لفت الأمين العام لـ"حزب الله"السيد حسن نصرالله، إلى أنّ "في الأيّام والأسابيع القليلة الماضية، قرأنا وسمعنا تصريحات أميركيّة متعدّدة، عندما تُحاول أن تُبرّر للرأي العام الأميركي أو للكونغرس أو لجهات معيّنة سبب دعمها اللوجستي للجيش اللبناني، فإنّهم يقولون: "إنّما نَدعم الجيش اللبناني لأنّه الجهة الوحيدة القادرة على مواجهة "حزب الله"، وأحيانًا يقولون:"من أجل مواجهة حزب الله". بالأمس، كان تصريح لأحد القادة الكبار في الجيش الأميركي يقول إنّ: "حزب الله هو الّذي يقف عائق أمام تقوية الجيش اللبناني".
وأشار، في كلمة له، إلى أنّ "من الواضح هنا أنّنا أمام تحريض أميركي مكشوف، ليس في الجلسات المغلقة وإنّما في وسائل الإعلام، تحريض اللبنانيّين على بعضهم البعض، لأنّ هذا الجيش هو جيش لبناني والمقاومة هي مقاومة لبنانيّة و"حزب الله" هو حزب لبناني، ويتمّ تحريض اللبنانيّين على بعضهم، وهذا هو دأب السياسات الأميركيّة القائمة على نشر الفتنة والفوضى في بلادنا". وركّز على أنّ "الهدف الحقيقي من خلال هذا التحريض ليس فقط تحريض الجيش اللبناني، وإنّما هو تحريض المقاومة وجمهورها و"حزب الله"، من خلال إثارة الشكّ والريبة والمخاوف من تقوية الجيش اللبناني".
وأوضح السيد نصرالله "أنّنا أساسًا في كلّ مواقفنا وخطاباتنا، أنا وإخواني، وفي مواقفنا المعلَنة وغير المعلنة والعمليّة، كُنّا دائمًا نَدعو إلى تقوية الجيش اللبناني، وإلى مدّه بكلّ عناصر القوّة. كنّا نطالب أن يكون لديه سلاح جو حقيقي وقوي وقدرة صاروخيّة ودفاع جوي حقيقي، وأن يكون الجيش اللبناني قادرًا على الدفاع عن لبنان وعن سيادة لبنان وأرضه ومياهه وشعبه وكرامته، في مواجهة التهديدات الإسرائيليّة وفي مواجهة أيّ عدوان إسرائيلي، هذا كان دأبنا وهذا هو موقفنا".
وبيّن أنّ "حتّى في سلوكنا العملي، نحن الّذين سَعينا لدى بعض الدول الصديقة مثل الجمهورية الإسلامية في إيران أن تَمدّ يد المساعدة وأن تُقدّم السلاح والذخيرة للجيش اللبناني، وتمّ ترتيب زيارة لوزير الدفاع آنذاك، ولكن القرار السياسي اللبناني منع من حصول ذلك نتيجة حسابات تتّصل بالأميركيّين"، مؤكّدًا "أنّنا مع تقوية الجيش ولا يُقلقنا ولا يُثيرنا ولا يُثير فينا أيّ شكّ أو شبهة في هذا الأمر، حتّى ولو كان الّذي يقوم بتقوية الجيش هي الولايات المتحدة الأميركية".
ودعا إلى "مساندة الجيش ودعمه محليًّا"، معلنًا "أنّنا نرى في مؤسسة الجيش اللبناني، إلى جانب الأجهزة والمؤسّسات الأمنيّة اللبنانيّة الأخرى الّتي تقوم بجهود محترمة ومُقدَّرة، ولكن في نهاية المطاف وفي حقيقة الأمر إنّ الجيش اللبناني هو الضمانة الحقيقيّة للأمن والاستقرار في لبنان وأيضًا لوحدته، لأنّه توجد بدايات مُقلقة باتجاه لبنان أو باتجاه المنطقة، في ما يتعلّق بالوحدة الجغرافية لهذا البلد أو لذاك البلد؛ نحن هكذا نَنظر إلى مؤسّسة الجيش اللبناني".
