لفت رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، إلى أنّ "أزمة تشكيل الحكومة كشفت أزمات أخطر وأعمق: كشفت أزمة النظام والدستور والممارسة والنوايا، وهذا هو الأبشع، وكشفت أنّ معركة الدفاع عن الحقوق الّتي نقوم بها، ليست من باب المزايدة ولا العرقلة، بل من باب حماية وجودنا الحرّ".
وأكّد في مؤتمر صحافي، أنّ "وجودنا مرتبط بدورنا، ودورنا يجب أن يكون كاملًا وليس طائفيًّا بل وطني، وهذا ما يجعل لبنان صاحب رسالة فريدة، تمامًا كما أراده الآباء المؤسّسون، ولذلك المعركة هي بمستوى الوجود"، مشيرًا إلى أنّهم "يستعملون ضيقة الناس ليكسرونا ويستعينون كالعادة بالخارج، ويخيّروننا بين جوع الناس وخسارة وجودنا السياسي. يخيّروننا بين الكرامة الوطنيّة والعيش الكريم، ويريدون أن نختار واحدة من الاثنين، ونحن نريدهما معًا. ومن ينصحوننا بواحدة منهما، نقول لهم "يا ويلكم" من الناس إذا خسرنا الإثنين".
وشدّد باسيل على أنّه "ما دام ناسنا صامدون، نحن صامدون. أنا لا أستسلم إلّا إذا أراد الناس الّذين نمثّلهم هذا الأمر، وأنا أريدهم أن يعرفوا أنّ كلفة الاستسلام اليوم ستكون كبيرة غدًا؛ وما نخسره اليوم قد لا نقدر أن نستعيده غدًا"، موضحًا أنّ "أزمة التشكيل أظهرت أنّ المشكلة ليست بالنصوص الملتبسة للدستور الّذي يفتقد للمهل، ولكنّها للأسف بالنوايا الدفينة الّتي تفضح أصحابها بلحظة تأزّم أو غضب؛ فبهكذا لحظة "يفضح اللسان ما تضمره النوايا".
وذكر أنّ "بلحظة التأزّم أو الغضب، تسقط كلّ معاني الشراكة والعيش المشترك ووقف العد، ويحلّ محلّها التذكير بالعدد. واضح أنّ هناك من لم يبلع استعادتنا للدور الّذي "شلّحونا" إيّاه بين 1990 و2005، واليوم يعتبرون أنّ عندهم فرصة جديدة ليستعيدوا زمن التشليح والتشبيح". وبيّن أنّ "أحدهم يستشهد بقداسة البابا والبطريرك لناحية أنّه أخبرهما عن تمسّكه بالمناصفة... فما الأهم، القول أو الفعل؟. وشخص آخر، يذكّر بأنّ رئيس الجمهوريّة ليس عنده لا صوت بمجلس الوزراء ولا كلمة باختيار رئيس الحكومة، ولا يجب أن يكون عنده أيّ وزير! أي أنّ رئيس البلاد "صورة على الحيط... ومنكسّرها وقت بيلزم".
وركّز على أنّ "جوهر الأزمة الوجود والدور والشراكة في دولة تقوم على الإصلاح، وحتّى "اتفاق الطائف" الّذي ارتضيناه ونطالب بتنفيذه وتطويره، وقدّمنا مشروعًا متكاملًا بهذا الخصوص، صار المتمسّكون فيه هم من يسيء إليه، بسوء تطبيقه وعدم احترام نصوصه ورفض تطويره، وبسببهم صار الطائف بخطر".
كما أفاد باسيل بأنّهم يقولون لنا: "ما بدّنا نحكي معكم وما بدّنا مشاركتكم، وبعد هيك بتقولولنا بدّنا ثقتكم لتعطونا الشرعية الميثاقية وتغطّونا". وتوجّه إليهم بالقول: "إنّ رئيس الجمهوريّة سيوقّع، ونحن لن نأخد وزراء لنا، وأنتم ستأخذون ثقة المجلس من دوننا، ونحن نقبل ولا نمنع الحكومة... لكنّكم تقولون: "غصب عنكم بدّنا ثقتكم لنغطّسكم ونحملّكم مسؤوليّة وتسبّكم الناس". وصلت أن تقولوا لرئيس الجمهوريّة: "ما بيحقلّك تسمّي اي وزير، وما إلك كلمة بتسمية رئيس الحكومة، ولا حتّى بيحق لكتلة تفوّضك تسمّي بإسمها متل ما إنت بتريد، وما الك صوت بمجلس الوزراء، وبعد ناقص تقولوا له شغلة واحدة".
