لايزال لبنان يرزح تحت تأثيرات خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، الذي تولى رئاسة الدبلوماسية الأميركية خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. بومبيو ذاك "الدبلوماسي" الذي حمل تهديداً شديد اللهجة للبنان، خلال زيارته وطن الأرز في 23 آذار 2019، آتياً من الأراضي الفلسطينية المحتلة آنذاك. يومها طالب اللبنانيين التخلي عن ح-زب الله، وإلا سيكون لبنان في خطرٍ، ضارباً بعرض الحائط كل الأصول والأعراف الدبلوماسية واحترام سيادة الدول، وغير آبهٍ لما في ذلك من تهديدٍ للوحدة الوطنية اللبنانية، والتوازنات الداخلية في البلد، كون "الحزب" يشكل أحد أكبر مكونات المجتمع اللبناني.
إثر ذلك بدأت الإدارة الأميركية التحضير، لمحاولة ضرب ال-مقاومة من الداخل اللبناني، في إطار الحرب الأميركية- الإسرائيلية المفتوحة على الم-قاومة منذ سبعينيات القرن الفائت.
وبعد أشهرٍ خلت، من الزيارة المذكورة، تحديداً في 17 تشرين الأول 2019، أوعزت السفارة الأميركية في بيروت، وسواها من سفارات الدول الحليفة لواشنطن، لأدواتهم بالتحرك على الأرض، بعد إجتماع لحكومة الرئيس سعد الحريري، يومها قررت إضافة رسوم مالية، كضريبةٍ على خدمة الرسائل النصية الهاتفية القصيرة عبر الإنترنت (واتس أب)، فقامت الدنيا ولم تقعد آنذاك. وترافق مع ذلك فرض حصارٍ ماليٍ على لبنان، من خلال منع الإدارة الأميركية إدخال التحويلات المالية المعلومة وغير المعلومة الى لبنان، (أي المساعدات الخارجية والأموال غير الشرعية ايضاً) فهي غير معلومة لدى الدولة اللبنانية فقط ، ولكنها معلومة لدى الإدارة الأميركية ، بحسب تأكيد باحث وخبير في الشؤون الإستراتجية.
وما يؤكد أن التحركات المذكورة آنفاً، التي إنطلقت تحت عنوان مطلبيٍ، كانت مفتعلة وموجهه في آنٍ، بدليل أن "ثوار 17 تشرين" لم يحركوا ساكناً، عندما بلغ سعر صرف الدولار الأميركي إرتفاعاً جنونياً مقابل هبوط في سعر الليرة اللبنانية.
إذا ً لم يكن الهدف الحقيقي "لإحتجاجات 17 تشرين" مطلبياً، رغم كل الشعارات الخداعة التي علت آنذاك، ووقع ضحيتها عدد كبير من المواطنين المضللين من أصحاب النيات الصادقة.
ولاريب أن جل الهدف من وراء إفتعال هذه الاحتجاجات، هو استهداف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر، ورئيسه جبران النائب جبران باسيل، وحليفهم ح-زب الله. ي
ومها بدأ تطبيق ما يعرف بخطة بومبيو في شكلٍ عملانيٍ. ويلفت مرجع إستراتيجي في محور الم-قاومة الى أن هذه الخطة ترتكز على أربعة أهدافٍ أساسيةٍ:
أولا- ممارسة ضغوط إقتصادية ومعيشية حادة على اللبنانيين في محاولة لتأليبهم على ال-مقاومة وحلفائها أي (رئيس الجمهورية و"التيار").
ثانياً- إثارة فوضى وأعمال شغب في الشارع تحت عناوين مطلبية.
ثالثاً- دفع الاحتجاجات الى فوضى أمنية، لجر المقاومة الى فتنة داخلية.
رابعاً واخيراً، يلي ذلك قيام العدو الإسرائيلي بشن حربٍ على لبنان، إذا كانت الظروف مؤاتية لحسابات الكيان الإسرائيلي.