كما ذكر نصرالله "أنّنا نرى أنّ الجيش اللبناني دائمًا في ثقافتنا هو جزء أساسي من المعادلة الذهبيّة لقوّة لبنان "الجيش والشعب والمقاومة"، وأيّ تحريض من هذا النوع لا يُثير فينا قلقًا لأساب عدّة، منها: أنّ قيادة الجيش وضبّاطه ورتباءه وأبناءه وجنوده هم أبناء هذا الشعب، والمقاومة في لبنان هم أيضًا أبناء هذا الشعب، ونحن ننتمي إلى الشعب نفسه وإلى العائلات نفسها، ولا يُتوقّع أنّ مؤسّسة وطنيّة من هذا النوع أن تَقبل تحريضًا من هذا النوع، وأيضًا العقيدة الوطنيّة للجيش اللبناني، وأيضًا أنّه مؤسّسة عسكريّة في لبنان تابعة للسلطة السياسيّة، ليست سلطة قائمة بذاتها ويُمكن أن تعمل بمعزل عن السلطة السياسيّة".
ورأى أنّ "الّذي يُعيق في الحقيقة تقوية الجيش اللبناني على كلّ صعيد هي الإدارة الأميركية، الّتي تُقدّم له بعض المساعدة، ولكنّها تَمنع من أن تَصل إليه الكثير من المساعدات الحقيقيّة من دول المنطقة ومن دول العالم، لأنّ الإدارة الأميركيّة تخشى من هذا الجيش، الّذي لو تمّ تسليحه بقدرات حقيقيّة وبما يمتلك من عقيدة وطنيّة وبما يمتلك بشريًّا من ثقافة، هي ثقافة هذا الشعب اللبناني الّذي يرفض العدوان والتهديد والإذلال، هي تخاف من هذا الجيش، من أن يكون في موقع حقيقي وجاد في مواجهة ربيبتها وحبيبتها وصاحبتها إسرائيل في المنطقة".
وشدّد على أنّ "الّذي يعيق والّذي يُعطّل والّذي لا يَسمح أن يُصبح هذا الجيش قويًّا هي الإدارة الأميركيّة، من خلال فيتواتها ومَنعها وإجراءاتها المعروفة لدى المسؤولين في لبنان ولدى الشعب اللبناني، فلا يجوز أن تُحملنا نحن هذه المسؤوليّة، وهذا شكل من أشكال التضليل الّذي تُمارسه الإدارة الأميركيّة تجاه الشعب اللبناني". ولفت إلى أنّ "اليوم، هذه المؤسّسة الوطنيّة بحاجة إلى دعم الجميع، دعم السلطة بالدرجة الأولى، وإلى دعم الجميع واحتضان الجميع، لكي تساعد من حيث هي ضمانة حقيقيّة للحفاظ على الأمن والاستقرار ووحدة لبنان أمام الظروف الصعبة الّتي نتّجه إليها".
في الملف الحكومي، ركّز نصرالله على أنّه "عندما تمرّ أكثر من ثمانية أشهر ولا تشكَّل حكومة، يعني في مكان ما هناك تعطيل لتشكيل الحكومة. طبعًا في بلد يفتقد فيه بعض الناس للإنصاف، وبعض الناس يستغلّون كلّ حدث لتشويه صورة خصومهم، أو لتشويه صورة الآخرين، أو لتصفية الحسابات السياسيّة، يصبح الباب مفتوحًا أمام الكلام على عواهنه"، مبيّنًا أنّ "البعض ما زال مصرًّا حتّى الآن على أنّ يكتب ويصرّح ويقول ويحمّل المسؤولية لإيران و"حزب الله" في عدم تشكيل الحكومة. البعض يقول إنّ إيران طلبت من "حزب الله" عدم السماح بتشكيل حكومة في لبنان، بانتظار مفاوضات فيينا النوويّة".
