لاريب أن تفاقم الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعيشية في لبنان، بلغ حداً كبيراً من التعقيد، يستوجب تفاهماً بين مختلف القوى المؤثرة في البلد، على آلية دستوريةٍ جديدةٍ، وتفاهمٍ سياسيٍ جديدٍ، لإدارة دفة الحكم في البلاد، تحظى برعاية إقليميةٍ ودوليةٍ، على غرار إتفاق الطائف 1989، الذي بات منتهياً الصلاحية. الأمر الذي يحتّم على المكونات اللبنانيين، التوصل الى تفاهمٍ لإبرام عقدٍ سياسيٍ جديد، لتنظيم شؤون البلد، بحسب رأي مرجعٍ سياسيٍ قي فريق الثامن من آذار.
ويرى أن الأوضاع آيلة في هذا الإتجاه، أي نحو (عقدٍ جديد)، قد يتم التفاهم عليه داخلياً وخارجياً، غداة إعادة توقيع الإتفاق النووي الإيراني، الذي صار في حكم المنجز، رغم بروز التباينات بين الجانبين الإيراني والأميركي، وفقاً لمعلومات المرجع المذكور. وفي الوقت عينه يجزم أن الطبقة السياسية التي تعاقبت على حكم البلد منذ منتصف ثمانينيات القرن الفائت، أصبحت بدورها في حكم المنتهية أيضاً، وأن لبنان مقبل على مرحلةٍ جديدةٍ، لا محال، على حد قول المرجع. ويرجح أن تبدأ بشائر هذه المرحلة بالظهور، إثر تسلم الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي، مقاليد الحكم في طهران. ويعتبر أن الطبقة المذكورة، أدركت سقوطها الحتمي، وهي الآن "تقاتل حتى الرمق الأخير"، في محاولةٍ لثبيت حضورها في المرحلة المقبلة، ولكن من دون جدوى، ودائماً برأي المرجع. ويلفت الى أن أركان الطبقة المذكورة، تستغل راهناً الوقت الضائع، ما قبل توقيع الإتفاق المرتقب، وإمكان توصل الجانبين الإيراني والسعودي الى تفاهمٍ على حلٍ لوقف الحرب على اليمن، وتعميق التفاهم بين دمشق والرياض، لإعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية والسياسية بينهما، فتحاول هذه الطبقة اللجوء الى إستخدام ورقة الفوضى الأمنية في الشارع، كما حدث مؤخراً في عدد من المناطق اللبنانية، أبرزها كان أعمال الشغب والتخريب التي حدثت في بيروت وطرابلس، للضغط على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لدفعه الى تقديم تنازلتٍ، تمكّن هذه الطبقة من الإستمرار في الإمساك في مفاصل الدولة، إذا تسنى لها ذلك، ووفقاً لحسابات هذه الطبقة، غير أنهم لا يعرفون حقيقة ثبات موقف الرئيس عون، وتصميمه على مكافحة الفساد والفاسدين، مهما بلغت الإثمان، يختم المرجع. وتعقيباً على ما ورد آنفاً، يعتبر مرجع في الشؤون الاستراتيجية أن لبنان متروك في المدى المنظور في ثلاجة الإنتظار، لأن الأولوية لدى القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في لبنان، تحديداً لدى كل من: الولايات المتحدة، وإيران، والسعودية، هي إبرام الإتفاق النووي الإيراني، وتنظيم طرق التجارة البحرية بين واشنطن وطهران، ووقف الحرب في اليمن. لذلك فان الملف اللبناني، ليس مطروحاً على طاولة البحث الجدي في الأروقة الدولية في المدى المنظور. ويجزم المرجع أن حزب الله وحلفاءه، سيكونوا حاضرين في أي تركبية سياسيةٍ جديدةٍ في لبنان والمنطقة، لما للحزب من حضور وتأثير داخلي وإقليمي، يختم المرجع.
بالإنتقال الى الشأن الحكومي والحديث عن إعادة تفعيل المبادرة الفرنسية بدعم أميركيٍ، يؤكد مصدر مسؤول في محور المقاومة، أن المبادرة الفرنسية تجددت مراراً، ولم تحقق أي خرقٍ في الجدار الحكومي، رافضاً الدخول في تفاصيل الوضع الحكومي. ويجزم أن الحل المرتجى للازمة السياسية والمالية، لن يتحقق بالآلية الدستورية عينها التي أسهمت في تسبب هذه الأزمة، كذلك لن يكون مع الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد الى ما هي عليه، يكتفي المصدر بإدلاء هذه الكلمات.
ويبدو أن النائب السابق وليد جنبلاط، كان من أول المستشعرين بالتغيير المرتقب، فزار القصر الجمهوري، ودعا الى تسويةٍ سياسيةٍ داخليةٍ وعربيةٍ، ثم اقدم على إنعطافةٍ سياسيةٍ جديدةٍ، تجاه حلفاء سورية والمقاومة، ألبسها لبوساً مذهبياً، تحت عنوان : "الحفاظ على وحدة الجبل والبيت الداخلي الدرزي"، غير انها في حقيقة الأمر، هي إعادة تموضع جديد مع النائب طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب، حلفي دمشق وحزب الله، من دون تنسيق مسبق بين رئيس "التقدمي الإشتراكي" وحليفيه التاريخيين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، الأمر الذي يسهم في إضعاف دورهما في المفاوضات الحكومية الراهنة، كذلك الأمر بالنسبة لحضورهما في أي مشهد سياسيٍ جديدٍ، خصوصاً في ضوء إستمرار الرفض السعودي لتولي الحريري أي حكومة جديدة في لبنان، ما سيؤدي الى تضعضع المنطومة الحاكمة، وقرب سقوطها برمتها.