طبعاً ما مرّ على لبنان منذ ما بعد ثورة 17 تشرين الأولّ 2019 ليس بالأمر السهل، فخلال سنتين عاش اللبنانيون كارثة حقيقية عنوانها خروج المليارات من لبنان، تجميد ودئع الناس في المصارف، إرتفاع جنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة، بمعنى آخر "إنهيار نقدي حقيقي"... وبقيت الكرة تتقاذف بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والنيابة العامة التمييزية فيما يتعلّق بالتحاويل الى الخارج الى أن فجّرت النيابة العامة السويسرية "القنبلة" في وجه الجميع شارحةً أن عملية "إختلاس" حصلت في المصرف المركزي.
السنوات تمرّ ورياض سلامة لا يزال على رأس حاكميّة مصرف لبنان في وقت هو مشتبه به في سويسرا وفرنسا بعمليّات إختلاس أموال كما ذكرت المراسلة السويسرية، وكما قالت جمعية الشيربا الفرنسيّة في بيانها ولبنان ذاهب الى مزيد من الإنهيار، وفي خضمّ هذا كلّه قامت وزيرة العدل ماري كلود نجم بخطوة توجهت فيها الى رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب بكتاب شرحت فيها كلّ ما يجري مع سلامة من تحقيقات بحقّه في الداخل والخارج، ذاكرة أنه يقتضي البحث في الوضع الراهن للمصرف المركزي في ضوء الواقع المالي المُتردّي، وفي استمرار حاكم المصرف المركزي في وظيفته في ظلّ وجود شبهات جدّية وخطيرة ومتعدّدة المصادر بحقّه، محلّياً ودولياً.
واضافت: "وبما أنّ الواقع المعروض أعلاه يتّصف بطابع العجلة والضرورة الذي يُحتّم على السلطة التنفيذية حتّى في ظلّ حكومة تصريف أعمال اتخاذ الإجراءات اللازمة حفاظاً على سلامة النقد الوطني من المزيد من الانهيار وحفاظاً على سمعة الدولة وهيبتها، صوناً للمصلحة العامة".
بحسب قانون النقد والتسليف المادة 18 منه يعيّن الحاكم لست سنوات بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الماليّة، إذا مجلس الوزراء هو السلطة المخوّلة تعيين حاكم مصرف لبنان وهي نفسها المخولة إقالته. من هنا لجأت وزيرة العدل وبحسب المصادر الى "اقتراح دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد للبحث في الوضع المعروض أعلاه في ضوء أحكام قانون النقد والتسليف وسائر النصوص القانونية ذات الصلة، إذاً هي طالبت مجلس الوزراء أن يقوم بواجباته على ضوء كلّ المعطيات الموجودة، أي أن تنعقد حكومة تصريف الاعمال وأن تتخذ قراراً في وضع حاكم مصرف لبنان".
تذهب المصادر أبعد من ذلك لتشير الى أن "المادة 19 من قانون النقد والتسليف تشير الى أنه لا يُمكن إقالة الحاكم من وظيفته الا لعجز صحي مثبت حسب الأصول أو لاخلال بواجبات وظيفته في ما عناه الفصل الأول من الباب الثالث (من الكتاب الثاني) من قانون العقوبات أو لمخالفة أحكام المادة 20 أو لخطأ في تسيير الأعمال". وتشير المصادر الى أن "آلية الحاكم واضحة بالنص القانوني ووزيرة العدل اعتمدت عليها في كتابها"، لافتة الى أن "سلامة أساء الى الوضع المالي في البلد"، مؤكّدة أن "هناك واجبات على الحكومة وعلى مجلس النواب فيما بتعلق بالسياسة الماليّة بالبلد ولكن لمصرف لبنان دور أساسي أيضاً".
تذهب المصادر لتشدّد على أن "أسباب إقالة حاكم مصرف لبنان باتت كثيرة، منها ما يتعلق في الداخل اللبناني والوضع الذي وصل اليه البلد ومنها في الخارج، خصوصا وأن تعامل الخارج مع لبنان يقوم على الثقة وهناك تحاويل الى أميركا وسويسرا وهذه كلها تمر بالمصرف المركزي والحاكم مشتبه به، وإذا أراد لبنان إعادة بناء الثقة يجب الإنطلاق من هنا، أي إيجاد بديل لسلامة مع سياسة ماليّة بديلة لا ترك الفراغ في الحاكمية".
لا شكّ أن خطوة وزيرة العدل مهمّة جدا وهي وضعت رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب أمام مسؤولياته، ولا شك أيضاً أنه أمام مجلس الوزراء مسؤوليات مهمّة يجب القيام بها لا ترك البلد يذهب الى المجهول!.