كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان اجتماعا سيعقد يوم "الثلاثاء" في مكتب"الاونروا" الرئيسي في بيروت بين المدير العام كلاوديو كوردوني ووفد فلسطيني مصغر من "هيئة العمل المشترك"، استكمالا لاجتماع سابق عقد الاسبوع المنصرم، والرابع بعد اجتماعين عقدا فيالسراي الحكومي برعاية رئيس "لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني" الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة.
ومن المتوقع ان يحسم الاجتماع القرار النهائي حول المقترحات التي قدمت في الاجتماع السابق وتتعلق بالمساعدات المالية النقدية التي تنوي "الاونروا" تقديمها للفلسطينيين في لبنان، بعدما جرى الاتفاق المبدئي على تقسيمها الى مرحلتين، الاولى، تشمل الاطفال من عمر صفر الى الثمانية عشرة وفق ما كان مقررا اربعين دولار اميركي، دون اي تخفيض بقيمتهاوتحديدالتاريخ للبدء بها فورا، والثانية، تشمل الاشخاص من 19 عاما وما فوق، وتستهدف كل عائلة فلسطينية محتاجة،غير ان "الاونروا" طلبت مهلة ستة أشهر لتقوم بدراسة دقيقة وإحصاء إجتماعي لكل المخيّمات الفلسطينيّة لتبيان من هم الأكثر حاجة بالأسماء والأرقام (يتوقع ان تطال 156 الف لاجئ)، كي يتم اعتماد نتائج هذا الإحصاء عند توزيع أي مساعدة، فيما تصر حركة "حماس" و"الجبهة الديمقرطية" ومنظمة "الصاعقة"، على ان تشمل كل الشعب الفلسطيني دون استثناء نظرا للازمة الطاحنة التي تفتك بهم.
وتقول مصادر فلسطينية مسؤولة لـ"النشرة"، ان ادارة "الاونروا" نجحت مجددا في المراوغة وتقطيع الوقت عبر تقديم هذه المساعدات المالية وحرف الاهتمام حول تفاصيل من تشمله المساعدة، دون إجبارها على اعلان حالة طوارئ اغاثية وصحية كما تطالب القوى واللجان الشعبية الفلسطينية، بحيث تكون المساعدات دورية ومنتظمة ولكل الشعب الفلسطيني المسجلين على قيودها من جهة، وتكون التغطية الصحية على اختلافها كاملة مئة بالمئة من جهة أخرى.
وفي خطوة لافتة اثارت ضجة كبرى حول أسباب عدم رغبة ادارة "الاونروا" اعلان حالة الطوارئ، كشفت عنهامنظمة حقوقية فلسطينية وتعود الى وجود ضغوط ثلاثية الابعاد اميركية-اسرائيلية–فرنسية، تتعرّض لها الوكالة بهدف عدم ضخّ الاموال وإبقاء لبنانعلى حاله من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ضجّة في الاوساط السياسية اللبنانية والفلسطينية معا.
وقال رئيس "الهيئة 302" للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيينعلي هويدي في بيان باسم الهيئة، إنّ مصدراً من الأمم المتحدة فضّل عدم الكشف عن اسمه، قد أخبر الهيئة بمعلومات تفيد أنّ "إدارة الأونروا تتعرض لضغوط كبيرة أميركية وإسرائيلية وثالثة فرنسية لمنع إطلاق خطة طوارئ خاصة باللاجئين في لبنان دون باقي الأقاليم، والهدف الإبقاء على لبنان في دوامة أزمته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بحيث يُراد منع ضخ الأموال لها،اذ ان الجهات الضاغطة، تريد الإبقاء على الوضع القائم في بيروت على حاله، والذي يشهد تراجعًا بسبب تفاقم الأزمات"، داعيا وكالة "الأونروا" إلى عدم الاستجابة للضغوطات الثلاثيّة وغيرها، والإسراع بإطلاق خطة طوارئ عاجلة، للاستجابة لاحتياجات اللاجئين الفلسطينيين، أسوة ببقية الأقاليم التي تعمل فيها الوكالة.