وتساءل: "ماذا تنتظرون منّا عندما تقولون خلافًا للدستور إنّ تشكيل الحكومة باسمائها وتوزيع حقائبها هو من صلاحيّة رئيس الحكومة المكلّف، وأّن رئيس الجمهورية له حقّ فقط بإصدار مرسوم التشكيل، أو الامتناع، وبهذه الحالة يتحمّل مسؤوليّة الفراغ والتعطيل؟ ماذا تتوقّعون منّا عندما "تقوم القيامة" على رئيس الجمهوريّة إذا لم يحدّد استشارات نيابية خلال أيّام، وبعد 8 أشهر من مماطلة رئيس الحكومة المكلّف وعدم إجرائه لا مشاورات مع الكتل ولا تشاور فعليًّا مع الرئيس، وتعتبرونه خرقًا للدستور إذا طالبه أحد أو ساءله؟".
وأشار إلى أنّكم "ترفضون وضع مهلة للوزير لتوقيع المرسوم، بينما رئيس الجمهوريّة ملزَم بتوقيعه خلال 15 يوم، وإلّا يعتبر نافذًا. "هيك بيكون الحفاظ على الطائف، وهيك بيكون النظام شغّال؟"، سائلًا: "ماذا تتوقّعون منّا عندما يطوّب البعض لحاله وزارة المال ويستثنيها من أيّ مداورة، ويفرض أعرافًا لا وجود لها بالدستور، ويعتبرها حقّ دستوري؟ "بيعمل المداورة بالـ2014 ليأخذ هو الماليّة، ويمنع عن غيره غير وزارات (متل الطاقة)، ثمّ يعمل مداورة مجدّدًا في 2021 ليسحب الطاقة".
إلى ذلك، لفت رئيس "التيّار" إلى أنّ "رئيس الحكومة يقوم بمداورة كاملة باستثناء وزارة واحدة هي المالية، وكأنّها صارت حقًّا مكتسبًا! هذا وحده كاف ليسقط الطائف، ونحن لا نقبل به"، متسائلًا: "أيّ ردّة فعل تنتظرون منّا، أن تستشهدوا بالبابا وبالبطريرك لتكذبوا عليهما بالمناصفة، وتعودون لنا بالمثالثة المقنّعة وبصيغة ثلاث ثمانات بالحكومة؟". وجزم أنّ "المناصفة الفعليّة هي 12 بـ 12، يسمّونهم بالتوازي والتساوي المسيحيّون والمسلمون، وليس 8 يسمّونهم المسيحيّون و16 (8 بـ 8) يسمّونهم المسلمون. هذه اسمها مثالثة ومرفوضة".
وأوضح أنّ "ربّما البعض معتادون على قيادات ومرجعيّات اعتادت السكوت نتيجة الخضوع والخوف على مدى 30 سنة. أنا اقول لكم: "انتو ساكتين وبتفرحوا لمّا الناس بتسبّنا! ليش إنتو لولانا كنتوا حصّلتوا يلّي عندكم؟ وليش إذا خلصوا منّا، رح يبقى حدا يسأل عنكم؟ يا ساكتين، ما تعلّمتوا شي من الـ1990"؟.
وتوجّه إلى رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع، سائلًا: "هل تعتقد أنّك تخفي جريمتك بسكوتك، إذا تحجّجت أنّنا لا نقوم بمعركة حقوق، بل مصالح؟ لماذا لم تقم بها في بالطائف بالتسعينيّات، ولماذا لم تقم بها بالقانون الأرثوذكسي ولماذا لا تقوم بها اليوم؟ "أو إنّك ملهي بتعمير القلعة من الخوّات والـFundraising والمال السياسي وبيع الكرامة والحقوق؟". وشدّد على أنّ "ربّما تعتقدون أنّ وجودنا في الحكم يجعلنا نخاف على مصالحنا أو نسكت أو نساوم على شراكة هي في أساس تكوين هذا الوطن ومن دونها لا يوجد وطن! نحنا في "التيار"، من موقع وطني وغير طائفي، ومن موقع الحريّة وليس المصلحة، ومن موقع الحرص على كلّ الوطن وليس على قطعة منه، نقول لكم: "خلص Stop".
