مهما قُطع من وعود سياسية ونيابية لمتعهد مطمر النفايات في الجديدة داني خوري بتأمين الحماية الأمنية لعماله من نابشي النفايات الذين يتسللون الى المطمر بهدف جمع المواد القابلة لإعادة التدوير والبيع، ومهما قيل لأهالي المتن الشمالي وكسروان عن أن مطمر الجديدة المقفل سيفتح، وأن المشكلة حُلّت وان النفايات سترفع من أمام منازلهم وشوارعهم، لن تحلّ المشكلة إلا لأيام قليلة جداً، ولن يفتح مطمر الجديدة مجدداً إلا لأيام قليلة، إلا إذا اتخذ قرار على أعلى المستويات بتنفيذ عمليّة أمنية تنتهي بتوقيف نابشي النفايات حتى ولو كانت أعدادهم بالمئات، لمنعهم من التسلل الى المطمر وإعاقة عمل الآليات والجرافات من العمل. هذا القرار وبحسب مصادر متابعة للملف لم يتخذ بعد من قبل وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي الرافض كلياً لقرار كهذا، ولا من مديرية المخابرات في الجيش التي تعتبر أن المهمة من خارج صلاحياتها، وبما أن قراراً كهذا لم يصدر بعد، فهذا يعني أننا لا زلنا في صلب الأزمة حتى لو فتح المطمر اليوم بضغط سياسي واضح لتنفيس احتقان الناس من تكدس النفايات في الشوارع؛ لماذا؟ تجيب مصادر شركة خوري، "لأن المتعهد ليس بوارد أن يتحمل مسؤولية أي حادث قد يتكرر بين عماله ونابشي النفايات، وهو ليس مضطراً الى تحمّل التبعات القضائية والملاحقات القانونية التي قد تسببها إصابة أي عامل من عمّاله، أو أي شخص من النابشين خلال الإشكالات التي تحصل بين الطرفين"، وتضيف المصادر، "وماذا لو أدّت هذه الإشكالات الى سقوط قتيل لا سمح الله من الطرفين؟ عندها هل من أحد سيقبل أن يناقش في المسؤولية القانونية لجريمة القتل؟! أم أن السهام ستوجه الى شركة خوري وستحوّل صاحبها من متعهد الى قاتل"؟.
تخيلوا أن مشكلة بهذا الحجم حُلّت بترقيعة وعلى طريقة المّسكّنات، أي بإتصالات قادها النائب أبراهيم كنعان مع رئيس إتحاد بلديات كسروان جوان حبيش ورئيس بلدية الجديدة انطوان جباره، وبوعود أعطيت للمتعهد بنشر حوالى 20 شرطياً بلدياً في المطمر لمنع دخول النابشين اليه، وكأن هؤلاء سيتمكنون من منع المئات منهم ومن جنسيات مختلفة من دخول المطمر أو كأن هناك شرطياً بلدياً واحداً سيتحمل روائح المطمر الذي تطمر فيه النفايات كما هي ومن دون فرز، عندما تشتد حرارة الصيف؟.
تخيلوا أيضاً أن خبر التوصل الى حلّ بين كنعان وحبيش وجباره، سُرّب بعد ظهر أمس الى وسائل الإعلام في الوقت الذي كان فيه المهندس المسؤول عن المطمر في شركة خوري توفيق قزموز يجتمع مع مسؤولين من بلدية الجديدة وإتحاد بلديات كسروان لمناقشة الخطة التي ستعتمد اليوم لفتح المطمر؟!.
وكأن الهدف من كل هذا المشهد، كان تسريب الخبر الى أهالي المتن وكسروان وإستثماره سياسياً.
نعم، بدلاً من البحث عن حلّ لفرز النفايات التي تطمر كما هي بسبب تدمير معمل الكرنتينا بعد إنفجار المرفأ، وبدلاً من الإستفادة من بيع البلاستيك والألومينيوم والكرتون والحديد وغيرهم بما يعرف بالـfreshدولار، بدلاً من التفكير بحلٍ قبل وقوع الكارثة بعد 6 أشهر وإمتلاء الخلية الحديثة في مطمر الجديدة، هناك من في كسروان والمتن من يستثمر ويهلّل لإعادة فتح المطمر، حتى لو أن المهللين أنفسهم يعرفون بأن حلّهم هو مجرد ترقيعة ولن يدوم طويلاً.