باهتمام كبير تراقب تل ابيب "توجُّه لبنان الى الإنهيار الشامل"..هذا ما ذكرته منذ ايّام صحيفة "اسرائيل اليوم"، التي سألت "ما اذا كانت الحكومة "الإسرائيلية" استعدّت لمواجهة اليوم التالي لهذا الإنهيار"، عاكسة "النّشوة" التي اعترت اروقة الكيان وهي تتابع مضمون خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الأخير، حيث "لم يأتِ على ذكر "اسرائيل" او المواجهة في سبيل تحرير القدس، بل كان غارقا في كيفيّة تأمين الكهرباء والمازوت والبنزين للبنانيين – بحسب اشارة الصحيفة.
هو السيناريو البديل – او "الخطة ب" الذي عمل عليه الكيان العبري بمعيّة واشنطن وانظمة خليجيّة معروفة عن خيارات عسكريّة فشلت جميعها ضدّ "عدوّهم المشترك" حزب الله، ويأتي من ضمن مندرجات حصار "التجويع" تحت مسمّى قانون قيصر الذي فرضه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على سورية "للإقتصاص" من قيادتها التي كسرت مشروعهم في سورية والمنطقة.. ويبدو واضحا انّ الثنائي واشنطن-تل ابيب " ذاهبٌ الى النهاية" في سيناريو حصار لبنان، ويُعوّل على ان تتجاوز الأوضاع فيه مرحلة الفوضى نحو الإنفجار الكبير.. والأخطر من ذلك، انّ هناك على ما يبدو سعي اميركي للإطباق بشكل كامل على قرار قيادة الجيش اللبناني، من خلال إضعاف قدرات عديده نتيجة انعدام قيمة رواتب ضبّاطه وجنوده- وهو ما يسري بطبيعة الحال على سائر الأجهزة الأمنيّة اللبنانية-، كي يُصبح هذا الجيش مُرتهنا بالكامل للأوامر والشروط الأميركية.
وعليه، باشرت سفارات غربيّة وعربية في بيروت، بتشكيل "غرف عمليّات" بدأت العمل اعتبارا من اليوم" لمتابعة تطوّرات غير عاديّة يُتوقّع ان يشهدها لبنان"- وفق ما كشفت معلومات صحافية لبنانيّة، لفتت ايضا الى انّ "العمل الدّؤوب سيتركّز على مواكبة ما يجب فعله بصورة سريعة بالنسبة لأمن الدّبلوماسيين والرعايا واتخاذ القرارات المناسبة، وإخطار عواصمها بالتطورات".
وفي حين يزداد منسوب القلق من عمليّات "اسرائيلية" في لبنان- في اطار المعركة بين الحروب، في لحظة مفصليّة يعيشها البلد، وترى فيها "اسرائيل" فرصة "مؤاتية" لتسديد أهداف"مضمونة"في شباك ملعب المقاومة "المتهاوي"، وفي ذروة الخشية من انفجار اجتماعي خطير نتيجة الأزمة الإقتصادية والمعيشيّة الخانقة، وبالتالي حصول عمليّات امنيّة في غير منطقة لبنانيّة- خصوصا في عاصمة الشمال.. برز الدّخول الروسي اللافت الى الساحة اللبنانيّة.
لبنان الذي ترى فيه روسيا " خاصرة رخوة لسورية" بحيث انّ اي انزلاق للبنان نحو المجهول سيؤثّر حتما على سورية، لن ترضى ان تضيع كلّ انجازاتها على الأرض السوريّة فيما لو اتجهت الأوضاع في لبنان نحو "الإرتطام الكبير".. وهذا تماما ما حذّر منه ايضا المحلّل الفرنسي الكسندر لانجلوا- المتخصص في السياسة الخارجية، حيث نبّه من انّ تداعيات انهيار لبنان ستتجاوز حدوده، صوب سورية تحديدا،" فأيّ خضّات خطيرة في إحدى الدّولتَين ستطال الأخرى حتما".. وبالتالي، بدا واضحا خروج موسكو من موقع المراقب للأحداث والتطوّرات في لبنان، الى الإنخراط جدّيا في ازمته وهو البلد الخاضع لما يُشبه الوصاية الأميركية المباشرة.
من هنا، حطّ الوفد الرّوسي ثانية في بيروت قبل أيام قليلة، عارضا تقديم ما يحتاجه لبنان بتسهيلات كبيرة. بين بناء مصفاة محليّة لتكرير النّفط في الزهراني، والتعهّد بإنجازها بأسرع وقت ممكن، الى عرض إنشاء معملَي كهرباء من اصل ثلاثة اقرّتها الحكومة اللبنانية، وعرض ترميم مرفأ بيروت وتوسيعه كما بتوسيع مرفأ طرابلس.. يبقى السؤال" هل يجرؤ المسؤولون اللبنانيون قبول العرض الرّوسي بعيدا عن الخطوط الحُمر الأميركية"؟
ثمّة خبراء ومحلّلون صحافيون روس، يؤكدون انّ موسكو لن تبقى في موقع المتفرّج على انهيار لبنان، وتهديد كل ما انجزته في سورية منذ العام 2015، حتى ولو ادى ذلك الى مواجهة مع الأميركيين! بل ذهب احدهم الى الغمز من قناة ارسال موسكو لمقاتلات حديثة وحاملات صواريخ "كينجال" الفائقة للصّوت الى قاعدة القوات الجوية في حميميم لتبيان خيوط مرحلة هامّة مقبلة على المنطقة لن يكون الدور الروسي المُزمع حيال لبنان "مع الأخذ بعين الإعتبار كل الإحتمالات"، بعيدا عنها، وخصوصا "انّ رسالة المقاتلات التي تحمل هذه الصواريخ موجّهة بالدرجة الأولى الى الأميركيين والإسرائيليين"-وفق ما قال الخبير بارا نيتس مؤخرا الى موقع "! polit Russia".