كما أكّد أنّكم "لن تأخذوا منّا بالضغط وبوجع الناس وأزماتهم، ولا بعقوبات من العالم كلّه، ما لم تأخذوه منّا منذ الـ2005 إلى اليوم. مزعوجون من الشراكة، ولا تريدون احترام الصلاحيّات، وأيضًا لا تريدون إصلاحات! "طيّب شو بدّكم غير انّو تخلصوا منّا؟ ومش رح تظبط معكم"، معلنًا "أنّنا قدّمنا "كل شي في تنازلات وتسهيلات، غيرنا شو قدّم؟" أنّه قبِل بحكومة 24 بدل 18 وزيرًا؟ الّتي أساسًا تتناقض مع فكرة الإختصاص؟ من يطلب منّا أن نتنازل وهو لا تنازل عن وزارة واحدة للمداورة، "كيف لو شلّحوه وزير، شو بيعمل؟ هيدا ما إله حق يعطي مواعظ للناس بالتنازل". ولفت إلى أنّ "فوق كلّ تنازلاتنا، الآن تذكّروا أو اخترعوا موضوع الثقة الّتي لا يمكن إعطاؤها إلّا بقناعة من أعضاء التكتّل وشخصيّاته المستقلّة وأحزابه. وبما يعنيني انا، الثقة هي قرار ذاتي لا أحد يفرضه عليّ .لا إكراه في الثقة".
وركّز باسيل على "أنّنا قدّمنا كلّ المساعدة اللّازمة، بحلحلة كلّ العقد. طُلبت منّا المساعدة من الجميع، وتجاوبنا بالرغم من تحذيرنا أنّهم سيتّهموننا بالتدخّل"، مبيّنًا "أنّنا تحمّلنا كلام الإعلام، وانتهى كلّ شيء حتّى توزيع الحقائب وآليّة الاتفاق على تسمية الوزيرين المسيحيين، من دون أن يكونوا لا لرئيس الجمهوريّة كي لا يأخذ أكثر من 8، ولا لرئيس الحكومة كي لا يأخذ النصف زائد واحد. يبقى التأليف على عاتق رئيس الحكومة المكلّف بالاتفاق مع رئيس الجمهوريّة".
إلى ذلك، كشف أنّ "الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله استعان برئيس مجلس النواب نبيه بري كصديق له، ليقوم بمسعى حكومي وليس بمبادرة، لأنّ لا عناصر لها أو على الأقل لا نعرفها أو تبلّغناها، ولكن نعتبره مسعى وجهدًا مشكورًا إذا كان متوازنًا وعادلًا، أي إذا كان هناك "وسيط نزيه"، ويصير غير مرغوب فيه، "إذا طلع منحاز ومسيء لنا متل ما تظهّر مؤخّرًا"، معلنًا "أنّني اليوم أريد أن أستعين بصديق هو السيد نصرالله، لا بل أكثر، أُريده حكمًا وأأتمنه على الموضوع. أنا لا أسلّم أمري ومن أمثّل إلى السيّد نصرالله بل أأتمنه على الحقوق. هو يعرف أنّنا مستهدفين، وكلّ شيء يحص هو للنيل منّا، ويعرف أنّنا تنازلنا بموضوع الحكومة عن كثير من الأمور". وتوجّه إلى السيد نصرالله قائلًا: "أنا أعرف أنّك لا تخذل الحق. أنا جبران باسيل، "من دون ما كون عم حمّلك أي عبء، أقبل بما تقبل به أنتَ لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة".
من جهة ثانية، فسّر "أنّنا نريد حكومة تقوم بإصلاحات، لا تضحّي بالإصلاحات. ويقيننا أنّ لا إرادة سياسيّة للإصلاح مع منظومة عصيّة على الإصلاح. ونحن ليس لدينا أكثريّة لوحدنا لننفّذ الإصلاح، ولسنا جزءًا من أكثريّة مزعومة. ولذلك، نحن مجبورون أن نتعاون مع الّذين انتخبوهم الناس بمجلس النواب لتأمين الأكثرية لكلّ قانون أو مشروع".
وذكر باسيل أنّ "قانون الكابتيال كونترول كان مفترض أن يصدر ثاني أو ثالث يوم بعد 17 تشرين الأوّل 2019. مرّت سنة و8 أشهر عليه. لماذا؟ لأنّهم استفادوا من تهريب الأموال للخارج، لا بل هرّبوها هنّي؛ و"مين هو صاحب المصرف يلّي بيسترجي يقلهن لا"! على قول أحد اصحاب المصارف... ولليوم لا يزالون يهرّبون، ومن أجل ذلبك لا يريدون إقرار القانون".
كما شرح بموضوع استعادة الأموال المحوّلة للخارج، "أنّنا قدّمنا القانون ولا يزال عالقًا. لماذا؟ لأنّهم حوّلوا الأموال بصورة استنسابيّة، وكلّهم سياسيّون نافذون وأصحاب مصارف ومساهمون فيها. وفوق ذلك، ينظّرون علينا بالحفاظ على أموال المودعين. يهرّبونها ويبكون عليها". أمّا بالنسبة إلى قانون كشف حسابات وأملاك القائمين بخدمة عامّة من موظّفين وسياسيّين، ساأل: "أين أصبح القانون؟ ماذا يوجد قانون أهمّ من هذا لنعرف حقيقةً مَن سرق المال العام، و"نخلص من الفاسدين يلّي بيحاضروا بالعفة والآدميّة؟".
