أشار وزير في حكومة تصريف الأعمال، في حديث إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "العلاقة بين رئيس الجمهوريّة ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ليست على ما يرام، وأنّ الخلاف اندلع بينهما منذ فترة، لكنّه بقي تحت السيطرة إلى أن خرج إلى العلن بامتناع دياب عن مراعاة الرئيس عون بدعوة مجلس الوزراء لعقد جلسة طارئة، بتحريض من رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل".
وكشف أنّ "دياب لا يخفي أمام من يثق بهم تدخّل باسيل في كلّ شاردة وواردة، ويتصرّف على أنّه الوزير الأوّل غير المعيَّن، وهذا ما شكّل إزعاجًا لدياب"، مؤكّدًا أنّ "حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة كان طرح لدى استدعائه لحضور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع رفع الدعم، من دون أن يلقى معارضةً من جميع الحاضرين، وإلّا فلماذا بادر وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر إلى إعلام الصحافيّين بقرار رفع الدعم؟".
ولفت الوزير إلى أنّ "الرئيس عون انقلب على موقفه بذريعة أنّ سلامة لم يترك لهم فرصة لمناقشته في قرار رفع الدعم، لارتباطه بموعد آخر، مع أنّ انقلابه يعود إلى رضوخه للضغط الّذي مورس عليه من باسيل، الّذي يزايد شعبويًّا لاعتقاده أنّ استثماره في الأزمات يتيح له أن يستعيد شعبيّته لخوض الانتخابات النيابية".
وأعرب عن استغرابه "كيف أنّ عون طلب من مكتبه الإعلامي أن يصدر البيان الّذي ضمّنه دعوته بالاتفاق مع دياب لعقد جلسة استثنائيّة لمجلس الوزراء، رغم أنّ الأخير كان صارحه بعدم التجاوب معه، لئلّا يُتَّهم بخرق الدستور، لأنّ ما يريده من الجلسة لا يتعلّق بتسيير أمور اللبنانيّين وإنّما لاتخاذ قرار بإقالة سلامة مدعومًا بمطالعة جاءته من الفريق السياسي المحسوب عليه".
ورأى أنّ "باسيل كان يخطّط لجرّ البلد إلى مزيد من التأزّم، ويتلطّى وراء صلاحيّات رئيس الجمهورية، ليس لاستهداف سلامة فحسب، وإنّما لاتهام دياب بالوقوف ضدّ عون لمنعه من ممارسة صلاحيّاته، اعتقادًا منه أنّه يستنفر المسيحيّين لدعمه في موقفه لاسترداد صلاحيّة رئيس الجمهوريّة وحقوق المسيحيّين، مع أنّ باسيل هو مَن كان وراء استقالة الحكومة قبل أن تستقيل رسميًّا سواء من خلال الضغط على رئيسها، للتراجع عن قرار مجلس الوزراء بعدم إنشاء معمل لتوليد الطاقة في سلعاتا بمنطقة البترون، أو من خلال اضطراره تحت ضغط عون للعودة عن قرار مجلس الوزراء بترحيل البحث في التعيينات الإداريّة".
كما سأل الوزير نفسه: "لماذا اختار باسيل هذا التوقيت للهجوم على سلامة؟ وهل كان يخطّط للإطاحة بالجهود الرامية لتشكيل الحكومة، في ضوء ما تردّد أنّ منتصف الأسبوع المقبل سيكون حاسمًا للإعلان عن التشكيلة الوزارية، مشترطًا تحسين شروطه في التركيبة الّتي يعدّ لها رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، الّذي أبدى كلّ مرونة لاستيعاب الضغوط الّتي يمارسها باسيل على عون؟".
وأوضح أنّ "ميقاتي يتبع سياسة النفَس الطويل في مشاورات التأليف الّتي يعقدها مع عون، ويتوقّع ألّا تؤثّر الأزمة الّتي افتعلها باسيل على الأجواء الإيجابيّة الّتي يُتوقّع لها أن تستمر، وصولًا إلى إخراج التشكيلة الوزاريّة من المطبّات الّتي تُنصَب لها لتأخير ولادتها"، لافتًا إلى أنّ "باسيل لا يزال يتطلّع، وبضوء أخضر من عون، لتعديل "اتفاق الطائف" في الممارسة، وصولًا إلى فرضه كأمر واقع". وبيّن أنّ "عون لم يجد شركاء له في حملته على سلامة، سوى "حزب الله" الّذي شنّ هجومًا على الأخير بلسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم".
وسأل أيضًا "ما إذا كان باسيل يعتقد واهمًا أنّ مواصلة حملته على سلامة، ستدفع بواشنطن للدخول معه في مقايضة تتيح له التخلّص من العقوبات الأميركية المفروضة عليه، في مقابل الكفّ عن ملاحقة حاكم مصرف لبنان"، مشيرًا إلى أنّ "عون، وبطلب من باسيل، اعتقَد أنّ دياب سيوافق على دعوة الحكومة المستقيلة للانعقاد، بذريعة أنّه كان شكّل رأس حربة في الهجوم على سلامة، لكنّه أخطأ في تقديره ليس دفاعًا عنه، وإنّما لعدم إقحام نفسه في لعبة تصفية الحسابات لئلّا يُتَّهم بأنّه يعيق تشكيل الحكومة، خصوصًا أنّه أَعلم الوزراء الّذين راجعوه بأنّ لا مبرّر للتسرُّع ما دامت الحكومة ستُشكّل في الأسبوع المقبل".