لفت رئيس الجمهوريّة ميشال عون، إلى أنّه "ليس هناك أسهل من المزايدات والخطابات الشعبويّة، وليس هناك أسهل أيضًا من توزيع الاتّهامات يمينًا وشمالًا، حتّى تتزوّر الحقائق ويتغطّى المذنبون الحقيقيّون".
وأوضح، في كلمة إلى اللبنانيّين، أنّه "منذ بدأت أزمة المحروقات، وأنا أدعو إلى حلّ عمليّ وسريع، كي لا نصل إلى ما وصلنا إليه، ويتبهدل المواطنون أمام محطّات البنزين، وتنقطع الكهرباء، وتتوقّف المولّدات... وكنّا قرّرنا في اجتماع انعقد هنا في القصر الجمهوري، أن يستمرّ الدعم على المحروقات حتّى نهاية شهر أيلول المقبل، كي يتزامن رفع الدعم التدريجي مع صدور البطاقة التمويلية"، مؤكّدًا "أنّنا لم نترك وسيلةً إلّا وعملنا عليها، بما فيها الاتفاق الّذي حصل مع العراق لاستيراد المحروقات، والّذي من المفترض أن يبدأ تنفيذه خلال الشهر المقبل".
وشدّد الرئيس عون على أنّ "الّذي خرّب الوضع وجعل الأزمة تتفاقم، هو القرار الّذي أخذه حاكم "مصرف لبنان" بوقف الدعم من دون العودة إلى الحكومة، وقبل صدور البطاقة التمويليّة. مع الأسف، فإنّ هذا القرار جعل أزمة المحروقات تتفاقم أكثر فأكثر، مع إصرار الحاكم على موقفه، ومطالبته بإصدار تشريع يغطّي الصرف من الاحتياط الإلزامي". وأشار إلى أنّ "بعد قرار الحاكم، طلبت عقد جلسة استثنائيّة لمجلس الوزراء لدرس الوضع واتخاذ القرار وإيجاد حلّ شامل، فيتحمّل كلّ وزير مسؤوليّته ضمن اختصاصه. لكن رئيس الحكومة اعتبر أنّ مجلس الوزراء لا يجتمع في فترة تصريف الأعمال".
وفسّر أنّه "لأنّ الدستور حصر دعوة مجلس الوزراء برئيسه، أو بموافقته في حال ارتأى رئيس الجمهوريّة ضرورة الدعوة إلى جلسة استثنائيّة، لم ينعقد المجلس بالتالي، ولم نتمكّن من اتخاذ القرار المناسب"، مبيّنًا أنّ "إذ ذاك، لم يعد أمامي إلّا أن أطلب من مجلس النواب أن يتخّذ المبادرة في معالجة هذه المسألة، فوجّهت إليه رسالة شرحت فيها كلّ الوقائع، وطلبت مناقشتها واتخاذ القرار أو الموقف المناسب. ولكن، مع الأسف، أتى موقف مجلس النواب بصورة عموميّة من دون أيّ خطوات عمليّة تنفيذيّة، وهو اكتفى بالدعوة إلى تشكيل حكومة وإصدار البطاقة التمويليّة؛ وبعد ذلك رفع الدعم".
وذكر أنّ "مرّةً جديدةً، لم نصل الى نتيجة عمليّة، وقد استخدمت كلّ صلاحيّاتي الدستوريّة: مجلس الوزراء لم ينعقد، ومجلس النواب لم يتّخذ إجراءً عمليًّا، والوضع اليوم هو كما ترونه وتعيشونه"، معلنًا "أنّني قد أحببت أن أصارحكم بالواقع، كي تعرفوا أنّ هناك عرقلةً لكلّ فكرة أو اقتراح أو مبادرة، كأنّ المطلوب هو المزيد من تدهور الأوضاع والمعاناة والعذاب للمواطنين، ووقوفهم في طوابير الذلّ... أنا أعرف أنّ المطلوب خطوات عمليّة يجب أن نأخذها".
كما شرح عون أنّ "من جهتي، تشاورت مع رئيس الحكومة، ودعونا إلى اجتماع اليوم في قصر بعبدا، تقرّر فيه: دعم المحروقات على أن تتحمّل الخزينة اللبنانية جزءًا من الكلفة، وإعطاء موظّفي القطاع العام مساعدة اجتماعيّة عاجلة، بانتظار إعادة النظر بالرواتب والأجور وفقًا للأصول، وضمن خطّة تعافٍ شاملة".
وأكّد أنّ "بالنسبة إلى الحكومة، ستتشكّل بإذن الله، وبالتعاون بيني وبين رئيس الحكومة المكلّف. والأساس هو أن تكون حكومة قادرة على القيام أصلًا بالإصلاحات، وحاصلة على ثقة الكتل النيابيّة"، مطمئنًا "أنّني سأظلّ أعمل حتّى نبلغ الحلول، ولن أتأثّر بالمزايدات ولا بالحملات الإعلاميّة، كما ولن أتخلّى عن واجباتي ومسؤوليّاتي". وشدّد على أنّ "للأسف، تعطّلت كلّ أجهزة الدولة المفروض فيها أن تتّخذ القرارات، فأخذت أنا المبادرة لحلّ الأزمات الضاغطة والمشاكل الطارئة"، لافتًا إلى أن "الوضع صعب، لكن بتضامننا نحن قادرون أن نصل تدريجيًّا إلى النتائج المرجوّة".