بعد المبادرة التي أطلقها رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، في مؤتمره الصحافي، لناحية الطلب العلني من أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله الدخول كـ"حكم" في الملف الحكومي، وضع الكثير من المراقبين الأمر في إطار إحراج الحزب، غير الراغب في الدخول بشكل مباشر على خط الأزمة الحكومية، خصوصاً أن السجالات باتت بين حليفيه الأساسيين، أي "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل".
في هذا السياق، قد يكون من الضروري التذكير بأن الحزب سعى، طول الأشهر الماضية، إلى البقاء في الموقع المحايد، غير الراغب في الدخول بأي صدام مع أي فريق سياسي بسبب الملف الحكومي، لكن مع الإلتزام بالخطوط الحمراء التي كان قد رفعها خلال مرحلة تكليف السفير اللبناني في برلين مصطفى أديب، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يستمر بعد مؤتمر باسيل، نظراً إلى أن طلب التدخل كان علنياً.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الحزب لا يمكن أن يتجاهل دعوة حليفه، حتى ولو كان قد قرر عدم التعليق عليها في العلن، على الأقل حتى الآن، نظراً إلى أنها ستكون موضع متابعة على المستوى الداخلي بين الحليفين، بالتزامن مع إنتظار العديد من الأفرقاء المعنيين بالملف الحكومي، خصوصاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ما سيصدر عن الحزب في هذا الإطار.
وتلفت هذه المصادر إلى أن الخيارات قد تكون محدودة على هذا الصعيد، لكن أقلها كلفة من المرجح أن يكون الإستمرار في دعم مبادرة بري مع دخول أكبر من جانب الحزب على الخط، لا سيما أنه، بعد حرب البيانات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس النيابي، بات على الحزب أن يلعب دوراً في ترتيب العلاقة بين الحلفاء، أكثر من السعي إلى تشكيل الحكومة.
وترى المصادر نفسها أن الخطوة التي قام بها الحزب، خلال مرحلة تأليف حكومة تصريف الأعمال الحالية، عندما أعلن الإنسحاب من المفاوضات بسبب الخلافات بين حلفائه على الحصص، الأمر الذي قاد إلى الإتفاق على تأليفها بعد ساعات من من ذلك، لا يمكن أن تتكرر اليومبسبب الإختلاف في الظروف والمعطيات التي تحيط بالملف الحكومي.
بالعودة إلى مسألة الإحراج التي سببها باسيل، تشير المصادر السياسية المتابعة إلى أن "حزب الله" سبق له أن عبر عن إمتعاضه، على لسان السيد نصرالله، من الرسائل التي توجه له عبر وسائل الإعلام من قبل "التيار الوطني الحر"، لكنها في المقابل تسأل: "هل التيار وحده من يوجه الرسائل إلى الحزب"؟، لتؤكد أن السجالات التي تظهر، لا سيما عبر مواقع التواصل الإجتماعي، توضح أن المسألة أعقد من ذلك.
وتلفت هذه المصادر إلى أن الحزب بات مطالباً، أكثر من أي وقت مضى، من قبل العديد من حلفائه بالتحرك، خصوصاً أن مسألة تكليف الحريري لم تكن موضع إجماع لدى قوى الثامن من آذار، كما هو الأمر بالنسبة إلى الإستمرار في دعمه، وتشير إلى أن الرسائل التي توجه إلى رئيس المجلس النيابي في هذا الشأن من قبل قوى وشخصيات من 8 آذار، كان أبرزها تلك التي وجهها رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب، الذي توجه إلى بري بالسؤال عما إذا كان عيّن رئيس الحكومة المكلف قائداً لهذه القوى.
في المحصّلة، تشدد المصادر نفسها على أن ما ينبغي التوقف عنده هو عدم وجود تحالف يمثل الأكثرية النّيابية بالمعنى الحرفي للكلمة في المرحلة الراهنة، كما أن الحديث عن إستمرار تحالف قوى الثامن من آذار غير واقعي، نظراً إلى أن المواجهة السياسية في البلاد باتت في مكان آخر، خصوصاً بعد التحول الذي حصل في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019.