاتها وبقي الحوار الشفهي غير الموثّق ما بين الشركات ووزارء البيئة المتعاقبين من العام 2010 ولغاية تسمية دميانوس قطار وزيرا للبيئة"، مضيفة: "بتوجيهاته راسلت الوزارة الشركات طالبة اليهم التقدم بطلبات حسب الأصول، وذلك منذ حزيران 2020 وذلك لتأهيل الأعمال السابقة كما واستثمار المقالع لانتاج مادة الترابة".
تعيين مخالف للقانون
وأضافت المصادر: "بالتوازي مع عمل وزارة البيئة تم تأليف لجنة في رئاسة مجلس الوزراء برئاسة مستشار رئيس الحكومة الياس عسّاف وتضمّ البلديات المعنية واتحادها وهيئات أهلية، (لا معايير لاختيارها) إضافة الى وزارة البيئة والصناعة وذلك خلافاً لتعميم رئاسة مجلس الوزراء رقم 31/2005 الذي يطلب الى جميع الوزراء والمعنيين عدم إسناد أيّ مهام تنفيذية الى المستشارين، وذلك تطبيقاً للقوانين والأنظمة، وحرصاً على تحديد المسؤوليات عند حصول أخطاء أو مخالفات ادارية"، مؤكدة أن "اسناد مهام رئاسة اللجنة الى المستشار الياس عساف يخالف مضمون هذا التعميم".
شدّدت المصادر على أن "اللجنة شكلت منذ ثمانية أشهر ولم تحقّق أيّ تقدّم بإدارة ملفّ معامل الترابة ومقالعها، لا بل أكثر، حيث يعاني هذا القطاع من أزمة حادة في ظلّ الوضع الإقتصادي والمالي المأزوم مع وصول سعر طنّ الترابة الى أكثر من مليونين ونصف المليون في السوق السوداء، بينما قبل الأزمة كان حوالي 270 ألف ليرة لبنانية، إضافة الى حاجة لبنان الماسّة لابقاء العملة الصعبة على أراضيه وإيجاد فرص عمل للبنانيين، فهذه المصانع الثلاثة توظف أكثر من ألف شخص".
اقتراح وزير الصناعة
أكدت المصادر أن "وزير الصناعة عماد حبّ الله قدّم للأمانة العامة لمجلس الوزراء إقتراحاً يقضي بزيادة سعر الطنّ إنسجاماً مع تغيير سعر الصرف وهذا الموضوع قيد الدرس"، مشيرةً في نفس الوقت الى أنه "لغاية تاريخه لم تستكمل طلباتها الى وزراة البيئة، وهذا يضع جزءًا من أسباب الأزمة عليها ولكن في نفس الوقت هنالك مسؤولية على الدولة أن تسيّر شؤون المواطنين والمرفق العام من خلال إعطاء الشركات مهلة ثلاثة أشهر لإستكمال ملفاتها حسب الأصول وخاصة أنها ملفات هندسية معقّدة، هذا ما فعله رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب من خلال توقيع قرار يمنح شركات الترابة مهلة ثلاثة أشهر اضافية لاستكمال ملفاتها".
إذا، أمام شركات الترابة ثلاثة أشهر اضافية لاستكمال ملفاتها، فهل تعود الازمة في أيلول المقبل؟!.