أشار نائب رئيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" العلامة الشيخ علي الخطيب، إلى أنّ "في ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر وأخويه الشيخ محمد يعقوب والإعلامي عباس بدرالدين، فإنّنا نتضرّع إلى الله أن يفكّ أَسرهم ويعيدهم إلى ساحة جهادهم".
ولفت، خلال تأديته صلاة الجمعة في مقرّ المجلس، إلى "أنّنا نستعيد المواقف الرياديّة للإمام الصدر الّتي أطلقها في بناء دولة المواطنة والكفاءة والمساواة والاستفادة من التنوّع في الانتماء الديني، واعتباره مصدر غنى للتبادل الثقافي من أجل بناء دولة الايمان، لا دولة الطوائف والتمايز الطائفي كما يريد العدو الاسرائيلي، ليبرّر وجوده العنصري في هذه المنطقة أمام العالم، ولتبقى عوامل الضعف والتوتّر والشكّ والريبة مدخلًا للتنازع والفتنة بين أبنائه، بدلًا عن كونه بلدًا حرًّا مستقلًّا قويًّا وقادرًا على مجابهة أطماع العدو الصهيوني في إنسانه وأرضه ومياهه، والّذي أثبت أنّه يشكّل أخطر تهديد وجوديٍ لهذا الكيان، الّذي يمثّل وجوده الشرّ المطلق كما عرّفه الإمام بنظرته الثاقبة ورؤيته العميقة، وأنّه كيان يناقض وجوده محيطه الّذي زرع فيه بالغاية الّتي كان من أجلها".
وذكر الشيخ الخطيب أنّ "لذلك ومنعًا من تحقّق هذه الأخطار، قام بخطوات متعدّدة أوّلها السعي إلى تقوية المناعة الداخليّة والعمل على قيام دولة المواطنة والقانون، منبّهًا إلى خطورة المشروع الصهيوني وغاياته الخبيثة والمدمّرة ولزوم الاستعداد للمواجهة الحتميّة مع هذا العدو، وعدم الركون إلى القوانين الدوليّة ومجلس الأمن، الّتي ثبت بالتجربة والدليل الحسّي أنّها لن تقدم على إجبار هذا العدو على الالتزام أو تطبيق القانون الدولي ومقرّرات مجلس الأمن؛ وأنّها بدلًا من ذلك ستهيّأ له الظروف ليضع يده على المزيد من الأراضي بالقوّة والعدوان كما حصل فعلًا".
وبيّن أنّ "الحسابات الطائفيّة والتدخّلات الخارجيّة حالت دون الاستجابة لهذه التحذيرات، وأدخلت لبنان في أتون الفوضى والحرب الأهلية، ممّا قوّض جهوده الإصلاحيّة وحدا به إلى بناء مقاومة جادّة تدفع خطر الاحتلال الّذي رأى أنّه بات قاب قوسين أو أدنى بسبب الحرب الأهليّة الّتي رأى فيها تمهيدًا أكيدًا لتحقّق الفرصة الّتي تمكّن العدو من بلوغ غايته".
وأوضح أنّه "إذا كان الإمام الصدر فشل في كسب معركة بناء الوطن، ولكنّه نجح وبشكل لم يكن ليتصوّر في تحصين لبنان من الضياع، وأن يقع فريسة الاحتلال الصهيوني ويبتلع أرضه ومياهه وينهي إنسانه، وبذلك فإنّه استطاع أيضًا أن يضع الأساس والقاعدة المتينة لمشروعه الوطني وبأسلوب جديد وبشكل معكوس، وينطلق من تحرير الأرض وصيانة تراب الوطن إلى بناء الدولة القادرة والقويّة والعادلة وإفشال كلّ المحاولات الّتي تريد إعادة الأمور إلى المربّع الأوّل، وبالتعاون مع القوى الخارجيّة أو الإقليميّة الّتي تعمل على إبطال ما أنجزته المقاومة من توازن للرعب مع العدو، وتحويل وجهة الصراع بالاتجاه الّذي يضعف المقاومة ويحرم لبنان من ورقة القوّة الّتي جعلته في واجهة الأولويّات في المنطقه، تحسب له القوى العالمية المعادية ألف حساب على خلاف ما يقال".