تبقى السّاحة اللبنانية مشرّعة على كلّ الإحتمالات، وخروج الأوضاع عن السيطرة في عاصمة الشمال تحديدا، بات هاجسا مقلقا لدى الأجهزة الأمنيّة اللبنانية، حيث تُنذر المعطيات على الأرض بتطوّرات ساخنة يُتخوّف ان تستغلّها جهات "متشدّدة" لإشعال المدينة بعد تأكيد مصادر صحافية تورُّط الإستخبارات التركية بتسليح وتمويل مجموعات من الشبّان، والخشية من ان تتمدّد هذه التطوّرات الى مناطق اخرى، خصوصا وسط تعثُّر المفاوضات "النووية" بين واشنطن وطهران-اقلّه الى الآن، وطالما ان لا قرار اميركيا حتى اللحظة بالعودة الى الوراء، وبالتالي، فإنّ الضغوط الأميركية على لبنان من خلال الحصار المطبق، قد تتجاوز كلّ السّقوف.. ولكن!
يؤكد مصدران مقرّبان من فريق 8 آذار، انّ الجهات المعنيّة بالحصار في لبنان وحلفائها في الإقليم، وبغطاء روسي، تجهّزوا لسيناريو مضاد فيما لو تجاوزت واشنطن كلّ الخطوط الحمر.. من هنا يترقّب محللّون ومراقبون مرحلة ساخنة في اماكن الإحتلال الأميركي في سورية والعراق تحديدا، وبرزت اولى اشاراتها في الرّد السريع على العدوان الأميركي الذي استهدف قوّات للحشد الشعبي العراقي على الحدود السورية-العراقية فجر الإثنين الماضي، حيث تمّ استهداف قاعدة عسكرية اميركية في حقل العمر النفطي بريف دير الزّور، برزمة من القذائف الصاروخية بعد ساعات فقط على العدوان الأميركي.. ورغم حرص الدوائر الأميركية على نفي اي أضرار أو إصابات لحقت بجنودها جرّاء الهجوم، الا انّ المروحيّات الأميركية التي حلّقت بكثافة فوق المكان المُستهدف، أجلت قتلى وجرحى في صفوف الجنود الأميركيين- بحسب تأكيد مصدر في ميليشيا "قسد" لمراسل وكالة "سبوتنيك" الروسية، فيما المح عناصر في الميليشيا المذكورة، الى سقوط 3 قتلى اميركيين وتسعة جرحى في صفوفها، بعضهم اصاباتهم بليغة.
هي رسالة فهمتها الإدارة الأميركية جيدا..خصوصا انها اُلحقت بأخرى وصلت الى سفارتها في بيروت ومنها الى واشنطن، ومفادها "انّ الهجوم على قاعدة حقل العمر ليس سوى باكورة هجمات قادمة وشيكة على باقي القواعد العسكرية الأميركية، ستكون اكثر إيلاما- وفق ما نُقل عن رئيس المخابرات التشيكي السابق الجنرال اندرو شاندور، الذي رجّح ضربة يمنيّة جهّزتها حركة "انصار الله" ضدّ هدف استراتيجي في قلب العاصمة السعودية تطاله للمرّة الأولى.. وهو ما يتطابق مع ما رجّحه قائد القوات الأميركية المركزية كينيث ماكينزي منذ اسبوعين خلال مقابلة مع فضائيّة مصريّة، متوقعا هجوما جويّا مرتقبا للحركة وصفه ب " الحدث الفظيع" في السعودية!
وعلى وقع معلومات سُرّبت عن مصدر في موقع "نورديك مونيتور" السويدي، كشف-نقلا عن مسؤولَين روس بارزَين في موسكو، انّ الأخيرة ابلغت احد الدبلوماسيين الأميركيين بضرورة رفع الحصار عن لبنان لأن طهران لن تسمح بالإطباق على حزب الله وبيئته في لبنان، واوضح المصدر –استنادا الى ما اسماه –" تقارير اصدقاء في المنطقة"، انّ الرّد على الحرب الأميركية عبر حصار لبنان، سيكون خطيرا وسيلفّ كل القواعد الأميركية في المنطقة، حتى في دول الخليج، ملمّحا الى خطوة روسيّة وشيكة تجاه لبنان، تفاجئ دوائر القرار في واشنطن!