رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ علي الخطيب، أن "النظام اللبناني شكّل النموذج الصارخ للفساد على مستويات متعددة سيما بفسحه المجال امام تكون طبقة فاسدة امنت المحاسبة والعقاب وشكلت لها سوراً من الحماية، تَتَذَرّعُ بها كلما احست بالخطر عند اي تحركٍ اجتماعي يسعى للتصحيح ولو جزئياً".
وخلال خطبة الجمعة، لفت إلى ان "ما نشهده اليوم من سقوطٍ مدوٍ للواقع الاجتماعي اللبناني، على خطورته، فإن النظام مع كل ذلك يبقى عصياً على التغيير او التعديل او التصحيح، وحتى إنّ المتضررين منه حينما يشعرون بأنه مهدد سرعان ما يقفون دفاعاً عنه بحجة الدفاع عن الطائفة والمذهب، الامر الذي يدفعهم للارتباط بالخارج واستدعائه حتى لتأخذ وجهة الصراع بين اللبنانيين كأنها بين شعوب متعددة بتعدد طوائف لبنان وتصبح الاستعانة بالخارج امراً مشروعاً لا حرج منه وتتبخر ادعاءات السيادة والاستقلال وتختلط المفاهيم وتبرر العمالة حتى للعدو المحتل للأرض الذي يتحول الى حليف في مواجهة الاخر من ابناء الوطن".
وأكد أن "قمة المهزلة كانت ما آلى اليه امر التكليف بتأليف الحكومة والوطن ينازع والمواطن يحتضر، وهو يفتش عن لقمة العيش المفقودة وعن حبة الدواء المدعومة ويقف في صفوف الذل على محطات البنزين، ولم يشفع لهم كل ذلك إن يدفع المسؤولين عن التأليف وعن التكليف الى الشعور بخطورة الاوضاع ووجوب التنازل لصالح المواطن والبلد، وإذا بنا نرى هذا المشهد المريب الذي يدفع البلاد الى الهاوية وتخرج المظاهرات ليَكتَمِلَ المشهد بإقفال الطرقات زيادةً في تعذيب المواطنين وإيلامهم فيا للصورة المتخلفة"، متسائلاً "أي وطن نستحق واي مستقبل نرسم؟".
وشدد على أن "لهؤلاء أن يصحوا وأن يخرجوا من كهوفهم الطائفية فليس المسؤول عن حرمانكم الا من يَدَّعون تمثيلكم والدفاع عن حقوقكم، وأنتم لا تمثلون لهم سوى متاريس يحتمون بكم لنهب المزيد من اموالكم، وابناء الطوائف الاخرى هم مثلكم يعانون مثلما تعانون فلتتحد قبضاتكم وقلوبكم لإجبار الفاسدين المتحكمين بمصائركم على الرجوع الى جادة الصواب قبل أن يفوت الوقت ولات حين مندم".
كما أضاف، "أما وقد اعتذر رئيس الحكومة المكلف عن التشكيل، فإن السياسيين مطالبون ببذل جهود مكثفة للتوافق على انجاز الاستحقاق الحكومي بما يحد من الانهيار الاقتصادي، فيتفقوا على اسم جديد لتأليف الحكومة الانقاذية الوطنية القادرة على انجاز الإصلاحات وتوفير الاستقرار السياسي ولجم التدهور الاقتصادي بحيث تحظى بثقة اللبنانيين والعالم".
وحذر الخطيب من "قطع الطرقات وتعريض المارة للخطر وتهديد الامن والاستقرار، فالحل لا يمكن أنجازه في الشارع، فلعبة الشارع تستحضر المآسي والنكبات التي تزيد المشاكل تعقيدا، فضلا عن افساح المجال امام المندسين والمأجورين لبث الفتن وتخريب البلد، ولا مناص امام اللبنانيين الا الحوار والتعاون على حفظ وطنهم مما يحتم ان يتواصل اقطاب السياسة ويتحاوروا ويتشاوروا لتجنيب البلد ازمات جديدة نحن بالغنى عنها".
ودعا المؤمنين واللبنانيين الى "التنافس في فعل الخير والتزام العمل الصالح الذي يتقرب به العبد الى ربه ليكون بابا من أبواب مرضاته عز وجل، ونحن في لبنان بأمس الحاجة إلى سلوك نهج البذل والعطاء في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور والازمة المعيشية الخانقة، ومقتضى الاخوة الإنسانية ان يتضامن ابناء الوطن الواحد ويتكافلوا ويتعاونوا على البر والتقوى فلا يتوانوا عن مساعدة الفقراء والمساكين ومد يد العون للمرضى والمحتاجين، وعليهم ان يشكلوا شبكة امان اجتماعي على مستوى الأحياء والقرى والمناطق، للحؤول دون الانزلاق في مهاوي الفوضى" والاضطرابات".
وأوضح أن "أولى واجباتنا الوطنية ان نعزز استقرارنا الاجتماعي فنكون عونا للأجهزة الرقابية التي يجب تفعيلها في كشف المحتكرين للدواء والغذاء والمشتقات النفطية، فالاحتكار عمل محرم وماله حرام، ولا يجوز باي شكل من الاشكال استغلال حاجات الناس، فما شهدناه من مآسٍ بسبب احتكار الدواء امر مشين ومستنكر لا يقبله عقل ولا يقره دين. أما الاتجار بالمواد المدعومة من دواء ونفط على حساب حرمان المواطنين فهو امر محرم وسرقة موصوفة لحقوق المواطنين. ونطالب القضاء اللبناني بالقيام بمسؤولياته في محاكمة المحتكرين وسارقي دواء اللبنانيين ولقمة عيشهم، وألا يكون أداة بيد السياسيين تستخدم للانتقام من الخصوم، وعدم التهاون في محاسبة المسؤولين عن المتاجرة غير المشروعة في السلع المدعومة".