يوم أمس، قرر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الهروب من مسألة دفع لبنان 500 ألف يورو، لتمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، عبر الإدعاء بأن هذه الأموال عبارة عن هبة ستخصص لهذا الهدف، وذلك بعد أن كان قد أبلغ الأمين العام للامم المتحدة ورئاسة المحكمة الدولية، مراراً، عدم قدرة لبنان على تسديد مساهمته في تمويل المحكمة الخاصة.
ولاحقاً، تم تسريب معلومات، نقلاً عن دياب، مفادها أن "أطرافاً وجهات خاصة من رجال أعمال قامت بتقديم الهبة للحكومة، لدفع جزء من حصة لبنان للمحكمة وليس من الخزينة"، لكنه لم يذهب إلى الإعلان رسمياً عن هوية تلك الأطراف والجهات.
هذا التبرير من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال جاء بعد الإنتقادات القاسية التي تعرض لها بسبب هذه الخطوة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها جميع المواطنين، إلا أن دياب لم ينتبه إلى مجموعة من المسائلة القانونية التي تؤكد أن ما قام به غير قانوني ولا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال.
في هذا السياق، من الضروري التذكير بأن القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء يتضمن الفقرة التالية: "استعداد الحكومة اللبنانية تأمين مبلغاً قدره 500 ألف يورو كمساهمة منها في تمويل جزء من نفاقات المحكمة عن الفترة المحددة ما بين 31-7-2021 و31-12-2021، من خلال هبة تقدم إلى الهيئة العليا للإغاثة".
وبعيداً عن هذه الفقرة، على أهميتها، حيث أنها تؤكد إستعداد الحكومة لتأمين المبلغ المذكور كمساهمة منها في تمويل جزء من نفقات المحكمة، تطرح مصادر قانونية، عبر "النشرة"، الكثير من علامات الإستفهام حول الأصول التي اعتمدت في قبول الهبة، نظراً إلى أنّ صلاحية قبول الهبات أياً كانت باسم الدولة تقتصر بمجلس الوزراء، الذي يقرر بمرسوم قبول الهبات وانفاقها وفق السياسية العامة التي يرسمها للدولة.
وتشير هذه المصادر إلى أن المادة 52 من قانون المحاسبة العموميّة تنص على ضرورة أن تقبل بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء الأموال التي يقدمها للدولة، الأشخاص المعنويون والحقيقيون، وتقيد في قسم الواردات من الموازنة، الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن الموعد الذي عقدت فيه جلسة لمجلس الوزراء أقر فيه قبول هذه الهبة، بالإضافة إلى المرسوم الذي يحدد كيفية انفاقها.
من جانبه، يؤكد الخبير القانوني والدستوري عادل يمين، في حديث لـ"النشرة"، على ضرورة تطبيق الأمرين، أي انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لقبول الهبة ووجود المرسوم الذي يحدد كيفية انفاقها، لكنه يضيف على ذلك ضرورة الكشف عن الجهة التي قدمتها، نظراً إلى أنه لا يمكن قبول أي هبة مجهولة المصدر.
هذا الأمر الذي يؤكد عليه أيضاً وزير المالية السابق جورج قرم، في حديث لـ"النشرة"، الذي يلفت إلى أنه لا يمكن القبول بأي هبة من دون موافقة مجلس الوزراء، ويشير إلى أن هذا الأمر ضروري حتى ولو كانت حكومة تصريف أعمال، نظراً إلى أنه من المفترض أن تكمل مهامها بإتخاذ القرارات الضروريّة، من دون تجاهل أهميّة الكشف عن الجهة التي قدمت الهبة.
في المحصلة، طالما أن دياب قرر أن يكون تبرير ما حصل هو بالحديث عن هبة، عليه أن يخبر اللبنانيين عن الموعد الذي عقدت فيه جلسة لمجلس الوزراء تمت فيه الموافقة على قبول الهبة، من دون أن يتجاهل مسألة الكشف عن هوية المتبرعين أيضاً.