في برنامج يُفترض أن يهدف الى تقوية قدرات وزارة البيئة، مموّل من قبل برامج الأمم المتحدة الإنمائية، وقعت "السرقة" من قبل موظف "لا يعلم سوى الله، ومديرة البرنامج، كيف تم توظيفه"، ففي هذه البرامج لا مكان سوى للمحسوبيّات، والتنفيعات، فما جرى في وزارة البيئة؟.
في 24 آب الجاري، أرسلت المديرية العامة للبيئة كتاباً الى المدعي العام لدى النيابة العامة لدى ديوان المحاسبة، بشأن "سرقة سيارة ملك وزارة البيئة، من المال العام"، وبطل هذه السرقة هو أجير عامل في برنامج تعزيز القدرات المؤسساتية المنفذ عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الأمر الذي يُعيد تسليط الضوء على "العقلية المافيوية" التي تحكم هذه البرامج وطريقة التوظيف فيها.
في الوقائع التي حصلت عليها "النشرة" فإن وزارة الدفاع وافقت على قبول نقل ملكية 3 سيارات على اسمها، كانت ملك وزارة البيئة، وعندما بدأت الإجراءات الإدارية لنقل الملكية، علمت "البيئة" أنه تم تسليم وزارة الدفاع أول سيارتين، "بيجو 307XR"، و"تويوتا لاند كروزر"، وبقيت سيارة ثالثة هي "نيسان PATHFINDER"، وعندما تمّ الطلب من السيد كمال فرج، الحضور الى الكاراج حيث تتواجد السيارة الثالثة لأخذ اللوحات مع دفتر التسجيل الأصلي العائد لها وتسليمه الى هيئة إدارة السير لإصدار شهادة الأنقاض، تبين أن السيارة مفقودة من الكاراج.
عندها أجرت وزارة البيئة الإتصالات اللازمة مع قيادة الجيش لمعرفة ما جرى، فتبيّن أن سيارة البيجو تم تسلمها فعلياً، أما بالنسبة لسيارة التويوتا لاند كروزر رقم لوحتها 101610، فهي لم تُسلم الى قيادة الجيش كون السيد الموظف الامين "ح. ع" والذي كان مكلفاً خلافاً للأصول المرعية الإجراء، تسليم السيارات، والذي هو أجير في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد عمد الى تزوير محضر التسلّم والتسليم، وسرق السيارة المذكورة وباعها.
تم توقيف الموظف لصالح النيابة العامة العسكريّة في الشمال، وتم الحجز على السيارة الثالثة من قبل مخابرات الجيش لمنع الموظف من التصرّف بها كونه كان يعلم مكانها.
لا تنتهي القصة هنا، فللموظف قصة أخرى، وهي كيف أصبح موظفاً كسائق، وهنا تكشف مصادر مطّلعة أن المديرية العامة للبيئة قد ضمّنت كتابها كل المعلومات التي تمتلكها عن هذا الموظف الذي يعمل بصفة سائق، فتشير الى أن مسؤولة البرنامج الذي يعمل به هي منال مسلّم (التي هي مرشحة دائمة لتولي منصب وزارة البيئة كمختصّة)، وهي زبونة دائمة لوالد الموظف الذي يُدير موقفاً لركن السيارات في محيط مبنى العازارية حيث مقر وزارة البيئة، وحيث مكتب مسلّم التي تشغل أحد مكاتب الوزارة، وهكذا تم توظيفه على الأرجح.
وتؤكد المصادر أن هذه المعلومات غير موثّقة بمستندات، ولكنها وُضعت في تصرّف ديوان المحاسبة للتحقيق بشأنها، خاصة أن هناك الكثير من الشبهات حول طريقة التوظيف في برامج الأمم المتحدة، وفي الحالة الماثلة أمامنا، فهناك معلومات أيضاً عن أن الموظف السارق يحمل شهادة جامعيّة، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول آليّة توظيفه كسائق.
تحاول المديرية العامة للبيئة من خلال كتابها هذا أن تتمكن من التوصل الى جواب شافٍ حول ما إذا كان المال الذي أنفق على مشروع "تعزيز القدرات المؤسساتية لدى وزارة البيئة" أدى ويؤدي إلى تعزيز وتقوية قدرات الموظفين العاملين في الوزارة المذكورة، أم الى تدمير ممنهج داخل الوزارة، وإلى القضاء على روح الموظف في الخدمة العامة.
أمس تبين وجود تواطؤ بين مسؤولين وموظفين في الجمارك وبين موظفين تقنيين في تكنولوجيا المعلومات اختارتهما وكالة دوليّة مسؤولة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، للقيام بأعمال سرقة، واليوم يتورط موظف ببرامج مشابهة بعملية سرقة سيارة من وزارة البيئة، فهل يستدعي هذا الأمر إعادة النظر بكل القيّمين على هذه البرامج، التي تحوّلت لتكون مغارة "علي بابا" للسرقة؟.