ما سينفجر قريباً جداً من أزمة ناتجة عن وقف إستيراد المحروقات، لن يكون ككل الأزمات التي شهدها لبنان منذ سنوات وسنوات. نعم نقول الأزمة التي ستنتج عن توقف إستيراد المحروقات لا عن نفاذ هذه المادّة من السوق اللبناني، لأنّ في مستودعات المحطّات والشركات المستوردة والتجار والمهربين مئات الملايين من ليترات البنزين والمازوت المخزّنة، إما بهدف الإحتكار والبيع بأسعار مضاعفة عن الأسعار الحالية بعد رفع الدعم، وإما بسبب الهلع الذي يشعر به المواطنون من نفاد هاتين المادتين، وإما بهدف التهريب الى سوريا وتحقيق أرباح غير مشروعة بمئات الملايين من الدولارات.
"صحيح أن المخزون الموجود لدى الشركات المستوردة ولدى المنشآت النفطية التابعة لوزارة الطاقة لا يمكنه أن يخدم حاجة السوق لأكثر من 4 أو 5 أيام كحدّ أقصى" تقول مصادر تجمع الشركات المستوردة، وتضيف "لكن الأخطر من نفاد هذا المخزون يتمثّل باللامبالاة الرسميّة لإيجاد الحل، والتي يشعر بها المستوردون للمرة الأولى في تاريخهم. وفي هذا السياق تقول مصادر المستوردين، "هي المرة الأولى التي يبدو المسؤولون فيها وكأنهم لا يريدون حلاً للأزمة المرتقبة، وهي المرة الأولى التي يتوقف فيها الكلام بيننا وبين الرؤساء والوزراء المعنيين وكأنه لم يعد لديهم ما يقولونه لنا عن مصير الإعتمادات المتوقّفة في مصرف لبنان، أو كأنهم يريدون الإنفجار الإجتماعي على قاعدة إذا ما كبرت ما بتزغر". وفي المعلومات لا رئاسة الجمهورية تتّصل بالمستوردين، ولا رئاسة الحكومة او وزارة الطاقة، وعندما يبادر المستوردون الى الإتصال بمصرف لبنان يأتيهم الجواب إنّ الحاكم لم يعد لديه ما يعطيه أو يقوله وان المسألة أصبحت لدى رئاسة الحكومة.
لماذا يشعر المستوردون وأكثر من أي وقت مضى بأنّ ما من مسؤول واحد يريد تفادي إنفجار الأزمة هذه المرة؟ الجواب بحسب أوساطهم لأنّنا تقدمنا بإقتراح إستيراد كميات كبيرة من بنزين الـ98 أوكتان على أن يتم بيعها من دون أن تكون مدعومة، ولم يلقَ هذا الإقتراح آذاناً صاغية. كذلك تقدّمنا بإقتراح آخر مفاده أن تنظّم عمليّة بيع المحروقات عبر منصّة أبدت الشركات المستوردة نيّتها بإنشائها خلال أسابيع، وفيها تنظّم عمليّة بيع البنزين للسائقين وتخصّص لكل سائق حصّة شهريّة يمكن أن تقدّر، على سبيل المثال لا الحصر، بـ8 تنكات بنزين شهرياً، أيّ بمعدل تنكتين في الأسبوع، تباع 4 تنكات منها مع دعم وتباع الأربع المتبقية من دون الدعم، أو بدعم على سعر منصة مصرف لبنان، أي بدولار 3900 ليرة. أيضاً وأيضاً لم يتمّ التعاطي الرسمي بجدّية مع هذا الإقتراح.
لكل ما تقدّم ولأن الأمور باتت في غاية الضبابية، قرّر تجمع الشركات المستوردة التوقف عن الكلام والإدلاء بأيّ تصريح الى حين أن يتوضّح أكثر فاكثر المسار الذي يمكن أن تسلكه الأمور من اليوم وحتى الأيام القليلة المقبلة، وإذا كان الدعم سيرفع عن المحروقات أم لا أو أن مشكلة الإستيراد ستحل بطريقة سحرية ما أم لا، والى حين الحصول على جواب شافٍ ووافٍ تابعوا الإنفجار الإجتماعي الذي سببه ضريبة الدولارات الـ6 على إتصالات الواتساب في 17 تشرين 2019 والذي قد يسبّبه اليوم إنقطاع المحروقات!.