أشار رئيس اتحاد بلديات كسروان- الفتوح ورئيس بلدية جونيه جوان حبيش، إلى "وجود إجماع بلدي على موضوع اللامركزية ووجود قانون بلدي صادر في العام 1977، لا نزال نعمل بموجبه، يكرّس هذه اللامركزية. إلا أنّ المشكلة تكمن في بعض القرارات والتعاميم التي أصدرها بعض الوزراء بهدف الحد من صلاحيات البلديات. وفي السياق عينه، إنّ تفعيل عمل البلديات يتطلب قانوناً يعطيها دعماً مادياً، إعادة النظر في التقسيم الجغرافي ودراسة الإمكانات المتاحة للقيام بالمشاريع".
وفي إطار سلسلة من الندوات حول موضوع اللامركزية الإدارية، لفت حبيش إلى أنه "حالياً نشهد على انهيار السلطة المركزية التي وضعت واجباتها على عاتق البلديات، فمثلاً نعاون وزارة الصحة في موضوع الدواء والصيدليات ووزارة الاقتصاد في مراقبة أسعار السلع". وتابع، "من هنا، ندعو إلى إعادة تموضع البلديات في موقعها القانوني كي تكون قادرة على تحمّل هذه المسؤوليات. ونتيجة للواقع، تجاوزت البلديات امكاناتها المحلية، لذا، عمدت إلى التعاون مع بلديات في الخارج لتعزيز قدراتها. ومما لاشك فيه أنّ المواطن سيلمس فرقاً كبيراً في عمل البلديات، إذا ما طُبقت اللامركزية، لاسيما في مجال التنمية والصحة والتعليم والكهرباء".
وشدد على ضرورة "تجهيز الكادر البشري والإداري في البلديات لمواكبة التطور والتحديث الأمر الذي يساعد على تقوية اللامركزية، لأن ما يعيق عمل البلديات هو الامكانات البشرية التي تفتقر بمجملها إلى رؤيا مستقبلية متطورة ومنفتحة على آفاق جديدة"، آملاً "أن يصار إلى إنشاء معهد خاص بموظفي البلديات لتثقيفهم وتعريفهم على دورهم التنظيمي والاجتماعي والاقتصادي، وليس الإداري فحسب، وتشجيعهم على استيراد أفكار حديثة".
كما دعا إلى "إعطاء البلديات السلطة الكاملة لإدارة شؤونها ضمن قوانين رقابية مركزية مع اعتماد تقسيم إداري جديد يأخذ بالاعتبار الجغرافيا الصحيحة ومقومات الاستمرار لضمان التجانس داخل النطاق البلدي الواحد والعمل الناجح. وفيما خص اتحاد بلديات كسروان- الفتوح، فقد تقدم بعدد من المشاريع الحيوية التي تعنى بالنفايات وتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ولكنه اصطدم بغياب القوانين التي تدعم البلديات إضافة إلى التدخلات السياسي
من جهته، اعتبر الخبير في الحوكمة والسياسات العامة وممثل المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية في لبنان DRI الدكتور أندريه سليمان أنّ "موضوع اللامركزية بات يستحوذ حالياً على أهمية أكبر في ظل الانهيار الحاصل وغياب أي خطة لإدارة الأزمة، والواقع أثبت الفشل الذريع للنظام السياسي القائم منذ 30 سنة. إذ يكمن الحل في وجود مركزية قوية وتطبيق لامركزية إدارية موسعة مع بناء نظام سياسي لبناني، من دون أن يشكل التنوع الطائفي والمناطقي أي عائق أمام اللامركزية".
وأعلن الدكتور سليمان عن "مشاركة المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية في لبنان في اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات لتحديث قانون البلديات. ويسير العمل بطريقة جدية مع عدد من النواب. وهنا، أدعو البلديات إلى إنشاء جمعية وطنية للبلديات إسوة بجمعيات أخرى في العالم، مثل هولندا والسويد، تتولى تمثيل السلطات المحلية والدفاع عن حقوقها".
بالتوازي، رأى أستاذ الاقتصاد السياسي في الجامعة اللبنانية الأميركية ومستشار مرصد الأزمة في الجامعة الاميركية في بيروت الدكتور خليل جبارة، أنّ "الصراع بين القوى السياسية في لبنان يحول دون تطبيق اللامركزية لأنها تخاف من دور البلديات الفعّال، حيث أنها تعتمد في قراراتها على المصلحة السياسية والتوازن الطائفي والمحاصصة وموازين القوى الانتخابية من دون أي مراعاة للأهداف التنموية. وقد سرّع هذا التقهقر الاقتصادي والمالي وعدم قدرة السلطات المركزية على القيام بدورها، الذهاب نحو اللامركزية، فمثلاً بات يُطلب من رؤساء البلديات إيجاد حلول لمشاكل المواطنين، لاسيما فيما خص النفايات والمياه والصرف الصحي... وستشهد المرحلة المقبلة ولادة نظام جديد يقوم على اللامركزية".