حتى في دماء شهداء وضحايا إنفجار مرفأ بيروت، هناك من يريد أن يستثمر. وكأن هذا المستثمر مستعجل لمعرفة حقيقة ما حصل ولمحاسبة المسؤولين عن الإنفجار، ما قبله وما بعده، أكثر بكثير من اهالي الضحايا والشهداء أنفسهم!.
هذا المستثمر دفعته مخيلته الى التسويق، وبطريقة غير مسؤولة، لأخبار مفادها أن المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار يتجه الى إصدار قراره الإتهامي في الملف في الذكرى السنوية الأولى لإنفجار الرابع من آب. وكأن المحقق العدلي يعمل بناء على روزنامات البعض من أهل السياسة ومدّعي الإعلام، أو كأن الهدف من التحقيق هو إصدار القرار الإتهامي في ذكرى الرابع من آب حتى لو أن المعطيات لم تكن قد إكتملت بعد لدى القاضي البيطار، لا إصدار للقرار الإتهامي الذي ينتظره أولاً اهالي الشهداء والضحايا والمتضررين، وثانياً الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق يسأل مصدر قانوني بارز متابع لملف المرفأ، "كيف يمكن للقاضي البيطار أن يصدر قراره الإتهامي وهو الذي لم يمر بعد على تعيينه محققاً عدلياً أكثر من حوالى أربعة أشهر؟ ولمن لا يعرف الكثير عن هذا الامر، لا بد من تذكيره بأن الملف الذي تسلمه البيطار من المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان كان ينقصه الكثير الكثير من المعطيات الأساسية والتي إنكب القاضي العدلي على العمل عليها فور تعيينه، أبرزها، من إشترى نيترات الأمونيوم ولصالح من؟ ومن دفع ثمن الشحنة لمعمل روستافي أزوت في جورجيا ومن أي حساب مصرفي؟.
خير دليل على هذه المعطيات الناقصة في الملف، كيف أن القاضي البيطار لا يزال يستمع حتى اليوم الى إفادات المزيد من الشهود، منهم من هو برتبة موظّف عادي ومنهم من يتولى مناصب رسمية عالية كوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي الذي إستمع المحقق العدلي الى إفادته الأسبوع الفائت، وهنا يقول مصدر في العدلية، ليس كل من يدخل الى مكتب المحقق العدلي بصفة شاهد يتمّ تسريب إسمه الى وسائل الإعلام، وعندما نتحدث عن تسريب فذلك لا يعني أبداً أنّه متعمد أو صادر عن المحقق العدلي رسمياً، وفي هذا السياق تفيد المعلومات أن تسريب خبر الإستماع الى الوزير فهمي حصل عن طريق الصدفة ومن قبل محامين صودف مرورهم في طابق المحقق العدلي يوم حضر الى مكتبه وزير الداخلية.
إذاً، الدقة اولاً وثانياً وثالثاً هي المطلوبة في التعاطي مع أخبار المحقق العدلي وتحقيقاته، لماذا؟ لأن في الملف شهداء وضحايا وجرحى، ولهؤلاء أهالي ومحبون ينتظرون بفارغ الصبر الحقيقة وممنوع التلاعب بأعصابهم، ولأن هذه الحقيقة سيقولها القاضي البيطار كما هي عندما يصل الى قناعة كاملة تحدد المسؤوليّات بعيداً كل البعد عن الشعبويّة والظلم للظلم فقط.
لكل ما تقدم لا تقتلوا الأبرياء مرتين، مرةً في إنفجار المرفأ ومرةً أخرى عبر نشر اخبار كاذبة يمكن أن تجعل الأهالي يعتقدون وكأنّ الحقيقة التي ينتظرونها ستكشف بين يوم وآخر في ملف تحتاج حقيقته الى أشهر وأشهر كي لا نقول الى سنوات كي تنكشف.