يُقزِّزنـي الـمشهَد ويُزعجنـي، رؤيةْ الـمسؤول، أو الوزير أو النائب، الذي يطلّ من على منبـر بكركي ليُحاضِر بالعفّة والسيادة وحُبّ الوطن، وأنه يُعارِض ويشجب حـملات التخوين والتجريح التـي طاولت البطريرك الـمارونـي مار بشاره بطرس الراعي، وأنه ضدّ التهجُّم على هذا الـمقام الوطنـي الكبـيـر، وهو مُتضامِن مع البطريرك ويؤيّد مواقفه الوطنية والسيادية... يا سادة، إستحوا واخجلوا، هذه الـمواقف الضبابـية والدونكيشوتية لـم تعُد تـنطلي على الشعب اللبنانـي. لإنـها لغة التذاكي والـمُحاباة، ولغة التزلُّف والإستـرضاء التـي أوصلت وطن الأرز وشعبه الأبـيّ إلـى قعر الفقر والذلّ، وأعادَتهُ إلـى القرون الوسطى، مثل "حلفائه الـمُمانعيـن" فـي سوريا والعراق واليمن وإيران...
لا يكفي يا حضرة النائب أن تستـنكر ما يتعرّض له البطريرك الـمارونـي من إساءات.
لا يكفي أن تـمدَح بكركي وتُذكِّر الناس بالـمواقف البطولية والتضحيات الـجسيمة التـي قدّمها البطاركة الـموارنة على مرّ العصور، من أجل "لبنان الكبـيـر"، ومن أجل الإستقلال الأول والثانـي.
لا يكفي أن تُعدِّد الإنـجازات التـي حقّقها الـمسيحيون ، ولاسيما منهم الـموارنة، فـي مـجالات العلم والثقافة والفن والطبّ والـهندسة والقانون... وكيف حوّلوا هذا الوطن الصغيـر بـمساحته، والفقيـر بـموارده الطبيعية، إلـى منارة إشعاع ونور وحضارة ورقيّ.
لا يكفي يا حضرة النائب أن تقول إنك مع السيادة والـحرية والإستقلال...
نعم، كل هذا لا يُقنِع ولا يكفي.
الـمواطن يريد أن يعرف موقفكَ الواضِح والصريح من الأمور الأساسية التـي يُعانـي منها الوطن :
- مِن سلاح "حزب الله" وسلاح الـميليشيات التابعة له.
- مِن إقحام لبنان فـي صراعات الـمنطقة وزجِّه فـي الـمحور الإيرانـي.
- مِن قضية إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، وجَعل لبنان "صندوق بريد" ومنصّة صاروخية خِدمةً للمصالـح الإيرانية التفاوضية.
- مِن تـهجُّم السيد نصرالله على الدول الغربـية والعربـية والـخليجية، وتـهديداته لقسم من اللبنانيـيـن ولبعض وسائل الإعلام وللقاضي طارق البـيطار.
- مِن الـحياد الإيـجابـي، ومن تدويل القضية اللبنانية.
- مِن التدقيق الـجنائي، ورفع الـحصانات، واستقلالية القضاء، وتطبـيق قانون الإثراء غيـر الـمشروع...
كُن على ثقة يا حضرة "مشروع نائب" لعام 2022 أنك لا تستطيع أن تـتذاكى على الناس كل مرة، وتُغدِق عليهم الوعود البـرّاقة، و"تبلفهُم" بـمواقف ضبابـية، وتضع "إجر بالبور وإجر بالفلاحة"... ساعة مع الـمحور الإيرانـي وساعة مع الـمحور العربـي والـخليجي، ساعة مع الفريق الـمُمانِع وساعة مع الفريق الـحيادي والسيادي... ثـمّ تقول لـهم بوقاحة: إنـتخِبونـي، أنا ضدّ الفساد والـحراميّة، وتُغطّي وتـتـحالف مع الفاسدين وناهبـي أموال الدولة، وأنا مع سيادة لبنان واستقلاله، وتغطّي وتـتـحالف مع أبطال السلاح الـميليشيوي وغيـر الشرعي، وأنا مع الـحقّ والعدالة، وتغطّي وتـتـحالف مع القتلَة والـمجرميـن، وأنا مع
لبنان أولاً وأخيـراً، وتغطّـي وتـتحالف مع مَن وضَعَ مصلحة لبنان وسلامة أراضيه وأمنِه واستقراره تـحت رحـمة مـحور إقليمي له أجنداته ومشاريعه التوسّعية...
لن أُطيل، أريد أن أُصارِح بعض الذين يـتـنافسون ويـتـبارون على شاشات التلفزة فـي تأيـيد بكركي، لأقول لـهم : أنـتم غوغائيون ودجّالون وشعبويون، تـتـزلّفون وتـزحفون من أجل الوصول إلى السلطة والـمال والنفوذ، وآخر هـمّكم لبنان.
إذا كنـتم حقاً وطنيـيـن وسياديـيـن، وتؤيّدون مواقف البطريرك الـمارونـي، وتريدون مصلحة لبنان وشعبه، قبل مصالـحكم الـخاصة والفئوية،
" لا تسكتوا عن تعدُّد الولاءات... لا تسكتوا عن الفساد... لا تسكتوا عن السلاح غيـر الشرعي وغيـر اللبنانـي... لا تسكتوا عن مُصادَرة القرار الوطنـي... لا تسكتوا عن الإنقلاب على الدولة والنظام"... ونقطة على السطر.