ومنذ سنوات تتهم القوى الفلسطينية واللجان الشعبية والمنظمات الحقوقية بعض الدول الكبرى بممارسة الضغوط على "الاونروا" لإنهاء خدماتها وشطب حق العودة، وقد ظهر ذلك جليا في عهد ادارة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، الذي اوقف كل التبرعات للوكالة، والتي توازي ثلث موازنتها السنوية بهدف ممارسة ضغوط على القيادة والقوى الفلسطينية للقبول بـ"صفقة القرن" وهو ما رفضته جملة وتفصيلا، توازيا مع اتهام ادارة "الاونروا" بالانخراط في المشروع السياسي عبر تقليص خدماتها بدلا من السعي الى زيادتها وتحسينها في ظلّ الظروف المأسويّة التي تزنّر المخيّمات تحت ذريعة العجز الدائم في موازنتها، بينما تطالب بجعلها ثابتة وسنويّة من هيئة الامم المتحدة.
وبانتظار ما سيؤول اليه الاجتماع، ما زالت الازمات اللبنانيّة الخانقة تشتدّ وتتوالى فصولا كل يوم، تفتك بالمواطنين اللبنانيين وتتضاعف تداعياتها السلبية على اللاجئين الفلسطينيين، ما ينذر بكارثة انسانية غير مسبوقة، حتى في عزّ الاحداث الجارية.
وآخر فصول الازمات قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات، ما اشعل غضب الشارع اللبناني، فيما عاشت المخيمات "لوعته" مضاعفا نتيجة ارتباطها بدورة الحياة اللبنانيّة نتيجة وقوع غالبيّتها قرب المدن كما حال مخيّمي عين الحلوة والميّة وميّة(مدينة صيدا)، الرشيدية والبص والبرج الشمالي (مدينة صور)، مار الياس وبرج البراجنة وشاتيلا (مدينة بيروت) البداوي ونهر البارد (مدينة طرابلس) التي عانت من فقدان البنزين والمازوت وانقطاع التيار الكهربائي واطفاء المولدات والعتمة وقبلها الغاز والادوية وارتفاع اسعار المواد الغذائيّة والاستهلاكية وسواها.
وترجم القرار فورا ببدء أزمة خبز في المخيّمات بعد توقف غالبية الافران اللبنانيّة عن تسليم المحال التجارية لبيعها بالمفرق نتيجة ازمة المازوت وعدم قدرتها على تلبية حاجة كل السوق المحلي، في وقتظهرت فيه حقيقة مرة تتمثل بعدموجود ايّ فرن داخل المخيمات باستثناء مخيم الرشيديّة في منطقة صور-فرن القسطل،فيما يعتمد أبناؤها كليا على افران المدن اللبنانية وخاصة مخيم عين الحلوة الذي يعتبر الاكثر اكتظاظا بالسكان.
وأوضح امين سر "اللجان الشعبية الفلسطينية" في لبنان سابقا ابو اياد شعلان لـ"النشرة"، اننا كلجان شعبية طالبنا باستحداث أفران في المخيّمات منذ بدء الازمة ايام وزير العمل السابق كميل ابو سليمان تكون ملاذا لابنائها عند اي أزمة، ولكن للاسف لم يستجاب لنا"، مضيفا "كنا نأمل استحداث افران في صيدا وبيروت والشمال، يغذي كل واحد منها مخيمات منطقته"، مؤكدا "لو كانت موجودة حاليا لما تأثرت المخيمات الى هذه الدرجة من الازمة اللبنانية".
وتأتي أزمة الخبز، لتضاف الى أزمة العتمة التي تلف المخيمات نتيجة الانقطاع شبه الدائم بالتيار الكهربائي، بسبب شحّ مادّة المازوت وانعدام سبل تأمينها ايضا، وهو ما انعكس على مولدات الاشتراكات الخاصة التي أطفأت محركاتها او اعتمدت برنامج تقنين قاس، وسط مطالبة متكررة للوكالة برفد المخيمات بمادة المازوت،بعد أنّ بات يهدد فقدانها عمل المؤسسات الصحّية والطبيّة، ما ينذر بكارثة انسانيّة وشيكة.