مستنداً إلى حرب البيانات، التي حصلت على مدى الأسبوع الحالي، بين كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي، قرر رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل رفع سقف المواجهة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في تأكيد على أنّ التيار يعتبر أن المواجهة الحقيقيّة لا تقتصر على الحريري، بل تشمل أيضاً بري الذي يقود المواجهة الفعليّة، بالرغم من سعيه إلى لعب دور الوسيط في معالجة الأزمة الحكوميّة.
في هذا السياق، كان من الواضح أن باسيل أراد، في مؤتمره الصحافي اليوم، فتح النار على كافة الأفرقاء المعارضين له، حيث لم يستثنِ رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من الانتقاد، انطلاقاً من معادلة الدفاع عن حقوق المسيحيين في الدولة، التي ستكون مربحة له على الصعيد الشعبي قبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية.
وفي حين شدّد باسيل على أنه يريد تشكيل حكومة برئاسة الحريري، أعاد التركيز على النقاط التي لا تخرج عن دائرة المعادلة المذكورة في الأعلى، لناحية التأكيد على أن جوهر الأزمة هو الوجود والدور والشراكة، والاشارة إلى أن هناك من لم يهضم فكرة استعادة الدور الذي سُحِبَ من المسيحيين من العام 1990 حتى العام 2005، مع التشديد على أن "همّ" باقي الأفرقاء نسف معادلة الرئيس القوي، التي قادت إلى انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون.
في هذا الإطار، من الضروري التركيز على المعادلة الأخرى، التي أعلن عنها باسيل، أيّ رفض تقديم المزيد من التنازلات أو الصمت عما يحصل من هجمات على صلاحيّات رئيس الجمهورية، حيث شدّد على أن كلفة الاستسلام أكبر من كلفة التنازل، في مشهد يعيد إلى الأذهان ذلك الذي كان طاغياً في العام 2005، عندما قرر "التيار الوطني الحر" مواجهة التحالف الرباعي، عبر رفع شعار الدفاع عن الحضور المسيحي في الدولة.
في المقابل، رمى رئيس "التيار الوطني الحر" كرة الأزمة الحكوميّة في ملعب أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله، عبر الطلب منه أن يكون حَكَماً في النزاع القائم متعهداً بالقبول بما يقبل به لنفسه، في مؤشّر على أنّ باسيل لم يعد يقبل، بشكل غير مباشر، بوساطة رئيس المجلس النيابي، بعد أن كانت العديد من القيادات في التّيار قد اعتبرت أنّ برّي لا يلعب دور الوسيط "النزيه"، خصوصاً أنه متحالف مع رئيس الحكومة المكلف، بدليل اعلان الحريري نفسه أنّه ورئيس المجلس النيابي واحد.
انطلاقاً من ذلك، سيكون من الضروري، في الساعات المقبلة، رصد 3 مؤشرات لمعرفة مسار الأزمة الحكوميّة، الأوّل هو ردود الفعل على مواقف باسيل من جانب كل من "تيار المستقبل" و"حركة أمل"، بعد أن كان رئيس "التيار الوطني الحر" قد ذهب إلى رفع سقف المواجهة معهما، أما الثاني فهو الخطوات التي من الممكن أن يقوم بها "حزب الله"، الذي كان يفضل البقاء على "الحياد" لكن بات مطالباً اليوم بالتدخل كـ"حكم"، بينما الثالث هو موقف "القوات اللبنانية"، الذي كان يسعى إلى منع باسيل من الاستفادة من معركة الدفاع عن حقوق المسيحيين.
في المحصّلة، أكد رئيس "التيار الوطني الحر"، من جديد، أنّه نَجَحَ في الاستفادة من المواجهة القائمة، فهو في حال لم يتم التجاوب معه يستطيع الذهاب بعيداً في المعركة التي يخوضها، التي تصبّلصالحه في الشارع المسيحي بالدرجة الأولى، أما في حال التجاوب معه يكون قد أكّد أنّه الزعيم المسيحي الذي رفض الانكسار وانتصر، بما يعنيه من انعكاس ذلك على صورتِهِ الّتي كانت قد تضرّرت خلال مرحلة الحراك الشعبي، لكن هل ينجح السيد نصرالله في طرح مبادرة قد تقود إلى حلّ الأزمة؟!.