وعن التدقيق الجنائي، أوضح "انّنا لا نزال في منتصف الوقت. تارةً لا أجوبة على أسئلة شركة "Alvarez"، وطورًا تغيير العقد وشروطه حتّى تنتهي بالمماطلة مهلة السنة الّتي حدّدها مجلس النواب. هذه جديّة بالتدقيق الجنائي أو حفلة كذب على الناس؟"، لافتًا إلى أنّه "إذا حاول أحد القضاة العمل بالقانون بموضوع الأموال المحوّلة للخارج وحسابات "مصرف لبنان"، يصدرون له مذكّرةً إداريّةً غير قانونيّة، ويجتمع مجلس القضاء "المنزّه عن السياسة" ويحوّله على التفتيش القضائي لمعاقبته".
بموضوع ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية، أفاد بأنّ "هذا موضوع مرّ عليه أكثر من سنة، وهناك تراشق مسؤوليّات فيه بين الحكومة ومجلس النواب"، مبيّنًا أنّ "في النهاية، قامت الحكومة بالمشروع، ونحن الوحيدين الّذين تحمّلنا المسؤوليّة وقدّمنا مشروعنا، "يلّي بيحشر الجميع بسهولة تنفيذه وعدالته"، واعتماده رفع الدعم تدريجيًّا وتأمين تمويل البطاقة فورًا ولكلّ الناس، لتفادي الانفجار الاجتماعي. نزلنا على اللجان وحصلنا على وعد بإقرار القانون سريعًا، لأنّ عدم إقراره سيسبّب ثورةً شعبيّةً حقيقيّةً. انتبهوا منيح".
وشدّد باسيل على "أنّنا إذا طالبنا المجلس بتسريع القوانين، "بتقوم القيامة علينا ومنصير فاسدين". المزعوج من انتقادنا فليتفضّل وليعمل أكثر ويوقف "ضبّ" القوانين في الأدراج لسنوات وسنوات"، مشيرًا إلى أنّ "رئيس المجلس لديه صلاحيّات أكثر منّا كنوّاب ولكن عليه التقيّد بها، وعليه بموجب النظام الداخلي واجبات، مثل إسكات كلّ مَن بيتطاول على رئيس الجمهوريّة مِن على منبر مجلس النواب. دور رئيس المجلس ليس تفسير الدستور ببيان صحافي باسم الشعب. ربّما تكون وظيفة مجلس النواب مجتمعًا تفسير الدستور، مع العلم أنّ هذه الصلاحيّة يجب أن تكون برأينا للمجلس الدستوري".
وأعلن أنّ "مع احترامنا لمقام رئاسة المجلس، نطالب بتعديل النظام الداخلي لتحديد المهل وإلغاء كلّ استنسابيّة بموضوع طرح القوانين وإقرارها وغيره. تحديد المهل لازم يشمل الجميع، رئاسة الجمهورية والمجلس والحكومة والوزراء"، جازمًا "أنّنا نريد لبنان دولة حقّ يثق بها شعبها ويحترمها العالم، دولة مدنيّة تحمي التنوّع بنظام لا مركزيّة إداريّة وماليّة موسّعة، دولة تنلغى فيها الطائفيّة وليس الطائفيّة السياسيّة بس. دولة يكون نظامها هو ضمانة استقرارها وليس مشروع خضّة أو حرب كل كم سنة".
كما ركّز على "أنّنا نريد طاولة حوار تبدأ من حلّ مشكلة الحكومة لتنطلق بعملها الإصلاحي، وبالتوازي تتابع طاولة الحوار عملها الوطني للاتفاق على النظام السياسي وعلى الخيارات الكبرى بما يخصّ تموضع لبنان واستراتيجيّة دفاعه وموقعه ودوره ووظيفته الاقتصاديّة". وأكّد أنّ "الانتخابات آتية وهي لازمة، ويجب ألّا تكون هناك حجّة هذه المرّة لعدم اعتماد بطاقة ممغنطة وإقامة "Mega Center". الانتخابات لازمة ولكن لا تحدث فرقًا بالمعادلة الداخليّة إذا لم يحصل تغيير للنظام". وجزم "أنّنا نريد الانتخابات بموعدها، لنستفيد من الوقت الفاصل لوقت الانهيار، ولكن إذا تأخّر تشكيل الحكومة أكثر، فنحن مع إجراء اللّازم لحصول انتخابات مبكرة، كي لا نخسر سنةً إضافيّةً من دون حكومة، ومن دون انتاجية وبمزيد من الإنهيار".