منذ لحظة الإعلان عن التسعيرة الجديدة للمحروقات، على أساس سعر صرف 3900 ليرة مقابل الدولار الواحد، كان الجميع ينتظر التداعيات التي ستترتب على ذلك، خصوصاً بالنسبة إلى فواتير الإشتراك في المولّدات الخاصة التي تعمل على المازوت، نظراً إلى أن الجميع كان يتوقع تكون ضعف الأشهر الماضية بالحد الأدنى.
هذا الواقع، تأكد مطلع الشهر الحالي مع بدء وصول الفواتير إلى المواطنين، حيث تراوح سعر الـ5 أمبير المقطوعة ما بين 850 ألف ليرة ومليون و200 ألف ليرة، الأمر الذي أوقع المواطنين وأصحاب المولدات في مشاكل كثيرة، مع العلم أن بينهم في الأصل من لا يلتزم أساسا لا بالتسعيرة الرسمية ولا بطلب تركيب العدادات، بحسب ما تؤكد مصادر "النشرة".
في هذا السياق، يبدو أن المشكلة تكمن بالمازوت، المادة غير المتوفّرة في الأسواق على أساس السعر الرسمي، الأمر الذي اضطر أصحاب المولدات إلى إعتماد سياسة التقنين، وفي المقابل أشعل العديد من التحرّكات الشعبية. لكن مع صدور التسعيرة الجديدة عن وزارة الطاقة والمياه، يبدو أن هذه المادة ستكون العامل الأبرز في إعادة هذا القطاع إلى الفوضى من جديد، بحسب ما يؤكد رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة لـ"النشرة".
من وجهة نظر سعادة، التسعيرة الجديدة تضع أصحاب المولّدات بين حدّين: مخالفتها أو الإقفال، وبالتالي هو يحمّل وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر مسؤولية ما يحصل، نظراً إلى أنها صدرت على أساس أنّ سعر صفيحة المازوت 56 ألف ليرة، بينما هي في السعر الرسمي مع النقل تصل إلى حدود 65 ألف ليرة، وبالتالي هو لم يعد يحسم من الأرباح بل وصل به الأمر إلى التكاليف الأساسية.
في هذا الاطار، تتحدث مصادر "النشرة" عن خلافات تقع بسبب تعامل بعض أصحاب المولدات مع المواطنين، الذين لجأوا إلى تسعيرات خاصة بهم، بالتزامن مع رفضهم تقديم إيصالات، كي لا تكون مستندات رسميّة يمكن أن يتقدّم بناء عليها أي مشترك بشكوى ضدهم، بينما هناك من قرّر التصعيد عبر التهديد بإيقاف العدّادات والعودة إلى المقطوعة بشكل كامل، بينما لا يستطيع المواطن، بسبب التقسيمات الموجودة في الأحياء، البحث عن خيارات بديلة، أو تحمل قيمة الفواتير المرتفعة.
بالنسبة إلى سعادة، هؤلاء لا يمثّلون أكثر من 10% من أصحاب المولدات، حيث كانت الغالبية تلتزم بالتسعيرة الرسميّة الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه على مدى أشهر طويلة، لكن اليوم لا يمكن الإلتزام بسبب الخسائر التي ستترتب على هذا الامر، ويؤكد أن المواطنين يدركون ذلك جيداً، ويسأل: "هل يجوز أن يكون الفريق الذي يغطّي ساعتين تغذية هو من يحدّد التسعيرة من دون التشاور مع الفريق الذي يقدّم 22 ساعة"؟، ويشير إلى أنّ الذي حصل هو وجود من يريد أن يظهر الحرص على المواطنين من خلال الذهاب إلى تسعيرة لا تعطي أصحاب المولدات حقهم، بينما كان عليه أن يبحث عن كيفية زيادة ساعات التغذية من قبل مؤسسة كهرباء لبنان.
من جانبها، تعتبر المصادر نفسها أن هذه المشكلة لن يكون من السهل معالجتها إلا عبر زيادة التغذية من قبل المؤسسة الرسميّة، الأمر الذي من المفترض أن يحصل في الشهر الحالي كي لا تكون الفواتير أعلى في نهاية الجاري، خصوصاً أن أسعار المحروقات مستمرة في الارتفاع، بينما يؤكد سعادة أنه بحال باتت المؤسسة تقدم ما بين 10 إلى 12 ساعة يومياً فإن فواتير المولدات ستنخفض إلى النصف، ويضيف: "ما يحصل حالياً هو ظلم للمواطنين ولأصحاب المولدات معاً".
في المحصلة، هذه المشكلة تعيد البلاد إلى أصل المشكلة، أيّ غياب المشاريع التي تنهي أزمة الكهرباء المستعصية، التي لم تعد مطلباً لبنانياً فقط بل باتت جميع المؤسسات والدول المانحة تطالب بمعالجتها، كشرط أساسي قبل تقديم أيّ مساعدة للبنان.