وفسّر أنّ "إيران أصلًا في فيينا، لمعلوماتهم هؤلاء إذا لديهم معلومات يتحدّثون بخيالات وأوهام يستطيع الفرد أن يتحدّث بما يريد، في فيينا لا يوجد حديث إلّا بالنووي، وأي أمر آخر "ما في". كما انّ إيران كانت ترفض وما زالت وستبقى ترفض أن يفتح معها الملفّات الأخرى، أصلًا الأميركيّون أصحابكم أصدقاؤكم هم الّذين يحاولون رهن الملف اللبناني، وملفات المنطقة بالمفاوضات مع إيران". وأشار إلى أنّ "إيران هي الّتي ترفض ولا تقبل أن تفاوض لا على الصواريخ البالستية ولا على ملفّات المنطقة، وتصرّ على أن تحصر المفاوضات والمحادثات فقط في الجانب النووي. ولا أحد يقترب صوب لبنان، ولا أحد يذكر لبنان، ولا أحد منتبه للبنان، ولا أصلًا لبنان يقدّم أو يؤخّر شيئًا في المفاوضات النوويّة الجارية في فيينا".
وفي موضوع المحادثات السعوديّة- الإيرانيّة، أوضح أنّ "في كلّ المحادثات السعوديّة الإيرانيّة لم يتمّ الحديث عن لبنان، لا الإيراني أصلًا في وارد فتح بحث لبنان، ولا السعودي تطرّق إلى لبنان للإنصاف؛ كان التركيز على العلاقات الثنائيّة. نعم السعودي فتح ملف اليمن، لأنّ مشكلته الحقيقيّة الآن وأولويّته هي معالجة المأزق الّذي ورّط نفسه فيه من خلال عدوانه على اليمن. أمّا لبنان لم يتحدّث عنه أحد ولم يقاربه أحد، ولن يقدّم ولن يؤخر بكلّ ما يسمّى محادثات سعوديّة إيرانيّة أو تفاهمات وتوافقات سعوديّة إيرانيّة".
وأكّد الأمين العام لـ"حزب الله" أنّ "الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران لا تفاوض نيابةً عن أحد أبدًا لا عن اللبناني في لبنان، ولا عن السوري في سوريا، ولا عن الفلسطيني في فلسطين، ولا عن اليمني في اليمن، ولا عن العراقي في العراق، ولا عن البحريني في البحرين، ولا عن الأفغاني في أفغانستان؛ هي لا تفاوض بالنيابة عن أحد. نعم هي حاضرة أن تقدّم المساعدة إذا طلب منها صديق، ولذلك أنا أتمنّى من هؤلاء الّذين يحاولون دائمًا تحميل المسؤوليّة ليكون هذا واضحًا".
وذكّر بـ"أنّنا دائمًا كنّا نرفض أيّ فراغ حكومي في البلد، للتذكير عندما حصلت المظاهرات الكبيرة في 17 تشرين الأوّل 2019، أنا وقفت والمظاهرات كانت كبيرة والحكومة اهتزّت، قلت بكلّ صراحة، نحن نرفض إسقاط العهد كما كانوا يطالبون، نرفض انتخابات مبكّرة، ونرفض استقالة الحكومة. كنّا مع بقاء حكومة سعد الحريري في ذلك الحين، ولكنّ الحريري بعد أيّام استقال"، لافتًا إلى أنّ "بعد استقالته، سعينا كثيرًا للتوافق على رئيس حكومة لم نصل إلى نتيجة، وتمّ تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وسعينا لأن تشكّل حكومة من الجميع وأن يتحمّل الجميع المسؤوليّة، لكن لم يحصل التوفيق. لكي لا يكون هناك فراغ، قبلنا بحكومة من لون واحد، أو شبه لون واحد، وكنّا نرفض ذلك دائمًا هربًا من الفراغ".
