تقترب المهلة التي كان قد حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في بداية الاسبوع الحالي، لكل من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، للإنتهاء من الملف الحكومي، حيث كان قد أعلن أنه يمنحهما اسبوعاً واحداً قبل أن يكون له كلام آخرَ، من دون أن تتضح الصورة التي سيكون عليها المشاورات والإتصالات التي يقوم بها بالتعاون مع "حزب الله".
في هذا السياق، يبدو واضحاً أن رئيس المجلس النيابي نجح في الوصول إلى تهدئة إعلامية بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل"، لكن أبعد ذلك لا يمكن الحسم بإمكانية الإتفاق على تشكيل الحكومة قبل الموعد المحدد، خصوصاً أن العقد التي كانت قائمة لا تزال دون معالجة، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن الخطوات التي من الممكن أن يقدم عليها بري في حال إستمرار الواقع على ما هو عليه.
من حيث المبدأ، تشير مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إلى أن مبادرة بري مستمرة رغم العراقيل التي تصطدم بها بغض النظر عن مهلة الاسبوع المحددة، بالنظر إلى غياب أيّ بديل محلي أو خارجي عنها، لكنها تلفت إلى أن مدة فعاليتها قد تكون حتى نهاية الشهر الحالي، بالنظر إلى الإستحقاقات المنتظرة، في شهر حزيران الجاري، والتي قد يكون لها تداعيات كبيرة على الملف اللبناني.
وفي حين ترى أنه من الناحية العمليّة ليس لدى رئيس المجلس النيابي من خيارات كثيرة في حال فشل مبادرته، خصوصاً أنه ليس من القوى التي تفضل الذهاب إلى تقصير ولاية المجلس والذهاب إلى إنتخابات مبكرة، توضح المصادر نفسها أنه قد يذهب إلى سحب يده من الملف أو مصارحة اللبنانيين بحقيقة ما يحصل، لكنها تعتبر أن ذلك لن يقود إلى أي معادلة جديدة، بل على العكس قد يعقد الأزمة.
لدى هذه المصادر قناعة بأن التهدئة الإعلامية القائمة حالياً قد تقود إلى إنجاز تفاهم بين الفريقين المعنيين بعملية التأليف، أي رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، خصوصاً أن لديهما مصلحة مشتركة في هذا الأمر بعيداً عن سياسة السقف العالي المعتمدة منهما، إلا أنها تشير إلى أن هذا الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، نظراً إلى عدم قدرتهما على تقديم تنازلات قد ترتد سلباً عليهما.
في هذا الإطار، توضح المصادر النيابية في قوى الثامن من آذار أن أساس المبادرة التي يقوم بها رئيس المجلس النيابي ينطلق من إمكانية الإتفاق على تشكيل الحكومة وفق المعادلات الحالية، خصوصاً أن المرحلة المقبلة قد تشهد تطورات على الساحة الإقليمية تقود إلى تبدلات على الساحة اللبنانية لا يمكن تجاهلها، الأمر الذي يفرض الإستعجال بدل الإنتظار الذي قد يعني العودة إلى قبل نقطة الصفر.
وتلفت هذه المصادر إلى مجموعة من الإستحقاقات المنتظرة، منها اللقاء بين الرئيسين الأميركي جو بادين والروسي فلادمير بوتين، بالإضافة إلى الإنتخابات الرئاسية الإيرانية والمفاوضات النووية في فيينا، من دون تجاهل المؤتمر الذي تعد له باريس لدعم الجيش اللبناني واللقاء الذي سيحصل في الفاتيكان في بداية الشهر المقبل، وتضيف: "اليوم هناك إتفاق على ما يقارب 90% من التشكيلة الحكومية، وبالتالي يمكن بذل المزيد من الجهود وتقديم بعض التنازلات لإنجاز المتبقي".
في المحصّلة، لدى المصادر نفسها قناعة بأن البلاد بين حدّين: الإلتزام بمهلة بري أو إنتظار التسوية الخارجية، وترى أن الخيار الثاني يعني إضاعة المزيد من الوقت والفرص، في حين أنّ موعد الإنتخابات النّيابية المقبلة يقترب، بينما البلاد بأمس الحاجة إلى خيارات إنقاذية تحد من سرعة الإنهيار القائم على كافة المستويات.