أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة" ان حالة من الترقب والجمود تسود حركة الاتصالات واللقاءات الفلسطينية خلافا لكل التوقعات، في اعقاب انتهاء العدوان الاسرائيلي على غزة واستثمار الانتصار بتعزيز العلاقات والتلاقي وترتيب البيت الفلسطيني، وقد تضافرت عدة اسباب لذلك:
اولا: فشل الاجتماع الذي كان مقررا عقده بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة برعاية مصرية قبل اسبوعين نتيجة الشروط المتبادلة بين حركتي فتح وحماس، ما فتح الباب على تساؤلات كثيرة عن حقيقة العلاقة بينهما! وهل عادت الى المربع الاول من الخلافات؟ بعدما كان متوقعا طيها والتوافق على خارطة طريق ورؤية موحدة للتحرك الوطني في المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني بالضفة والقطاع والقدس.
ثانيا: انشغال حركة فتح باجراء الانتخابات التنظيمية بعدما حال تفشي فيروس "كورونا" في المخيمات دونها خلال شهري"شباط واذار" وقد انجزتها في منطقتي بيروت(13 حزيران)، صيدا (20 حزيران)، علىان تستكمل في منطقة البقاع (27 حزيران) منطقة الشمال (4 تموز القادم) ومنطقة صور وعمار بن ياسر (11 تموز)، وتتوج في نهاية تموز بعقد مؤتمر الاقليم لانتخاب اعضائه، ثم توزيع المهام قبل المشاركة في المؤتمر العام "الفتحاوي" الثامن الذي يعقد عادة في مقر المقاطعة في الضفة الغربية.
ثالثا: قيام "حماس" بتقييم المرحلة ورسم التصور للمرحلة القادمة على المستوى الوطني الفلسطيني والعام، على ضوء العدوان على غزة وبعد انجاز انتخاباتها الداخلية والتي من المتوقع ان تبقياسماعيل هنية رئيسا لمكتبها السياسي بعدما جعلت خالد مشعل رئيسا للحركة في الخارج بدلا من ماهر صلاح، حيث انهت الحركة الانتخابات في جميع أقاليمها: إقليم غزة الذي أعاد انتخاب يحيى السنوار رئيساً للحركة وإقليم الخارج الذي انتخب مشعل رئيساً له، وإقليم الضفة الغربية الذي يبقى اسم المسؤول فيه سرياً خشية اعتقاله من قبل "إسرائيل"، وإقليم السجون الذي انتخب الأسير سلامة القطاوي رئيساً للهيئة القيادية العليا للحركة في السجون قبل فترة طويلة.
رابعا: بدء القوى والفصائل الفلسطينية باعادة تقييم مواقفها السياسية وتحالفاتها على ضوء تطوري غزة وتأجيل اجتماع القاهرة، لجهة كيفية حسم الخيارات وفي اي اتجاه بعد توقعات بان يتواصل الانقسام الفلسطيني ويتمدّد بين "فتح" و"حماس"، في وقت تجد بعض الفصائل نفسها محرجة في مواقفها اذ تنتمي الى اطار وتؤيد مواقف الاطار الاخر.
خامسا: متابعة الازمة اللبنانية المستفحلة والخلافات السياسية وما تفرضه من هدوء فلسطيني في المواقف والحراك في ظل دخول فعلا لبنان في اتون الفراغ السياسي الكبير؛ وسط تعنّت الافرقاء في ايجاد صيغة توافقيّة مشتركة تعيد التوازن السياسي من جهة؛ واعادة انتشال البلد من الانهيار المالي والاقتصادي من جهة اخرى، حيث لا يوجد أي مؤشر حقيقي وجاد حول مسألة تشكيل الحكومة، وسط تعنت الاطراف المعنية والهوة الواسعة بين المعنيين مباشرة بتأليف الحكومة.
ناقوس الخطر
وامتدادا الى الازمة اللبنانية، فان معاناة ابناء المخيمات ازدادت شدة وهم يعيشون تحت وطأة الفقر، نتيجة عدم اقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والانسانيةمنذ عقود، وحاليا تدهور قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الاميركي، وسط الغلاء وارتفاع اسعار المواد الغذائية، ورفع الدعم عن جزء كبير منها، أصبحت نسبة البطالة تفوق الـ65% داخل اوساط اللاجئين الفلسطينيين، ونسبة الفقر قرابةالـ80%، وظاهرة الأطفال الذين لا يجدون مصروفهم اليومي ويذهبون للبحث عن الخردة لبيعها تتعاظم، وزادت ظاهرة العائلات التي باعت من مقتنيات منزلها ومن حليها بهدف سد رمق عيشها، في ظل غياب كامل وواضح لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "اونروا"، التي تتذرع دائمًا بالازمة المالية التي تعصف بها منذ سنوات.
ويؤكد باحث في الشأن السياسي الفلسطينيمحمد أبو ليلى انه أمام هذا المشهد الخطير والمتعاظم يومًا بعد يوم، فإن من الحريّ بصنّاع القرار دق ناقوس الخطر لما هو قادم، وأنه آن الاوان لوضع خطة مرحلية، رباعية الأبعاد، سياسية وأمنية وإغاثية واجتماعية أهلية، تشمل التالي:
سياسيًا، ضرورة صياغة موقف واضح آزاء الوضع الراهن في لبنان وانعكاسه على الوجود الفلسطيني، يتبعه حراك سياسي فصائلي موحد، تجاه كل من يعنيه الأمر من أحزاب لبنانيةوقوى أمنية لابلاغها رسالةموحدة بأن العامل الفلسطيني في لبنان هو عامل استقرار، وهو بمنأى عن التجاذبات السياسية اللبنانية، وسيكون عاملا إيجابيا ولن يصطف مع طرف ضد آخر.
أمنيًا، على الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية لعب دور مهم وبارز في الحفاظ على أمن واستقرار المخيمات وتحديدًا مخيم عين الحلوة، لما يمثله من ثقل ووزن سياسي. والعمل على رفض كل ما من شأنه أن يمس بأمن المخيمات واستقرارها، ويكون ذلك من خلال دعم القوة المشتركة الفلسطينية المنبثقة عن هيئة العمل الفلسطيني المشترك.
إغاثيًا، إقرار خطة ثنائية الأبعاد، الاولى، الضغط على وكالة الاونروا ودفعها بإتجاه إقرار خطة طوارئ شاملة، تقدم من خلالها كل ما يلزم من معونات إغاثية للعائلات الأشد فقرًا داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية المنتشرة على الساحة الفلسطينية. أما الثاني، فهو اقرار صندوق إغاثي سيادي، تديره لجنة منبثقة عن هيئة العمل الفلسطيني المشترك، تقوم بإقرار خطة عمل طارئة لتقديم إغاثة سريعة وتسد من رمق العائلات الفلسطينية الأشد فقرًا وعوز، والتي لا معيل لها أو أن رب العائلة يتقاضى يوميته بالليرة اللبنانية.
إجتماعيًا أهليًا: إطلاق حملات ومبادرات خيرية، وتقديم مساهمات مالية أو طعام أو لباس، بهدف التخفيف من وطأة الأزمة الإقتصادية التي تعصف بلبنان وترتد بشكل خطير على الوجود الفلسطيني في لبنان.