إلى ذلك، أفاد بأنّ "بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، والظروف الّتي أحاطت بحكومة حسان دياب، الكل يعرف أنّنا كنّا نرفض استقالة تلك الحكومة، وبعد استقالتها كنّا دائما ندعو إلى تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن. إنّ اتهامنا دائمًا بأنّنا لا نريد أو نعطّل، أو أنّ مصلحتنا هو في أن لا تكون حكومة في لبنان هو افتراء وظلم وتضليل وعدوان بكلّ ما للكلمة من معنى، مِن قبل هؤلاء الّذين يكتبون ويقولون ويتهمّون، وهم يعرفون أنّهم كاذبون وظالمون ومزوّرون ومتّهمون زورًا".
ورأى نصرالله أنّ "هؤلاء في الحقيقة لا يعنيهم لا آلام الشعب اللبناني ولا معاناة الشعب اللبناني، ولا كلّ هذا الذلّ الّذي يعيشه الناس في الطرقات، وإنّما هؤلاء يشتغلون أدوات وكتبة عند الخارج ويقبضون أموالًا في مقابل هذه الاتهامات، أو في أحسن الأحوال هم أشخاص حاقدون غارقون في أهوائهم الشخصيّة وحساباتهم الحزبيّة. ولذلك مع غيرنا أيضًا عندما يوجّهون أسهم الاتهام شمالًا أو يمينًا وظلمًا ومن دون دليل أيضًا يأتي في هذا السياق"، مشدّدًا على "أنّنا لا ننتظر المساعدة من الخارج، ولا يجوز للبنانيّين ولا ينبغي لهم أن ينتظروا المساعدة من الخارج، بل يجب أن تتكاتف كلّ الجهود في الداخل لتتشكّل الحكومة وليخرج البلد من هذا المأزق".
وشرح أنّ "منذ تكليف الحريري بتشكيل الحكومة الّتي لم تشكَّل حتّى الآن، نحن كنّا حريصين على التشكيل في أسرع وقت ممكن، وكنّا نساعد قدر استطاعتنا. أنا شخصيًّا أوّل من دعا وبشكل واضح إلى الاستعانة بصديق، وسمّيت هذا الصديق وقلت رئيس مجلس النواب نبيه بري، لما يملك من موقعيّة ومن مميّزات وصفات. وهو كان قد بدأ في كلّ الأحوال، هو لم يكن ينتظر دعوة منّي أو من غيري، ولكن بالتأكيد دعوتي هي دعوة مشجّعة، وخصوصًا الوعد من "حزب الله" بأنّنا سنكون مساندين ومساعدين في هذا الجهد وفي هذه المبادرة".
وركّز على أنّ "بالفعل هذا الجهد وهذه المبادرة الّتي قام بها بري ومازال قائمًا بها مشكورًا، أدّت أن نصل مع الجهات المختلفة إلى نقطة مهمّة يمكن البناء عليها، وهي الاتفاق على عدد الحكومة أن يكون 24 وزيرًا، لأنّه كان مطروحًا 14 و18، وكان رئيس الحكومة المكلف متشدّدًا في موضوع الـ18 وزيرًا". وكشف أنّ "في كل الأحوال، جرى توافق على موضوع الـ24 وزيرًا، وأيضًا تمّ الاتفاق على توزيع الحقائب كأعداد على الجهات والطوائف لأنّ هذه تركيبة البلد، وحتّى في توزيع الحقائب يمكننا القول هناك بعض النقاش نهائي". وبيّن أنّ "بشكل عام هذه المرحلة أنجزت خلال الأسابيع الماضية، من خلال الجهد الذي حصل من قبل "حركة أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، واللقاءات المشتركة الّتي عُقدت ما قبل السجالات السياسيّة والإعلاميّة الأخيرة".
