يوم أمس، أعلن تجمع أصحاب الصيدليات الإضراب العام والمفتوح، إعتبارا من صباح اليوم الجمعة، إلى حين إصدار وزارة الصحة لوائح الأدوية وتصنيفها بحسب الاتفاق مع المصرف المركزي.
طوال الفترة الماضية، كان المرضى يعانون من فقدان الأدوية، الأمر الذي أدى إلى العديد من الإشكالات مع الصيادلة، نظراً إلى أنهم لا يجدون أمامهم إلا هؤلاء لـ"فش خلقهم"، بينما المسؤولية في مكان آخر، حيث تبادل الإتهامات بين الوزارة والمصرف.
في هذا السياق، تشير مصادر التجمع، عبر "النشرة"، إلى أن المسؤولية تبدأ من النقابة، التي كان يجب أن تقدّم خطة إستبقاية، الأمر الذي ينعكس على واقع الصيادلة على نحو خطير. وتلفت إلى أن الصيادلة يبيعون على أساس سعر صرف 1500 ليرة، بينما أسعار كل السلع الأخرى في السوق في مكان مختلف كلياً، الأمر الذي قد يتطلب، بالحد الأدنى، رفع الجعالة.
وتوضح هذه المصادر إلى أن المطلوب ليس رفع الدعم بالضرورة، بل وضع خطة واضحة تحدد إلى أين ذاهبة الأمور. أما بالنسبة إلى مسألة فقدان الأدوية، فتشير المصادر نفسها إلى أن أحداً لا يعرف حقيقة ما يحصل، حيث الوزارة تنتظر معرفة المبلغ المرصود من قبل المصرف، بينما الأخير ينتظر منها أن تقدم لائحة له.
في الجانب المقابل، تشير مصادر معنية في القطاع، عبر "النشرة"، إلى أن المشكلة الأساس عند مصرف لبنان، الذي لم يسلّم الوزارة الفواتير التي لديه كي تبدأ خطة ترشيد الدعم، وتوضح أن الأدوية موجودة في المستودعات، لكن الأمر يتطلب أن تبدأ المعالجة من المصرف، حيث لا يمكن إجبار الشركات على تسليم الأدوية قبل حسم مسألة الدعم.
قبل أيام، كان نقيب الصيادلة غسان الأمين قد حدد، يوم الأربعاء الماضي، موعداً للحصول على معلومات دقيقة عن حجم الطلب الفعلي الشهري للأدوية وإصدار لوائح الدعم من قبل الوزارة، ويوضح، في حديث لـ"النشرة"، أن الموعد كان لمعرفة ماذا سيعلن مصرف لبنان بالإضافة الى حجم المخزون لدى الوكلاء، ويلفت إلى أن المصرف قال كلمته قبل الموعد لكن تبدلت كل الحسابات، لأن النقابة تفاجأت بأن لديه فقط 400 مليون دولار للأدوية والمحروقات والطحين والمغروسات واللوازم الطبية، وبالتالي لن يلحق الدواء 300 مليون.
ويشير الأمين إلى أنه بناء على ذلك بات هناك ورشة في الوزارة لتقييم ما صدر عن المصرف والبحث في كيفية التعامل معه، ويعرب عن اعتقاده بأن هذا الأمر سيقود إلى تقسيم المبلغ على أساس الأولويات، لا سيما الأدوية المستعصية والمزمنة، بينما سيتم رفع الدعم عن باقي الأدوية، ويؤكد أنه قبل وضع خطة واضحة فإن الأزمة مستمرة، ويتوقع أن يتم الإعلان عن هذه الخطة في الأيام المقبلة.
أما بالنسبة إلى الإنتقادات التي توجه إلى النقابة من قبل الصيادلة، يوضح الأمين أن هناك نصاً صريحاً يمنع النقابة من الدعوة إلى الإضراب من دون اذن من وزارة الصحة، إلا أنه رغم ذلك يشير إلى أنه مع إضراب الصيادلة وضغطهم. ويلفت إلى أنه إذا تقرر رفع الدعم لا يمكن الذهاب إلى رفع الجعالة، ويؤكد أن الأزمة، لناحية فقدان الأدوية، لم تعد تحتمل أكثر من اسبوع.
حول هذا الموضوع، يشير رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الحل يبدأ من علاقة شفافة بين المصرف والشركات، حيث يعود إلى الزيارة التي قام بها، برفقة وزير الصحة حمد حسن إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل أكثر من شهر، عندما وعدهما بدعم أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة والمناعة، ويوضح أنه حينها كان هناك مشكلة 600 مليون دولار للشركات مع المصرف، يعترف الأخير بنحو 400 مليون دولار بينما الباقي يعود إلى بضاعة تم استيرادها بعد التعميم الذي يطلب فيه الموافقة المسبقة، بينما الشركات تعلن أنه تم إستيرادها قبل ذلك.
وفي حين يرفض عراجي الأخذ بكلام الشركات أو المصرف، حيث كل منهما يرمي بالمسؤولية على الآخر، يشير إلى أنه بعد الإجتماع الذي عقد في القصر الجمهوري، أكد سلامة الوعد الذي كان قد قطعه في الإجتماع معه ومع حسن، لكنه يعتبر أن المستغرب كان البيان الصادر عن المصرف حول توفر 400 مليون دولار، لدعم الأدوية والطحين وأشياء أخرى، ويسأل: "هل المقصود بأشياء أخرى المحروقات"؟، ويجيب: "إذا كان الأمر كذلك ما هي حصة الأدوية"؟.
وفي حين يشدد عراجي على أن الأمور كلها متعلقة بحجم الدعم الذي يستطيع أن يقدّمه المصرف، يؤكد أن لبنان لم يعد قادراً على الإستمرار في إستيراد 5000 دواء، 35% منهم لا يتم إستخدامه، بحجة الإقتصاد الحر، مع العلم أن لائحة منظمة الصحة العالمية لا تتعدى 800 دواء، ويضيف: "عند تحديد حجم الدعم، يتم إتخاذ القرار بدعم أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة فقط، أو تضاف لها مجموعة أخرى تتعلق بأدوية الصحة العامة".
في المحصلة، يكشف رئيس لجنة الصحة النيابية أن لبنان، في الماضي، كان يحتاج 100 مليون دولار بالشهر لدعم الأدوية، ويوضح أن هذا الرقم مبالغ فيه يمكن تقليصه إلى النصف، لكن اليوم لا أحد يعرف حجم الأموال المتوفرة للدعم، لمعرفة إلى متى من الممكن أن يستمر، ويشدد على أن هناك مشكلة أساسية أخرى تكمن بالتهريب، كما هو الحال بالنسبة إلى المحروقات.