توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة العيد من على منبر مسجد الإمام الحسين، للناس قائلا: "يا ناسنا وأهلنا، نحن أمام كارثة يختلط فيها الداخلي بالخارجي، وهناك قرار بتجويعكم وخنقكم وترويعكم، بخلفية سياسية دولية، وبأيد داخلية آثمة. فالمطلوب منكم أن تكونوا عائلة واحدة لتأكيد شراكتكم بكل شيء، وتذكروا جيداً أيها المسلمون وأيها المسيحيون أنه بمبدأ المسيح ومحمد: ليس من الله من لم يغث الناس، ومن لا يقاسم الفقراء حقهم؛ ليس من المسيح ومحمد من يستطيع إعانة الناس فلا يفعل؛ ليس من المسيح ومحمد من يغش الناس أو يمنع حاجاتها بالمخازن، أو يضارب على الليرة أو يحتكر السلع والأسواق؛ ليس من المسيح ومحمد من يخون الناس بنفطها وطحينها ودوائها وأسواقها وأسعارها وضرورات حياتها؛ فمن يفعل ذلك خائن لا محل له في ملكوت الله، وهو بضمير الأرض والقانون مجرم أثيم".
كما توجه للسياسيين "لا شك أن أزمة لبنان قديمة جداً، وهي مرتبطة بالسياسات المختلفة المتعاقبة، ومنها السياسات النقدية المالية والقرار السياسي، وعقلية "هذا لي وهذا لك"، وقبل هذا وذاك، هي مرتبطة بالنظام السياسي الفاسد خاصة النظام الطائفي الذي صيّر البلد مزرعة، والدولة رشوة، والتلزيمات تنفيعة، وكشف الإدارات والمؤسسات العامة عن هدر وفساد ومغارة لا آخر لها. ولأن الوقت الآن هو لإطفاء النار، وفرملة السقوط، أقول: البلد للجميع، وليس لأحد حقّ حصري، أو صك امتياز. وما نعانيه اليوم هو بسبب "متصرفية الطوائف"، وعقلية "أنا أو لا أحد"، التي جعلت البلد طاحونة صفقات. فالمركب يغرق، والنار تلتهم الجميع، والكارثة طاولت كل لبنان، والناس تعيش طوابير الذل وجنائز الموت والبؤس؛ وفيما الجوع طرق كل باب، بدت جمهورية التجار مجرّد ناد للعملة الصعبة، ناد مهووس بغريزة الذئاب، بعيداً عن شعب تنهشه نار الدولار والأسعار والاحتكار".
وطالب القوى السياسية بـ"التفكير سريعاً بوطن على وشك الاندثار، بدلاً من التفكير بالانتخابات وخرائط "الربح والخسارة"، لأن الضرورة الأهم اليوم لبقاء البلد، وليس لبازار الكتل التصويتية. وإذا كانت القوى السياسية فعلاً تريد حماية هذا البلد، فالمطلوب منها الاتفاق على "حكومة قرار سياسي"، وليس على أي شيء آخر، لأن البلد الآن، وقبل الانتخابات، بحاجة ماسّة إلى حكومة قرار سياسي، قرار تاريخي ومفصلي وكبير بعروض صينية وروسية موجودة على الطاولة لأخذ قرارات كبيرة من شأنها إنقاذ البلد ومنع سقوطه".
وشدد على اننا "نريد حكومة قرار سياسي، تحدد لبنان أين، وضمن أي خيار كبير، وكفانا هروباً من الواقع، لأن البلد يهوي للجحيم، ونحتاج إلى قرار سياسي كبير يمنع هذا السقوط، والموجود على الطاولة فقط يحتاج إلى رئيس حكومة شجاع، وقوى وطنية شجاعة تسانده، وهذا يتوقف على حكومة قرار سياسي، لا حكومة انتخابات، أو حكومة تسويات بلا لون أو رائحة. البلد مهدّد، وتنهال عليه الخناجر والسكاكين من كل جهة، وإذا طار البلد فأي بكاء على الانتخابات ينفع، والتسوّل من البنك الدولي وصندوق النقد يمرّ حتماً بواشنطن، التي تصرّ على استسلام لبنان أو الغرق، ونحن لن نستسلم ولن نغرق، والتحييد استسلام، وعدم أخذ قرار سياسي كبير بتحديد وجهة لبنان أيضاً استسلام، وطمر الرأس برمل حكومة تكنوقراط أيضاً استسلام، والحصار حرب، والدولار حرب، واحتكار الأسواق حرب، ومنع الدول القريبة والبعيدة عن إغاثة لبنان حرب، والأوامر الأمريكية صريحة بذلك".
وأضاف "لذلك نحن نريد قراراً سياسياً، مرجعيته حكومة بيروت، وليس عوكر ولا غيرها، والذي يريد إنقاذ بلده يبدأ من بيروت وليس من أي مكان آخر، ولا ينتظر أحداً، والتعويل على إغاثة أمريكية أو أوروبية أو عربية خلافاً للإرادة الأمريكية هو وهم، ولذلك الحلّ بحكومة قرار سياسي، حكومة "خيار وقرار"، خاصة أن هناك قراراً أمريكياً وأدوات داخلية، بدأت تعيد خلط الأوراق والأدوار والأدوات للعبة متاريس سياسية، ربما تفتح أبواب جهنم على هذا البلد، كما أن هناك لوبيات مال وأفكار وأوكار متعددة الجنسيات، تعمل على إدارة مشاريع: شوارع وفوضى وتجويع وترويع كجزء من الأوراق الحامية لخوض الانتخابات النيابية، بخلفية قلب البلد، وتنفيذ أجندة قرار داخلي برلماني وحكومي، سيعمل على محاصرة لبنان من الداخل، تمهيداً للحظة انفجار داخلي، يأخذ بعين الاعتبار صفقات ما بعد منتصف الليل بتوقيت واشنطن وحلفائها، وعلى طريقة ضرب البلد من الداخل، "والعاقل من يحمي بلاده قبل فوات الأوان".