وأشار إلى أنّه "قيل في الأدبيات السياسيّة والإعلاميّة أنّه تمّ الاتفاق على حكومة ثلاث "ثمانات"، هذه قصة الثلاث ثمانات أدّت لالتباس -لأنّنا نحن لم نستخدم هذه الأدبيّات- عند بعض الأصدقاء أو بعض المحلّلين السياسيّين أو المتابعين السياسيّين في لبنان، وأنّ هذه مثالثة وشكل من أشكال المثالثة. طبعًا عندما تقول مثالثة يبدأ الإحساس بالخطر، ذاهبين لعرف جديد وتغيير النظام، لتغيير الأعراف السياسيّة أو الدستوريّة القائمة، ولا أعرف إن كان يصحّ تعبير عرف دستوري وما شاكل، وبالتالي تتولّد أوهام وتبنى على مواقف سياسيّة خاطئة". وجزم أنّ "أصلًا تعبير "ثلاث ثمانات" هو تعبير غير صحيح، والـ24 وزيرًا بناءً على التوزيع الّذي تمّ التفاهم عليه باستثناء الوزيرين المسيحيين اللذان بقيا عالقين، لا يوجد ثلاث ثمانات أصلًا، غير صحيح هذا التقسيم".
ولفت نصرالله إلى أنّ "بتجربة حكومة حسان دياب، وبتجربة حكومة الحريري السابقة، وبتجربة الحكومات السابقة كلّ العالم، النّاس تجلس على الطاولة في مجلس الوزراء، تجد حتّى الّذين يسمّون حليف وحليف الحليف وحليف حليف الحليف كلّ واحد يصوّت بشكل مختلف، لأنّ كلّ واحد يصوّت حسبما يقتنع في القضايا والشؤون اللبنانيّة، وبالتالي ليس صحيحًا أن تقول إنّ هذا ثلثٌ للشيعة، وكذلك عندما تكون ثمانية تقول هذا ثلثٌ للسنة، على أي أساس؟". وتساءل: "إذا افترضنا خمسة وزراء سنة مع رئيس الحكومة، مَن تحسبون معهم ليصبحوا ثمانية؟ الوزير المحسوب على "الحزب التقدمي الاشتراكي"؟ هل قرار الحزب التقدمي عند "تيار المستقبل"؟ وبهكذا ظروف؟ الكل يعلم أنّه ليس كذلك. فضلًا عن الوزيرين المسيحين اللذين لم يحسما حتّى الآن، لنقول إنّ هؤلاء ثمانية من حصّة الطائفة السنية الكريمة".
كما فسّر أنّه "حتّى عندما نذهب إلى الثمانية – ويمكن من هنا جاءت الشبهة – أنّ هذه حصّة الرئيس والتيار. الكل يعرف أنّ "حزب الطاشناق" بكثير من المواقف هو لا يصوّت مثل ما يصوّت "التيار الوطني الحر". بتكليف الحريري، "الطاشناق" لم يكن موقفه مثل موقف التيار، وبكثير من القضايا داخل الحكومة، "الطاشناق" يقول رأيه". وشدّد على أنّ "أصل قصة "ثلاث ثمانات" هي تشبيه خاطئ، لا يوجد شيء اسمه في الأربع وعشرين وزيرًا "ثلاث ثمانات"، حتّى تنشأ عند البعض شبهة أنّ هذا شكل من أشكال المثالثة ويتمّ الاتهام، وعادةً يجري اتهام الفريق الشيعي أنّه يريد المثالثة ويدفع الأمور باتجاه المثالثة".
في سياق متّصل، ذكر "أنّنا سمعنا ردود فعل سريعة طبعًا على الدعوة الّتي وُجهت يوم الأحد الماضي من قِبل رئيس "التيار الوطني" النائب جبران باسيل. يعني مباشرةً بعد الانتهاء من خطابه، هناك أناس ظهروا على التلفاز، رؤساء أحزاب وشخصيّات ونوّاب ووزراء سابقون وإعلاميّون وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي وسمعنا الكثير من اللغة السياسيّة والشتائم والتكفير السياسي، وأيضًا الكثير من اللغة الطائفيّة البغيضة وبعض اللغة العنصريّة، عن أنّه كيف باسيل يقول هذا الشيء لفلان، الآن يمكنكم أن تأخذوها على الاعتبار السياسي، على الاعتبار الديني، على الاعتبار المذهبي، وهجموا على الرجل وعملوا داحس والغبراء".