كما ركّز الخطيب على أنّ "ما الحصار الّذي يرزح تحته اللبنانيّون ومحاولات زرع الفوضى تحت الضغط الّذي يتعرّضون له، إلّا محاولة خبيثة ومؤامرة دنيئة تدلّ على الطبيعة اللأخلاقيّة واللإنسانيّة لهؤلاء الأعداء، والّتي يجب أن تكون دافعًا لنا للتكاتف والتعاضد والتعاون، للقيام بالإجراءات كافّة الّتي تمتّن الوحدة الداخليّة وتلجم الانهيار، وفي أساس ذلك العمل على تأليف حكومة إنقاذيّة بأقصى سرعة".
وشدّد على أنّ "كلّ من يتلكّأ عن الإسراع بتسهيل تأليف الحكومة، يكون متآمرًا ومشاركًا في الانهيار والخراب، الّذي باتت نذره واضحة في المشاهد الّتى نراها في كلّ شيء تسجّله عدسات الكاميرات وتظهره القنوات التلفزيونيّة أمام الرأي العام"، مشيرًا إلى أنّ "لذلك، فنحن ننتظر أن يخرج علينا اليوم أو غدًا على أبعد تقدير رئيس الحكومة المكلّف ليعلن ولادة الحكومة، لتبدأ أولى خطواتها بوقف مهزلة الطوابير المذلّة للمواطنين الكرام الّذين يستحقّون أن يقوم المسؤولون بخدمتهم، لا أن يذلوا انتقامًا منهم لأنّهم أذلّوا العدو وطردوه خارج بلدهم خاسئًا".
ورأى أنّه "بدل أن يتنازعوا الحصص والوزارات، عليهم أن يعملوا على إخراج لبنان من حالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وفكّ الحصار، والانفتاح والتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة الّتي تريد مساعدة لبنان ودعم شعبه وتوفير احتياجاته لتجاوز الأزمات الّتي تنهكه وترهق شعبه".
إلى ذلك، أكّد الخطيب أنّ "كلّ محتكر للغذاء والدواء والمحروقات، هو خائن لوطنه وشريك في تجويع اللبنانيّين، وهو يصنَّف في خانة لصوص المال العام الّذين كدّسوا الثروات الطائلة على حساب إفقار المواطنين"، لافتًا إلى "أنّنا إذ لا نعفي أجهزة الدولة الرقابيّة ومؤسّساتها القضائيّة من مسؤوليّة مكافحة الفساد والاحتكار، فإنّنا ندعو الى التعاطي مع هؤلاء بقسوة، فالظروف الّتي يمرّ بها اللبنانيّون ليست عادية، وهم بحاجة إلى حماية من هذه العصابات الّتي تهدّد الأمن العام والأمن الاجتماعي".
ونوّه بـ"جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية في مكافحة الاحتكار والكشف عن مخازن ومستودعات المحروقات، الّتي حوّلت لبنان إلى بؤر نفطيّة نخشى انفجارها وتكرار فاجعة التليل الأليمة، كما ننوّه بالجهود الّتي يقوم بها وزير الصحّة العامّة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، على رأس وزارته في قمع المحتكرين للدواء وملاحقتهم".
وركّز على أنّ "في ذكرى التحرير الثاني، نوجّه تحيّة الإكبار والتقدير إلى صنّاع هذا النصر، ونؤكّد أنّ لبنان قوي بجيشه وشعبه ومقاومته، وهو عصي على مؤامرة التجويع والتحريض، وسينتصر في معركة كسر الحصار كما انتصر في معركة تحرير الأرض ومواجهة الإرهاب بإذن الله".