منذ أشهر، يعاني السوق اللبناني من غياب مادة المازوت أو عدم توفرها بالكميات اللازمة، بالرغم من إعلان المسؤولين عن دخول كميات أكبر من تلك التي كانت تدخل في الأيام العادية، حيث كانت توجّه أصابع الإتهام إلى عمليات التهريب التي تحصل إلى خارج الحدود، سوريا تحديداً، بالإضافة إلى عمليات التخزين التي تحصل من بعض المحتكرين، الراغبين في بيعها بأسعار مضاعفة في السوق السوداء.
اليوم، العديد من القطاعات الأساسيّة باتت تعاني من نقص في هذه المادة التي لا تتوفر إلا في السوق السوداء، أيّ بأسعار مضاعفة عن المعتمدة رسمياً، لكن على الرغم من ذلك صدر بين الحين والآخر، لا سيما في الايام الماضية، بيانات عن مسؤولين سياسيين أو حزبيين أو دينيين يعلنون فيها تأمين المادة لقرى أو مدن محددة، من دون أن يقدموا توضيحاً حول كيفية حصول ذلك.
في هذا السياق، تكشف مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن منشآت النفط في طرابلس والزهراني لم تعد قادرة على تأمين أيّ كميات بهذه الطريقة منذ عيد الأضحى، أي منذ الاسبوع الأخير من شهر تموز الماضي، لكنها تلفت إلى أنّ الشركات، مع بداية أزمة المادة في المنشآت، بدأت تعتمد الطريقة نفسها، حيث كان لديها كمية تكفي للإستهلاك المحلي 7 أيام، وتضيف: "من هذا المخزون يتم تمرير مازوت التنفيعات".
وتشير هذه المصادر إلى أنه يوم الأربعاء الماضي وصلت باخرة محمّلة بالمازوت إلى لبنان، أفرغت نحو 18 مليون ليتر في الزهراني والكمية نفسها في طرابلس، من المفترض أن توزع على القطاعات الأساسيّة في البلاد، وتؤكّد وجود كميّات لدى الشركات والموزعين وبعض التجار، تصل إلى 150 مليون ليتر، أي 15 يوماً من الإستهلاك.
من وجهة نظر المصادر نفسها، نظرية التنفيعات تظهر بشكل أساسي في موضوع المولدات الخاصّة، حيث هناك مالك مولّد يستطيع تأمين الكهرباء في أحد الأحياء، بينما في الحي المجاور له لا يستطيع مالك مولد آخر ذلك، وتسأل: "كيف يمكن أن يحصل ذلك فيما لو لم يكن هناك من هو نافذ استطاع تأمين المازوت إلى الأول"؟.
في هذا الإطار، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن المسألة متعلّقة بالموزعين، حيث النوّاب أو غيرهم من الذين يتولّون تأمين المادة يعتمدون عليهم بشكل أساسي، نظراً إلى أن كل موزع يكون لديه كمية محددة يحصل عليها، بينما في المقابل، هناك من يؤكد أن الأمر يتم عبر الشركات الخاصّة التي لديها كميات كبيرة في خزّاناتها، وتشير إلى أنّ احدى الشركات كانت قد وعدت شخصيّة معيّنة، قبل أيّام، بتأمين كميّة كبيرة، لكنها حتى يوم أمس لم تكن قد أرسلتها، وهي تراهن على رفع الدعم لبيعها على أساس الأسعار الجديدة.
أحد المعنيين بالقطاع يكشف، عبر "النشرة"، أن الأمر من الممكن أن يحصل عبر الموزعين أو الشركات، وبالتالي ليس هناك من جهة واحدة يمكن التصويب نحوها، لكنه يلفت إلى أن المشكلة الأساس تكمن بتوقّف مؤسسة كهرباء لبنان عن الانتاج بالشكل المطلوب، نظراً إلى أن هذا الأمر ضاعف من الكميات المطلوبة من قبل المولّدات الخاصة، ويضيف: "في الأصل ليس لدينا القدرة على تأمين المازوت لكل مولد ومستشفى وفرن ومؤسسة، وبالتالي الحل الأنسب هو تأمين مقوّمات عودة كهرباء لبنان إلى العمل بالشكل المطلوب".
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنّ مسألة المازوت الانتخابي من المتوقع أن تتعاظم في الفترة المقبلة، بعد أن كانت "كرتونة الإعاشة" قد دخلت على الخط، بالاضافة إلى اللقاح المضاد لفيروس كورونا، لكن هذه المرة شراء الذّمم لم يعد يقتصر على أشخاص محدّدين بل على قرى ومدن بأكملها، مع العلم أنّ بعض الأحزاب والتيارات باتت توجّه أنصارها إلى محطّات معينة، لشراء المازوت أو البنزين.