وأوضح أنّ "باسيل لم يفوّض بكلّ جمله، وأصلاً لم يستخدم كلمة تفويض. الآن بمعزل عن هجومهم على من فوّض، لأنّه هنا المشكلة الأساسيّة كيف يفوّض زيد من الناس. هو لم يستخدم عبارة تفويض وليس فيما طلبه تفويض، وليس في طلبه تسليم أمر، بالعكس هو كان واضحًا وقال أنا لا أسلّم أمري ولا أمر من أمثّل، ليس هناك لا تفويض ولا تسليم أمر". وأفاد بأنّ "الالتباس جاء من كلمة "حَكَم"، إذًا لا يوجد تفويض ولا يوجد تسليم أمر ولا شيء، خير؟ هناك حليف يستعين بحليف، صديق يستعين بصديق، لا يفوّضه ولا يسلّمه أمره ولا يقول له خذ القرار الّذي تريده، لماذا هذه الحملة؟ هؤلاء لا يسمعون ولا يقرأون وإذا سمعوا أو قرأوا لا يعقلون ولا يفهمون، وإذا فهموا أو عقلوا ينكرون، لا يسلمون بالحقيقة، لماذا؟ لأنّ الأحقاد والضغائن والعنصريّة والطائفيّة تعمي العقول والقلوب وليس الأبصار فقط، هذا عمى".
وأشار نصرالله إلى أنّ "من هذا المدخل، أنا أقول فهمي للّذي طلبه باسيل أنّه من الطبيعي عندما تصل الأمور السياسيّة وحتّى الأمور العائليّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة إلى هذه المرحلة، من الطبيعي جدًّا أن يستعين بصديق، ونحن سبقنا إلى الاستعانة بصديق، إذًا هذا طبيعي. وأنا أقول أيضًا في جوابي إنّنا سنلبّي هذه الدعوة وبدأنا بتلبية هذه الدعوة، نعم نحن حليف ونحن صديق ونريد أن نلبّي هذه الدعوة وأن نمدّ يد المساعدة، وأن ندافع عن حقوق وحقّ كلّ لبناني له حقّ وهذا من واجباتنا أيضًا".
وأكّد أنّ "طبعًا لم يخطر في بالي ولا لحظة أنّ باسيل عندما أطلق هذه الدعوة، أنّه يريد الإيقاع بين "حزب الله" و"حركة أمل" على الإطلاق، لأنّه هو يعرف طبيعة العلاقة بين الحزب والحركة وهذا الأمر تناقشنا فيه طويلًا أنا وهو في الجلسات الداخليّة، وباسيل على ما أعرفه هو أذكى من أن يُقدم على خطوة من هذا النوع. الرجل ينظر إلى أزمة سياسيّة صعبة وكبيرة في لبنان، وهو يقوم بعمل طبيعي كما قمنا به نحن، كما يقوم به أيّ إنسان طبيعي في البلد وهو الاستعانة بصديق"، منوّهًا إلى "أنّني لا أريد أن أفتح ملفّات الماضي وأقول لهؤلاء الشتّامين والتكفيريّين السياسيّين الّذين كفّروه للرجل وللتيار بالأيّام القليلة الماضية، لا أريد أن أفتح الماضي وأقول بأيّ صديقٍ استعنتم وبأيّ عدو استعنتم، دعوا هذا ليوم آخر؛ وإن شاء الله لا نحتاج أن نفتح هكذا ملفّات".
