من الواضح أن "الدولار" في لبنان دخل بازاراً كبيراً فبات يحلّق صعوداً في مدّة وجيزة ليعود وينخفض أيضاً بنفس الطريقة، وعملياً دون سبب منطقي للإرتفاع والإنخفاض. في الواقع أزمة اللبناني ناجمة عن إرتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وتأثيرها على كل السلع خصوصا وأن لبنان بلد الاستيراد، ولكن "الدولار" أصبح تجارة دخل فيها كثر، إما بغرض الربح أو تحت وطأة الخوف... ليبقى السؤال الأهم "هل من المنطق أن ينخفض سعر صرف الدولار ويرتفع حوالي خمسة أو ستة آلاف ليرة في أسبوعين"؟.
الاحداث واضطرابات العملة
"في الأسواق المالية الاضطرابات بالعملة لا تحصل كلّ يوم، إلا إذا وقع حدث مهمّ مشابه لأحداث 11 أيلول التي حصلت في الولايات المتحدة مثلا، أو للأزمة الاقتصادية أيضا في أميركا عام 2008". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان، مشيرا الى أن "إنخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة يجب أن يكون له سببا وجيها كإجراء اصلاحات معيّنة أو تشكيل حكومة ولكن هذا لم يحصل، وبالتالي تحرّك العملة في لبنان سببه سوء العملة ومتروك لأشخاص يتحكمون بصعود وإنخفاض الدولار"، معتبرا أن "ما يحصل هو جني أرباح على حساب المواطن".
في المقابل يشرح الخبير الاقتصادي لويس حبيقة عبر "النشرة" أن "الدول وفي الازمات يحصل لديها تخبط بسعر العملة لأن الناس تستغل الوضع للمضاربة والربح من جهة، ومن جهة أخرى هناك أشخاص يدخلون بعملية بيع وشراء العملة جرّاء الخوف من تدهور سعر الصرف أو الأمل بتحسّنه"، معتبرا أن "في لبنان السوق صغير وعندما يكون هكذا تكون التقلبات كبيرة".
مسار تصاعدي
"في الساعات القليلة الماضية إنخفض سعر الدولار من 23 الف ليرة الى حوالي 17 ألف ليرة"، وهنا يشير وليد أبو سليمان الى أن "الناس تهافتت للبيع العملة الخضراء، ولكن السؤال الأهمّ إذا أراد المواطن الشراء في هذه الحالة هل يمكنه ذلك، طبعاً لا"!، شارحا أن "مسار الدولار تصاعدي منذ بداية الأزمة"، مضيفا: "اذا لم يتمّ اجراء اصلاحات ولم يتدخّل مصرف لبنان بسوق النقد فلماذا سينخفض سعر صرف الدولار"؟. في حين أن لويس حبيقة يشير الى أن "السعر الحقيقي هو الذي يعكس الأوضاع الإقتصاديّة في البلاد"، مؤكدا أن "السعر كما هو حاليا لا يمثل حقيقة الاقتصاد اللبناني، لأنّه في الواقع لا يوازي الدولار أكثر من عشرة آلاف ليرة في لبنان".
لا لبيع الدولار
"الدولار الموجود لدى الناس ليس بكميّات كبيرة جدا وهو للحاجة"، هنا يشير لويس حبيقة الى أن "لبنان بلد مستورد، وبالتالي من يملك الدولار لا يجب أن يبيعه بل أن يحافظ عليه مهما ارتفع أو إنخفض سعر صرفه مقابل الليرة". في المقابل يشدّد وليد أبو سليمان على "ضرورة ألاّ تدخل الناس في لعبة البيع والشراء لأنها حتماً ستتكبّد خسائر كبيرة مع هذه التقلبات التي تحصل".
في المحصّلة عمليّة بيع وشراء الدولار كلما ارتفع وانخفض خطيرة، وعلى الشعب اللبناني ان يعلم انها قد تكون خاسرة، لأن الهدف من عمليّة التخفيض هو ان يتهافت الناس على بيع العملة الخضراء تمهيداً لاعادة رفع سعر الصرف من جديد!.