تكتسب قضية بيع أراضي الوقف في درعون-حريصا أهمية كبرى إذ لا يُمكن القبول بأن تتنازل الكنيسة عن جزء من أراضيها في وقت هي بأمسّ الحاجة لأن تتشبّث بها... في المصالحة التي عقدت بين مطرانيّة جونية المارونية وآل انطين خسرت الكنيسة ما يزيد عن نصف الأراضي التي تملكها.
في العام 1989 تقدّم ولي عائلة انطين فكتور انطين بدعوى أمام المحكمة الابتدائية العقارية في بعبدا بطلب اعتبار الوقف ذرياً وليس خيرياً خالصا الى طلب الحلّ والتصفية لأن عقارات الوقف بحالة خراب. وهذا الامر كانت تطرقت اليه "النشرة" في مقالات سابقة، ذاكرة أن المحكمة الابتدائية برئاسة القاضي طنوس مشلب ردّت الدعوى، معتبرة أن الوقف خيري وليس ذرياً، ولكن فكتور انطين استأنف الحكم وسارت المحاكمة وكادت تنتهي بتصديق الحكم الابتدائي ولكن المطرانية ووكيل عائلة انطين عقدا "مصالحة" مفادها اعتبار الوقف مختلطا بين خيرياً وذريا".
"النشرة" ستتطرق اليوم الى مستند هو عبارة عن إفادة مختار درعون أنطوان صقر التي تؤكد عكس ما قيل عن أن الأراضي في حالة خراب. حيث يؤكد المختار في الإفادة التي وقّعت بتاريخ 05/05/2019 والصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات أن "وقف دير مار يوسف الحرف هو وقف خيري، وان هذا الدير كان مستأجراً من جمعية الآباء البوليسيين ثمّ شغله "الأب روبير" كمدرسة داخلية للصمّ والبكم، وبعدها شغلته الأخت جولي شمعون من راهبات القلبين الأقدسين"، لافتاً الى أنه "شيّد مؤخراً بجوار الدير والكنيسة مطعم مار يوسف وهو بادارة الآنسة جوسلين خويري (توفيت) وقد استؤجر من المطرانية".
أكد المختار أنطوان صقر في إفادته أن "في درعون حريصا لا يوجد أحد من عائلة انطين وهنالك أفراد من هذه العائلة في الأرجنتين، ولدوا هناك منذ أكثر من مئة عام ولا يأتون الى لبنان ولا يعرفون عنه شيئا"، في حين أنّ المصادر أشارت الى أنّ "عقارات الوقف تقع بمعظمها في أجمل مواقع في درعون وحريصا وغيرها، وبعضها مؤجّر كمقاهٍ ومطاعم ومحلات، وبعضها الاخر شيّدت عليه مبانٍ سكنية جرى تأجير بعضها وبيع البعض الآخر بدون أن يُعرف أي شيئ عن الترخيص بالبيع وقبض الاثمان".
تعود المصادر الى ما قامت به محكمة الأوقاف الذريّة برئاسة القاضي جان فهد التي مضت بالحل والتصفية وتحديد المستحقين رغم أن لا صلاحية لها بذلك، لافتة الى أن المستحقين الذين حددتهم المحكمة هم في الارجنتين منذ عشرات السنين ولا يأتون الى لبنان او يعرفونه، بحسب ما ورد أيضاً في افادة المختار. مشيرة الى أن "من بين المستحقين من لا يحمل الجنسية اللبنانية إلا منذ ثلاث سنوات ومنهم منذ أشهر فقط".
"النشرة" حاولت الاتصال بالمختار أنطوان صقر فما كان من الأخير إلا أن أكّد أن الوقف خيري منذ حوالي 300 سنة وممسوح، متسائلا "كيف لرجال القانون أن يقوموا بتحديد إذا ما كان الوقف ذريا أو خيرياً"، داعياً للبحث جديًّا بالموضوع، ومؤكدا في نفس الوقت أنّه "قيد المتابعة في الوقت الراهن".
إذاً، في المحصّلة الكلام الذي ورد في افادة مختار درعون تؤكد حالة الاراضي ووضع المستحقين، في حين أن الوقف تحوّل من خيري الى ذري وتجري عملية بيعه".