على وقع الأجواء الإيجابية التي رافقت الإتصالات المتعلقة بالملف الحكومي في الأيام الماضية، عادت إلى الواجهة الأسلحة التي باتت تستخدم بشكل لافت على الساحة اللبنانية، منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، بهدف الضغط للتأثير في المعادلة السياسية من قبل العديد من الجهات.
أحد أبرز هذه الأسلحة قد يكون الشارع، عبر عمليات قطع الطرقات في نقاط مختلفة باتت معروفة مسبقاً، كما الجهات التي تتولى قطعها، حيث كان من الواضح أن تحركها كان الهدف منه محاولة عرقلة التقدم المُحرز في المفاوضات، وهو ما ينطبق أيضاً على تسريب الأجواء السلبيّة عن اللقاء الذي جمع، أول من أمس، رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل مع المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي لأمين عام "حزب الله" حسين خليل.
هذه الأجواء كانت مفاجأة للمجتمعين نظراً إلى أنها لا تعكس فقط أجواء مناقضة، بل أيضاً كانت قد بدأت قبل إنتهاء اللقاء من قبل جهات محسوبة على رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، في مؤشر إلى أن الرجل لا يزال على موقفه لناحية عدم الرغبة في تأليف الحكومة في الوقت الراهن، بينما في المقابل كان هناك أفرقاء آخرين من حلفاء الحريري السابقين يعملون على تنظيم تحركات هدفها أيضاً محاولة منع ولادة الحكومة أو إحراز تقدم نوعي.
في المقابل، كان من اللافت سعي "التيار الوطني الحر" إلى تضخيم الأجواء الإيجابيّة التي تصدر عنه، في سياق واضح أن الهدف منه رمي الكرة في ملعب الحريري، لناحية التأكيد أن مجمل العقد، التي كانت عالقة، حُلت بنسبة كبيرة لكن الجميع ينتظر ردّ رئيس الحكومة المكلّف، وبالتالي في حال كان هذا الرد سلبيا يتحمل مسؤولية العرقلة أمام الرأي العام، بالرغم من أنّ الجميع يدرك أن هناك عقداً أخرى، كان قد ألمح إليها أمين عام "حزب الله" قبل يوم واحد، لا تتعلق بتوزيع الحصص والتسميات، أبرزها الموقف من مسألة رفع الدعم.
قبل ذلك، كانت قد ظهرت في سياق السعي إلى الضغط على الأفرقاء المعنيين بالتشكيل، تحديداً رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، مجموعة من الأسلحة التي كانت قد استخدمت في مرحلة سابقة، أبرزها أزمة المحروقات التي يربطها المسؤولون عن القطاع بتشكيل الحكومة، حيث يتم الحديث بشكل دائم عن أنها تنتهي بمجرد تأليفها من دون تقديم أيّ مبررات علميّة لذلك، بالتزامن مع الأزمات الأخرى المتعلقة بالقطاع الصحي.
وفي حين لا يمكن إبعاد الضخّ الإعلامي المعتمد عن الفوضى والكوارث المقبلة، التي يتبين لاحقاً أن لا صحة لها وأن الهدف منها خدمة هذا الفريق السياسي أو ذاك، عاد سعر صرف الدولار، منذ بداية الاسبوع الحالي، ليكون لاعباً أساسياً في عملية التأليف، ليسجل إرتفاعات جديدة لا يمكن تبريرها من الناحيتين المالية والإقتصادية بأي شكل من الأشكال، في تأكيد إضافي على أن السعر المعتمد في السوق السوداء، بجزء أساسي منه، مرتبط بالسياسة بالدرجة الأولى، بالتزامن مع عراضات بعض القطاعات النقابيّة، التي تُحَرَّك سياسياً، للإعلان عن تحركات جديدة، مرتبطة بشكل أساسي بفشل المبادرة القائمة في الوقت الراهن.
في المحصلة، هذه البعض من مجموعة الأسلحة التي تستخدم من قبل الأفرقاء السياسيين، سواء المعنيين بشكل مباشر بعملية تأليف الحكومة أو بشكل غير مباشر، والتي يدفع ثمنها المواطن الذي يبحث عن أيّ حلّ يخفف من تداعيات هذه الأزمات، بينما المسؤولون يستخدمونه ورقة في لعبتهم لحصد المزيد من المكاسب.