وأعلن "أنّنا سنلبّي هذه الدعوة وبدأنا بتلبية هذه الدعوة"، شارحًا أنّ "هناك كلمة الحَكَم، "نقبل بك حَكمًا"، طبعًا أنا لا أستطيع القيام بدور الحَكم، فيما هو مطروح هذا ليس حكمًا، وهي عبارة على كل حالّ تعبّر عن مزيد من الثقة، لكن ليس المقصود منها المعنى الدقيق لها، لأنّه عندما أقول لشخص ما أو لجهة ما أنت حَكم، يعني أنا أسلّمه أمري وأفوّضه أمري وألتزم بقراره أيًّا يكن هذا القرار، والرجل لم يقل ذلك بل كان واضحًا وقال أنا لا يعني أنّني أسلّم أمري وأسلّم أمر مَن أُمثّلز ثانيًا، إن الحَكم يحتاج إلى قبول الجانبين وتفويضهما وتسليمهما، وهذا الأمر غير موجود وغير مطروح، وثالثًا أنا لست في موقع من يريد أن يلعب دور الحكم في مسائل من هذا النوع. في كلّ الأحول يمكن هذه العبارة ولّدت التباسًا عند بعض الناس".
إلى ذلك، أفاد بأنّ "نقطة أخرى وَردت في الخطاب ربّما أيضًا هي ولّدت التباسًا وأنا أعتبرها هي عبارة أخلاقيّة، بمعنى أنّنا عندما يطلب أحد من الآخر أن يساعده، يستعمل عبارة "أنا أقبل بما تقبل به". طبعًا أنا لا أنصح أحدًا بأن يتعاطى معنا على قاعدة "أنا أقبل بما تقبلون به لأنفسكم"، لأنّ ظروف "حزب الله" وأولويّاته مختلفة، ولذلك له ضمن هذه الأولويّات، سياسات وسلوك معيّن، في ما يتعلّق بالانتخابات وبالتمثيل في الحكومة ونوع التمثيل وحجمه، وفي ما يتعلّق بالإدارة وبالسلطة عمومًا في البلد، ولذلك هو يقبل لنفسه من هذا الموقع، وإلّا أنا لا أظنّ أنّ هناك قوّة سياسيّة في لبنان تمتلك حجمًا مشابهًا، تقبل لنفسها ما يقبل به "حزب الله"، إلّا إذا كانت تملك ظروفه وأولويّاته ومخلصة لهذه الأولويّات".
وركّز الأمين العام لـ"حزب الله"، إلى أنّ "المطروح هو في الحقيقة مساعدة صديق، هذا إن شاء الله نحن بدأنا الجهد فيه، هو على كلّ حال السجال الّذي حصل في الآونة الأخيرة أثّر على المبادرات القائمة. نحن من خلال إخواننا التقينا مع باسيل، واستمعنا أيضًا وتناقشنا بأفكار جديدة لمعالجة بقيّة النقاط العالقة. هناك نقاط أُنجزت، وأخرى عالقة وسنكمل هذا النقاش مع بري أو من خلال من يوفده، وأيضًا هو سيناقش مع الحريري كما كنّا نعمل سويًّا سنكمل سويًّا". ولفت إلى أنّ "باسيل استعان بي كصديق وأنا كنت قد استعنت ببري كصديق، ونحن كأصدقاء بمعزل الآن عن ما بين الأصدقاء وما بين الحلفاء، هذا الإطار هو الإطار الوحيد المتاح الطبيعي المنطقي الّذي يمكن أن يوصل إلى نتيجة، وكل هذه الجهود هدفها أن نصل إلى مكان يكون مرضيًّا لرئيس الجمهوريّة ميشال عون وللحريري، حتّى إذا تفاهما وتوافقا أمكن إخراج الحكومة إلى الوجود".
