أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، إلى أن "ما أقدم عليه حاكم مصرف لبنان ليس تهوراً، بل فعلاً مقصوداً وخطيراً، وهو بمثابة إعلان حرب على الناس، وعلى قدرة وجودها، بالشراكة مع هذه الطبقة السياسية المالية التي نهبت البلد وكشفت الدولة عن إفلاس كارثي، ومارست دور الشريك الخفي باحتكار الدواء والمحروقات والمواد الأساسية، دون أن يرف لها جفن"... مشيراً إلى أن "البكاء على الاحتياطي الإلزامي، إذا كان صحيحاً، فكان يفترض مواجهة حقيقية ومكشوفة مع من نهب المال، وأفسد في الدولة ومؤسساتها، وليس بأخذ قرار التجويع والإبادة، والترشيد أصبح في جيب شركاء السلطة، وحيتان مالها، بما في ذلك احتكار المدعوم، وتخزينه وحماية المحتكر؛ والبطاقة التمويلية ما هي إلا كذبة انتخابية لسلطة فاسدة، والتلكؤ عن واجبات السلطة أوصلنا إلى الكارثة التي نتخبط فيها".
وشدّد في كلمة خلال خطبة الجمعة، على أن "المطلوب إنقاذ البلد بأيدٍ نظيفة، لا بطاقم فاسد، والحكومة لو تمّ تشكيلها، ليست أكثر من حكومة مشلولة، لبلد مفلس، ودولة غارقة بديون أكبر من قدرتها، وسلطة تتخبط بين شرق وغرب، وطواقم سياسية مالية تتنعم بأرقام مالية فلكية، فيما شعبها يعاني من قرارات سياسية مالية تذبحه من الوريد إلى الوريد"... مضيفاً:"الناس مأزومة، وسياسات التجويع الحكومية والنقدية من سيء إلى أسوأ، وهي بين سكّينة السلطة وسكّينة الحاكم المركزي، فيما أغلبها أصبح في قعر البؤس واليأس والفقر المدقع والجوع القاتل. وكما يروى "عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه"، فالجوع كافر، والمحتكر ألدّ أعداء الله والوطن، بل أكبر أعداء الداخل، لأنه شريك تنفيذي لأخطر طبقات نهبت البلد والناس، والبيئة السياسية أصبحت أشدَّ كفراً ونفاقاً والطبقة السياسية المالية المسؤولة عن تفليس البلد مسؤولة بالمطلق عن كل جريمة وعن كل جوع وفلتان يطال البلد".
ولفت قبلان، إلى أن "الأزمة عامة، والبلد لن يسقط بالطائفية، لأن الجائع واحد، والظالم والفاسد ومن نهب البلد لا دين له، ولا طائفة، ولن يغطيه دين ولن تحميه طائفة، واللعب بالحسّ الطائفي حرام، والاستثمار بالطائفية حرام، بينما المطلوب هو التضامن وشراكة الطوائف وتعاون رؤسائها من أجل نصرة المظلوم والمحروم والمنهوب، وهو من أوجب الواجبات الدينية والوطنية، لأن منطق الدين، ومنطق بناء الوطن وحفظه وصونه يقومان على نصرة المظلوم والتخلص من الظالم، وقطع يد السارق الفاسد مهما كان دينه". وأسف لأن "البلد يتجه نحو الانفجار، وبركان الشوارع بطريقه نحو الكارثة، والحل لا يكون بإعدام الناس عن طريق رفع الدعم، بل بجر من خرّب البلد ونهب البلد وأفسد في البلد إلى السجون، ومصادرة أموالهم وأموال عيالهم، وكل من شاركهم وتشارك معهم، إذ لم يعد مقبولاً بعد كل الذي جرى ويجري، مهادنة هذه السلطة السياسية أو الوثوق بها، فقد سقطت إلى غير رجعة، بل يجب مواجهتها ومحاسبتها على ما ارتكبت وأجرمت واتخذت من قرارات سياسية ومالية أدت إلى حصول هذه الكارثة الاقتصادية والاجتماعية والمالية، ووضعت البلد بأسره على حافة المهوار الخطير، هذه المنظومة السياسية والمالية يجب أن تسقط، يجب أن تحاكم، لأن ما قامت به وما مارست من سلطة وتسلّط وتحكّم بالبلاد والعباد هو أسوأ من أي حرب وأخطر من أي عدوان وأبشع من أي حصار يمكن أن يتعرض له بلد على الإطلاق".
ومناسبة ذكرى انتصار تموز– آب، أكد أنه "بفضل الله تعالى وفضل دماء الشهداء والمجاهدين وصبر الناس انتهت حرب تموز على قاعدة "توازن ردع قوي وضامن لسيادة لبنان"، ولأول مرة تتحول المقاومة إلى قوة دفاع جغرافية بعيداً عن حرب العصابات، ومعها سحبت تل أبيب مشاريع احتلال لبنان عن الطاولة، ومع مراكمة قوة المقاومة خاصة الترسانة الثقيلة والصواريخ الدقيقة والموجهة أضحت المقاومة عقدة توازنات إقليمية ولأول مرة تقر مراكز القرار الإسرائيلية بأنّ تل أبيب لم تعد قادرة على خوض حرب منفردة مع المقاومة في لبنان خشية مفاجآت استراتيجية، خاصة أنّ معركة سيف القدس كشفت تل أبيب عن شلل وفشل وتخبّط وتصدّعات ملفتة بميزان ردع تل أبيب، لذا كانت عين مراكز القرار في تل أبيب على ما تخفي المقاومة من مفاجآت في لبنان".