في شهر الفداء التموزي لا بد ان نتذكر استشهاد زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي. فنحن عندما نرى الحشود الكبيرة الزاحفة الى عرزاله المتواضع على المِطل في مدينة ضهور الشوير التي اكتسبت رقي المدنية الانسانية من بيئة متنية سعادة ثقافية نهضوية رصَّعها سعاده وكثر فيها والشعراء والاطباء والعلماء والمنتجون فكراً وصناعة وغِلالاً …
يبقى ان ارث سعادة لم يبدد مع استشهاده رغم كل ما جرى من انقسامات ، فحزبه لا يزال موجودا ولو في جداول وأُطُر متعددة…
لقد اسس سعادة مدرسة حزبية قادرة على التطور والابداع بنجاحه في استنباط وتحليل اخطار التاريخ المحدقة بالأمة حيث كشف مفاعيل المنصة العسكرية الصهيونية منذ نشوئها. وهو لم يهادن عبر حزبه وانصاره يوما مع الكيان الغاصب بل حاربوه فكريا وميدانيا وشكلوا نواة المقاومة بالعزة وشرف الاستشهاد، وشكلوا هيكلية ايديولوجية ناجحة ضد طاعون الاستسلام والهزيمة والتطبيع ناهيك عن ان اتباعه يمثلون قدوة اجتماعية علمانية مستنيرة انفتحت على المنهج العلمي وعلى التفسير العلمي للظواهر الاجتماعية والانحرافات الطائفية المغرضة. ولا بد من ملاحظة ان اتباع سعاده بالإحباط التنظيمي او بالولاء لفكره الاستشرافي قد تعاظم عددهم مؤخراً، ربما ليس بفعل العمل الحزبي الذي يتأزم أحياناً بل بفعل الجاذبية الأخاذة التي تتسم بها طروحات سعادة للمعضلة الاجتماعية وللاقتتال على مدى المحيط القومي . وقد جعلت تلك الجاذبية من فكر سعادة ترياقاً يدخل الى اكثر العقول المضروبة بالتعصب والقبلية والبداوة ، حيث يخرق فكره معسكرات الانعزال من شتى المجموعات والمناطق والطوائف.
كما تمكن من تعرية الفكر الطائفي المريض عبر مصهر النهضة القومية التي تقدم حلولاً عملية ومبتكرة لمنع الذاتية الضيقة من ضرب الجماعة والمجتمع والبُنى الاقتصادية والنفسية .د، فجابه سعادة العنف المضاد بالفكر والتنظيم، وحزبه لا يزال حياً في ساحة الصراع بقدوة فكره ومناقبيته واستشهاده.