وأعلن "أنّنا أيضًا يمكن أن نقدّم أفكارًا جديدة لمعالجة بقيّة النقاط العالقة، لكن ما سيكون من أثر هذا النداء أو هذا الخطاب هو في الحقيقة بذل المزيد من الجهود. وأنا هنا أقول بكلّ وضوح نعم الوقت ضيّق، صحيح نحن لا نريد أن نسقف زمنيًّا حتّى لا تيأس الناس، ويجب دائمًا أن نتحلّى بالأمل، ودائمًا كنّا نقول إنّ المدخل الطبيعي للخروج من الأزمة ومعالجة المشاكل الّتي يعانيها الشعب اللبناني في كلّ المناطق اليوم هو إيجاد حكومة قادرة على اتخاذ القرارات، حتّى لو كانت قرارات صعبة أو غير شعبيّة". وأكّد "أنّنا في كلّ الأحوال سنبذل أقصى الجهد، وما نشاهده في الشارع، في محطات البنزين وفي موضوع الكهرباء وفي موضوع الدواء وفي موضوع الغذاء وفي موضوع الدعم وتخفيف الدعم أو رفع الدعم من معاناة شعبنا وأناسنا وأهلنا، يجب أن يكون حافزًا وضاغطًا أخلاقيًّا بالدرجة الأولى وإنسانيًّا ونفسيًّا على كلّ المعنيّين بتشكيل الحكومة للذهاب إلى تشكيل حكومة".
أمّا في ما يتعلّق بالأزمة المعيشيّة، فأشار إلى أنّ "اتصالات جرت بين الرئيس عون ودياب والوزراء المعنيين ومصرف لبنان إلخ... والّذي سمعناه اليوم في وسائل الإعلام أنّه تمّ توقيع قرار الإتفاق على إصدار قرار إستثنائي يسمح للمصرف المركزي بإصدار إعتمادات أو إقرار إعتمادات تؤمّن المشتقات النفطية من هنا إلى 3 أشهر. طبعًا إذا صدرت هذه الإعتمادات واستطاعت الشركات أن تأتي بمشتقات نفطيّة، أهم شيء أن يتابع هذا الأمر بكلّ الجديّة المطلوبة، حتّى في الحقيقة يكون هذا سبيل إلى معالجة المشكلة".
وذكّر بـ"أنّني وعدت وقلت كلمتي وما زلت عند وعدي وعند كلمتي، فأنا قلت إذا جاء وقت وأصبحت الدولة عاجزة أن تستورد مشتقّات نفطيّة خصوصا البنزين والمازوت، فنحن سنكون مضطرّين أن نذهب إلى إيران ونأتي بالبنزين والمازوت ونأتي بها إلى مقابل الشواطئ اللبنانية وليس شرط ميناء بيروت، حيث يصح أو يمكن نقل هذه المحمولات من البنزين ومن المازوت إلى لبنان، حتّى لو أنّ هذا الموضوع خلق لنا مشكلًا مع الدولة مع أنّ الدولة أصدقاؤنا".
وكشف نصرالله أنّ "للإستفادة من الوقت، وفي الوقت الّذي كنّا نبذل فيه جهدًا مع المسؤولين في الدولة، نحن لم نترك الموضوع، كنّا نبذل مع المسؤولين في الدولة من خلال اتصالاتنا واتصالات بقيّة القوى المعنيّة أيضًا لكي يعالَج هذا الموضوع من قبل الدولة، لأنّها هي المسؤولة وهي الّتي يجب أن تعالج. نحن قرّرنا أن نستفيد من الوقت، ولذلك كلّ المقدّمات الإداريّة واللوجستيّة لإنجاح خطوة من هذا النوع يعني المجيء بالبنزين والمازوت من إيران واستيعابه في لبنان وآليّة توزيعه ليصل إلى المواطنين". وأوضح أنّ "هذه المقدّمات نحن خلال الأيّام الماضية كلّها أنجزناها، يعني إذا وصلنا بشكل جدّي للنقطة الّتي تكلمت عنها أنا، وهي عجز الدولة اللبنانية أو تخلّيها عن المجيء بهذه المشتقّات النفطيّة، فنحن نحتاج إلى إذن التحرّك فقط، لنأتي بهذه المواد إلى لبنان. المقدّمات الإداريّة واللوجستيّة كلّها أنجزناها".
واشار الى ان "البلد ذاهب نحو رفع الدعم ومن دون قرار لأي حكومة. فلتشكل لجنة من كل الشركاء في الحكومات السابقة لمناقشة ترشيد الدعم او رفعه لأن المفروض أن يتحمل الكل المسؤولية".