لم يعد مصير الإنتخابات النيابية المنتظرة في العام 2022 مجهولاً كما كان في الأشهر القليلة الماضية. الإستحقاق الإنتخابي سيجرى في موعده والتمديد هو أمر غير وارد على الإطلاق، ليس لأن الطبقة السياسية حريصة كل الحرص على الدستور والديمقراطية وعلى عدم مخالفة القوانين وعلى الشرعية التي يعطيها الشعب لممثليه في السلطة التشريعية، بل لأن المجتمع الدولي قال كلمته على هذا الصعيد وقد أوصل رسالته وبوضوح الى جميع الرؤساء والوزراء المعنيين ومفادها، "إذا لم تُجرَ الإنتخابات النيابية في موعدها، لن يحصل لبنان على أي دعم مادي دولي، لا من أي دولة مباشرة على شكل مساعدات، ولا من صندوق النقد الدولي ولا من البنك الدولي أو البنوك الأوروبية والعربية التي تموّل عادةً مشاريع عدة في لبنان، تارةً على شكل قروض ميسّرة وطويلة الأمد وتارةً أخرى ولو بنسبة أقل من القروض، على شكل هبات".
هذا ما تبلغه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إضافة الى الوزراء المعنيين وعلى رأسهم وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، تقول مصادر متابعة للملف، وتضيف إن شرط إجراء الإنتخابات في موعدها بات أهم بكثير بالنسبة الى المجتمع الدولي من ملف تشكيل الحكومة، وحتى لو شكلت الحكومة وهو أمر بات من شبه المستحيلات، لن يساعد المجتمع الدولي لبنان للخروج من الإنهيار الحاصل، قبل أن يتأكد بأن الإنتخابات ستحصل وفي موعدها، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن الحديث بدأ عن تقريب موعد هذه الإنتخابات الى شهر آذار من العام 2022 وذلك كي لا يتزامن التحضير للعمليّة الإنتخابية في الشهر الأخير الذي يسبقها مع شهر رمضان المبارك الذي من المفترض أن يبدأ في أوائل نيسان من العام 2022 وينتهي في أوائل شهر أيار من العام المقبل، وبالتالي يرى المتابعون إن إجراء الإنتخابات في نهاية آذار أي بعد بداية فصل الربيع، يمنع تزامنها مع شهر الصوم لدى المسلمين.
ولأن حصول الإنتخابات أصبح من الأمور المحسومة بدأت الأحزاب والتيارات السياسية كما مجموعات المجتمع المدني بتحضير ماكيناتها الإنتخابية في كل الدوائر، ولكن إذا أجرينا مقارنة بسيطة بين المناطق، يتبين أن حماوة المعارك الإنتخابية المرتقبة تتفاوت كثيراً بين دائرة وأخرى. فبينما يخيم الهدوء على دوائر نفوذ حزب الله وحركة أمل في الجنوب والبقاع، يتوقع خبراء الإحصاء أن تكون المعارك الأقوى في الشارع المسيحي، وهنا يقول خبير إحصائي، هناك شهية غير مسبوقة على الترشيح في دوائر بيروت الأولى وكسروان-جبيل، لماذا؟ لأن إحتمال تحقيق التغيير في بيروت الأولى وارد أكثر من أي دائرة أخرى بسبب الحاصل الإنتخابي المنخفض الذي يجب أن تؤمنه اللائحة لحجز مقعد لها أو أكثر بين الفائزين، وهذا ما اكدته نتيجة النائب بولا يعقوبيان في إنتخابات العام 2018. أما في كسروان-جبيل، فمن المتوقع أن نشهد كثافة مرشحين ولوائح لأنّ التيار الوطني الحر تراجع شعبياً وكذلك هو وضع القوات، ولأنّ الخلاف وقع بين التيار والنائب شامل روكز ولأنّ تحالفه مع النائب نعمة افرام بات في خبر كان ولأنه تاريخياً يعاني من ضعف في الشخصيات التي يرشّحها في كسروان بإستثناء شخص العماد عون الذي مثّل المنطقة منذ العام 2005 وحتى إنتخابه رئيساً للجمهورية.
إذاً، الإنتخابات في موعدها، وقد تشكل منطلقاً لحلّ الأزمة، فهل ستشهد تغييراً حقيقياً شبيهاً بالذي يسجل في النقابات الكبرى؟.
سؤال لا يعرف جوابه إلا الناخبون.