ويؤكد المرجع أن الخطة ما زالت سارية المفعول، وهي حيز التنفيذ أيضاً، ولن تفوّت الإدارة الأميركية و"إسرائيل" وعملائهما وأدواتهما في الداخل، فرصةً مؤاتية، إلا وتستغلها لمحاولة تطبيق الخطة المذكورة، طبعاً إذا تسنى لهم ذلك، خصوصاً في ضوء تأجيل المفاوضات الإيرانية- الأميركية في شأن الملف النووي الإيراني، ودائما بحسب رأي المرجع عينه.
وفي الآونة الاخيرة، تحديداً مع حلول الذكرى السنوية الاولى لكارثة إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب، سعت الأدوات المذكورة الى استغلال هذه المناسية الأليمة، لاستهداف المق-اومة مجدداً، واستكمال تطبيق خطة بومبيو، من خلال محاولة تحريض الناس على المقاومة، واثارة الشغب والنعرات الطائفية، وكعادة هذه الأدوات، لجأت الى حمل السلاح لترهيب المواطنين.
وفي هذا الوقت ايضاً، أطلقت في الايام القليلة الفائتة عدد من الصواريخ المشبوهة من لبنان في إتجاه الاراضي الفلسطينية المحتلة، على حد تعبير مصدر مسؤول في المقاومة. فرد العدو الإسرائيلي بالغارات الجوية لأول مرة منذ عدوان تموز 2006 على لبنان، مستهدفاً أراضٍ لبنانيةٍ غير مأهولةٍ. والهدف من ذلك اختبار مدى جهوزية المقاومة في الرد المناسب على سلاح الجو لدى العدو، بحسب رأي المصدر عينه. فجاء رد المق-اومة مباشرةً على إعتداءات العدو، فأطلقت 21صاروخاً على الأراضي المحتلة.
واكدت بذلك جهوزيتها وحضورها في الميدان، لمواجهة أي عدوانٍ "إسرائيلي" محتملٍ، يجزم المصدر.
ويشير الى أن هذا الرد حمل رسالةً حاسمةً الى المراهنين على ضرب المقاومة، مفادها: "اياكم والعبث في الأمن الداخلي، والمراهنة على ضربة إسرائيلية للبنان"، أي محاولة الإسهام في تطبيق البند الرابع من خطة بومبيو، أو التمهيد لذلك، يختم المصدر.
يذكر أن سبق هذا العدوان، وإنطلاق الصواريخ المشبوهة، ومحاولة ترهيب المواطنين في الشارع في 4 آب الجاري، محاولة دفع ال-مقاومة الى الدخول في فتنة داخلية، من خلال إستهداف عدد من جمهورها في خلدة، علّ أن يؤدي ذلك الى الإسهام في حرف المقاومة عن وظيفتها الأساسية، اي (مواجهة العدو). ويأتي ذلك أيضاً في سياق السعي الى ضرب المقاومة من الداخل اللبناني، وهذا كل ما يعقد عليه العدو الإسرائيلي آماله، التي خيبتها حكمة قيادة ال-مقاومة و صبر جمهورها، على حد تعبير المصدر.
إذاً وجهت ال-مقاومة من خلال ردها على الإعتداءات الإسرائيلية رسالةَ واضحةً الى "الكيان الغاصب"، محذرةً إياه من اللعب بالنار. ومن الواضح انه لايريد حرباً في الوقت الراهن، بل اختباراً لمدى جهوزية المقاومة ليس الا. وبدا ذلك جلياً من خلال رده على ضربات المقاومة، فأطلق ثلاثين صاروخاً، على مناطق لبناننية غير مأهولة، و10 قنايل مضيئة في وضح النهار. ولكن لاريب أنه لايزال اي (العدو) يتكل على عملائة لافتعال فتنة داخلية تستهدف النسيج الاجتماعي اللبناني... فحذار اللعب بالنار.