في الساعات الماضية، عادت إلى المواجهة فكرة البحث عن بديل لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في حال حسم موقفه بشكل نهائي بالإعتذار عن المهمة، لا سيما أن الأجواء الحالية توحي بأن كل الأبواب موصدة بوجهه، سواء على الصعيد المحلي حيث يصعب الإتفاق مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، أو على الصعيد الدولي حيث من غير المتوقع أن يظهر أي موقف سعودي داعم له في المدى المنظور.
على الرغم من أن هذا الحل قد يكون منطقياً من الناحية النظرية إلا أنه عملياً يبدو مستحيلاً، نظراً إلى أن المواصفات المطروحة تقود من جديد إلى تسمية الحريري، خصوصاً بعد رفعه ورقة "الفيتو" الطائفي بوجه أي شخصية أخرى قد تفكر في الأمر.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن انطلاق رحلة البحث عن مرشح بديل تتطلب أولاً رغبة رئيس الحكومة المكلف بالإعتذار، ليبدأ بعدها البحث في الخيارات الأخرى، التي تفترض حسم مسألة تعاونه في تسمية ذلك المرشح من عدمها، نظراً إلى أنه في حال لم يكن في هذا الوارد فإن المسألة تبدو أكثر تعقيداً، خصوصاً أن غالبية قوى الأكثرية النيابية، لا سيما "حزب الله" و"حركة أمل"، لن تقبل الذهاب إلى أي خطوة قد تفسر على أساس أنها استفزاز للشارع السني.
أما في حال قرر الحريري التعاون، تلفت هذه المصادر إلى أن المواصفات المطلوبة يجب أن تنطلق من فرضية عدم الرغبة في تكرار سيناريو رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الذي قرر الدخول في مواجهة غير مباشرة مع تيار "المستقبل" مباشرة بعد نيل حكومته الثقة، أو طرح مرشح لا يمكن أن توافق عليه قوى الأكثرية النيابية، كالسفير السابق نواف سلام أو النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري، نظراً إلى أن ذلك لن يؤدي إلى معالجة المشكلة بأي شكل من الأشكال.
من وجهة نظر المصادر نفسها، السيناريو الأقرب إلى الواقع قد يكون البحث عن شخصية تشبه المرشح السابق السفير اللبناني في برلين مصطفى أديب، على أساس أن يتولى تشكيل حكومة تكون مهمتها الأساسية التحضير والإشراف على الإنتخابات النيابية المقررة في العام المقبل، لكنها تشير إلى أن المشكلة الأساسية تكمن بأن قرار أديب لم يكن بيده، حيث كان مضطراً للعودة إلى الحريري عند أي تفصيل في عملية التفاوض، وتسأل: "ما الذي يضمن نجاح هكذا شخصية في ما يفشل فيه رئيس الحكومة المكلف أو لم ينجح فيه أديب نفسه"؟.
في المحصلة، لدى المصادر السياسية المتابعة مجموعة من الأسئلة التي تعتبر أنها تقود إلى أن المرشح الوحيد المتوفر هو الحريري نفسه، أولها يتعلق برغبته الجدية في الاعتذار عن المهمة، وثانيها يتعلق بوجود شخصية تقبل أن تكون انتحارية بالنظر إلى الملفات التي تنتظرها، أما ثالثها فيتعلق برغبة القوى السياسية في الذهاب إلى حكومة إنتخابات، في الوقت الذي يعتبر معظمها أن الأولوية هي معالجة الملفات الاقتصادية والإجتماعية؟.