رأى وزير الخارجيّة السابق فارس بويز، أنّ "موضوع تشكيل الحكومة أكبر من اللّاعبين المحليّين، ويرتبط بمفصل أساسي شائك، ألا وهو دور "حزب الله" ونفوذه في لبنان، وبالتالي فإنّ الدولة اللبنانية واقعة بين "شاقوفَين" خطيرَين، ليس باستطاعة أحد ان يقاربهما بخفّة وسهولة".
وأوضح، في حديث إلى صحيفة "الراي" الكويتيّة، أنّه "إن تألّفت حكومة فيها تمثيل للحزب وحلفائه، ستكون حكومة معطَّلة بالولادة لأنّها لن تستطيع مخاطبة لا الغرب ولا العالم العربي، ولن تتمكّن من الحصول على مساعدات خارجيّة، وستكون بالتالي حكومة عاجزة عن النهوض بالبلاد. أمّا إذا تألفت من اختصاصيّين مستقلّين وهو أمر مستحيل، فستكون حكومةً مكبّلةً برقابة "حزب الله" وحلفائه على أعمالها". وأكّد "أنّنا أمام خيارَين لا ثالث لهما، أمّا لا حكومة حتّى نهاية العهد، وإمّا حكومة لا تكون مقبولة من المجتمع الدولي".
ولفت بويز إلى أنّ "ما تقدّم، يُضاف إليه رهان رئيس الجمهوريّة ميشال عون على الفراغ، وذلك لاعتقاده أنّ الظرف الوحيد الّذي سيسمح بتوريث رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل السدّة الرئاسيّة، هو خلق حالة أسوأ بكثير من الحالة الراهنة، أيّ الاتجاه نحو الأرض المحروقة، حيث سيصبح انتخاب باسيل على رأس الجمهوريّة، أقلّ وطأةً وضررًا من البقاء في "مركز جهنم".
وبيّن أنّ "من هنا، نفهم أبعاد الشروط التعجيزيّة للرئيس عون، على رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي وقبله رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بغية عرقلة التأليف، لكي نصل تباعًا إلى لا حكومة أصيلة، ولا انتخابات نيابية، وبالتالي إلى لا انتخابات رئاسية، حيث سيطالعنا ساعتها جهابذة العهد في القانون الدستوري، بأنّ هناك حاجة ماسّة لاستمرار عمل المؤسّسات، وبالتالي ضرورة الاختيار بين حلّين، أمّا بقاء الرئيس عون في قصر بعبدا، وامّا تفضّلوا بانتخاب باسيل رئيسًا للجمهوريّة، كحلّ أقلّ ضررًا من الفراغ المطلق، ما يعني "خلق واقع يطيب فيه المرّ أمام الأمرّ".
وركّز على أنّ "تراجُع شعبيّة "التيار الوطني الحر" لا تعني أن يتراجع "حزب الله" عن السير بباسيل رئيسًا للجمهوريّة، وذلك لعدم وجود غطاء مسيحي بديل عن الغطاء الّذي قدّمه له الرئيس عون ومن خلفه باسيل، وبالتالي لا خيار أمام الحزب سوى اعتبار باسيل الخلَف المناسب للسلف المناسب، علمًا أنّ المسؤول عن هذا الواقع المرير، هو الشارع الّذي اقتيد دومًا بالشعارات والحقوق الطائفيّة". وذكر أنّه "إن كانت الثورة قد نجحت في التعبير عن رأي الناس وآلامهم وكرههم للمنظومة السياسيّة، لاسيّما الحاكمة منها، إلّا أنّها لم تنجح لا في تنظيم صفوفها وتوحيدها، ولا في خلق قوّة تغييريّة حقيقيّة، بدليل تراجعها على الأرض عمّا كانت عليه في مشهديّة انطلاقتها في تشرين الأوّل 2019".