شدد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، على أن "التحقيق مستمر ولن أتوقف قبل كشف الحقيقة. لقد وصلنا إلى نقاط متقدمة جدًا في الجانب التقني من التحقيق، وبتنا على مشارف الانتهاء منه".
وأكد، في حديث إلى تلفزيون "العربي"، تسلُمه رسمياً قرار رفض وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي السماح بالتحقيق مع المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، لافتاً إلى أن "هناك طرقا أخرى يمكنني اللجوء إليها للاستماع إلى اللواء إبراهيم".
وكشف البيطار "أنه أرسل كتابًا بهذا الشأن إلى مدعي عام التمييز بالوكالة غسان خوري (مدعي عام التمييز بالأصالة القاضي غسان عويدات تنحى عن الملف لوجود صلة قرابة بينه وبين أحد النواب المتهمين غازي زعيتر)"، موضحاً "أنه طلب منه الإذن لاستجواب إبراهيم، حيث سينتظر بعدها 15 يومًا، وهي المهلة المحددة للمدعي العام للرد على طلبه".
وعمّا حلّ بالفرضيات الثلاث حول وقوع الانفجار والمتعلقة بعمل أمني ميداني أو فرضية التلحيم أو صاروخ اسرائيلي، أشار إلى أن "أيًا من هذه الفرضيات لم يستبعَد من البداية، إلا أن احتمال أن يكون الانفجار ناجمًا عن صاروخ إسرائيلي استهدف المكان صار مُستبعَدًا، وهذا ما تضمنه أيضًا التقرير الفرنسي الذي تسلتمه، حول تحليل التربة والمياه في مكان الانفجار".
ونقل التلفزيون "العربي" عن بيطار أنه ينتظر محاكاة لانفجار الرابع من آب 2020، لحسم فرضية التلحيم التي ترددت عقب وقوع الانفجار. وذكر أن "لإنجاز المحاكاة، تم تشييد بناء مشابه للعنبر رقم 12 الذي كانت وضعت فيه آلاف الأطنان من نيترات الأمونيوم. في هذا البناء، ستوضَع كمية صغيرة من النيترات وسيُجرى اختبار تلحيم، للتأكد مما إذا كان يمكن لشرارات التلحيم أن تصل إلى الداخل وتشعل المواد وتؤدي فعلًا إلى انفجار مشابه لذاك الذي حصل الصيف الماضي".
وفي هذا الإطار، أفاد البيطار بأن "أدوات التلحيم نفسها التي استخدمت قبيل الانفجار ستستخدم خلال المحاكاة. أما موعد العملية، فتحدده شعبة المعلومات التي عملت على تحضير هذه المحاكاة، وهي تنتظر ظروفًا مناخية مشابهة إلى حد كبير لما كانت عليه يوم الرابع من آب".
وأكد أن "التحقيق لن ينتهي قبل أن تظهر الحقيقة. فالناس تنتظر الحقيقة، وأهالي الضحايا يؤكدون لي في كل لقاء أنهم يريدون فقط معرفة الحقيقة". ورأى أن "هذا واجبه. هناك شباب ماتوا. هناك أشلاء عُثر عليها وأخرى لم يُعثر عليها بعد. هناك أهالٍ دفنوا في توابيت فارغة. وقد استلمت هذا الملف للوصول به إلى النهاية".
وتابع: "قطعت وعدًا على نفسي يوم قبلت استلام القضية بأن أكشف الحقيقة"، متطرقاً إلى القضايا التي عمل عليها في السنوات الماضية، من المواجهات بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس، إلى ملفات الإرهاب، وصولًا إلى ملف الطفلة إيلا طنوس التي بترت أطرافها الأربعة بسبب خطأ طبي. وشرح كيف أنه "في كل هذه الملفات، وفي أخطرها، لم يتراجع".
وحول تعرضه للتهديد بعد صدور الاستنابات في قضية المرفأ، أكد "أنّه لم يتعرّض لمثل هذا الأمر طيلة مسيرته المهنيّة". كما نفى تلقيه بالمقابل أيّ تهنئة أو دعم بعد خطواته.
وعن مصير التحقيق، وإمكانية رفض مدّعي عام التمييز طلبه لملاحقة إبراهيم ورفض البرلمان رفع الحصانات المطلوبة، قال البيطار: "سأصدر قراري الظنّي، وأذكر فيه بالأدلة والبراهين، كل الأسباب والمعطيات التي دفعتني إلى ملاحقة هؤلاء، ورفضهم لذلك. وليحاكمهم الرأي العام. بلدنا يستحقّ أبناءه، ولن يبقى كما هو، والتغيير يجب أن يحصل".