إنتزعت غزة ومناضليها وشعبها قرار الحرب والسلم وتوحدت فلسطين حول قضية القدس وثارت مدن فلسطين في وجه المحتل ولم يتجرأ العدو من الدخول في الحرب البرية وإرتدع بعد ١١ يوم وطالب بوقف إطلاق النار وتبادل السجناء ومنع مظاهرات المستوطنين في القدس في حي الشيخ جراح.
نسأل اليوم ما تبقى من الحلم الصهيوني لدولة مبنية على حصرية تجمع ديني من جنسيات متعددة تم تجميعها من الإضطهاد ضد السامية الاوروبي وإرسالها ضمن إرسالية في مهمة كبح التوسع السوفياتي في بلاد العرب وكبح كل إمكانية وطنية نيتها تحرر الإرادة الوطنية والسيطرة الوطنية على الموارد الطبيعية وإحلال غلاظة الإحتلال والإغتصاب وتنغيص حياة العرب مكان الاستعمار الغربي.
اقنعوا العرب والجيش المصري من الانسحاب الى الحدود الدولية والموافقة على حل الدولتين وانشاء دولة واحدة وليس دولتين عام ١٩٤٨
تخصصت الدولة العبرية الناشئة بالتمثيل الحصري والمتصاعد للغرب والثقافة الغربية والصناعات الغربية العسكرية الهجومية أهمها التكنولوجية النووية الفرنسية وبعدها التكنولوجيا الأمريكية العسكرية وعلوم الفضاء والطيران وتكنولوجيات القنابل الموجهة والصواريخ بغية كسر كل محاولة عسكرية جادة تكاد الظهور والتطور في العالم العربي وإهتمت إسرائيل بالاجهاز على العلماء العرب المتخصصين في الطاقة النووية وعلوم الفضاء كتصفية العلماء المصريين والعراقيين وغيرهم من المعسكر العربي.
وأعلنت ونصبت نفسها كوكيل حصري للديموقراطية الغربية وامتطت نظرية وراثة سلالة الحضارة المسيحية اليهودية في الشرق وعملت بالخفاء على إشعال الصراعات الطائفية الجاهلة في العالم العربي وإندفاعات الهجرات المسيحية من العالم العربي خاصة من سوريا ولبنان والعراق ومصر وشاركت بقوة في الحروب الداخلية وغزت لبنان عسكريا ومخابراتيا وايضا اقطار عربية اخرى، وشجعت الغرب على استقبال مسيحيي الشرق بغية الوصول الى حصرية العلاقة بين الغرب المسيحي العلماني والدولة الصهيونية.
رغم كل النجاحات المتراكمة للكيان الصهيوني، ابتدأت مرحلة أفول المتدحرجة مع حرب اوكتوبر ١٩٧٣ حيث عبرت القوات المصرية والسورية العربية الى شرق القناة والى هضبة الجولان وبحيرة طبرية ومشارف حيفا ثم انكسارات الجيش الإسرائيلي في غزوة لبنان على يد المقاومة والجيش اللبناني والجيش السوري والإنسحاب المتقهقر سنة ٢٠٠٠ من الجنوب اللبناني دون قيض او شرط هزيمة سلاح المشاة والمدرعات اثناء الحرب على لبنان سنة ٢٠٠٦ والضربات الصاروخية المركزة من المقاومة اللبنانية على معاقل العدو وحروب غزة المتتالية والاخيرة افضل شاهد على الانحدارات العسكرية المتتالية للعمل والردع الاسرائيلي ماذا جرى وكيف نفسر كل هذا؟
هنالك حقائق جيوسياسية فرضت نفسها على موازين القوى وجدلية السياسة الدولية وميزان القوى المتناحر بين الكيان الصهيوني والعالم العربي.
انحسر الدور الإسرائيلي المضاد للشيوعية بعد سقوط الإتحاد السوفياتي وشعر الغرب بنشوة الإنتصار للوصفة الرأسمالية الغربية وإبتدأت المؤسسات الدولية التابعة للغرب توزع الوصفات الإدارية والإقتصادية لشمولية العالم الآخر المتعثر.
وإرتخت مفاصل الرأسمالية الصلبة لتنعم بنشوة وراحة الإنتصار وإخترعت العولمة وإنفتاح الأسواق وتوزيع العمل العالمي والنتاج والإستهلاك …حتى بادرها الشرق من الصين واليابان وكوريا وروسيا والهند بتدفق البضائع والمواد الأولية وأنتصر عليها في العولمة الإقتصادية حتى إجبار الغرب التراجع الى حدوده من قواعده العسكرية في الشرق الأقصى والأدنى وحتى من أوروبا حتى بادرت روسيا عسكريا" ودخلت القوات الروسية الى سوريا واصبحت جارة للبنان وفلسطين والاردن والعراق وبالطبع تركيا في موقع التقدم الإستراتيجي النافذ على شرق البحر المتوسط واوروبا.
يعيش الكيان الصهيوني هزة أرضية سسمية لصلب مقولاته الخرافية المؤسسة، يقول انه يمثل القيم الغربية والديمقراطية الطموحة فيقتل وينكل بأهل فلسطين من دون هوادة وكيانه العنصري، يتهاوى من داخل أراضي فلسطين ٤٨ يتلقى الدعم العملاني من الغرب لكن الديمقراطية الغربية اصبحت مكشوفة على الجريمة الإنسانية اليومية التي يقوم بها الكيان ضد اهل فلسطين.
لا يعد للغرب القدرة المعنوية والإقتصادية لتحمل الجريمة والكذب والمكر الصهيوني وأصبح بعض المفكرين اليهود من الكيان وخارجه أعداء للصهيونية وكثر من الصهاينة أصبحوا يشعرون بعدم الأمان الوجودي وقرروا الرجوع الى جنسياتهم الأصلية ومغادرة المنصة العسكرية الصهيونية المبتورة عن الواقع التاريخي يستشعرون نهاية الوظيفة التاريخية الغربية للاندفاع الصهيوني على أرض فلسطين ومقولة أرض الأجداد سقطت مع الحفريات الأركيولوجية التي تمت من خيرة العلماء الصهاينة ولم يعثروا على إثبات واحد ولو من الفخاريات يثبت مقولاتهم الخرافية.