قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر باصدار قوانين التأميم الشهيرة سنة ١٩٦١ وعنوانها الاصلاح الزراعي لتوزيع املاك وعزب الاقطاع التي كانت تفوق ٣٠٠ فدان على المزارعين بواقع ٥٠ فدان لكل فلاح او ١٠٠ فدان لكل عائلة فلاحية.
وكان هدف هذا التوزيع اصلاح الخلل البنيوي المتوارث في الملكية العقارية حيث كان اقل من واحد بالمائة من الملاكين يملكون حوالي ٦٠ بالمائة من الملكية الزراعية المصرية.
انتقد الرئيس عبد الناصر على مبادرته من الاشتراكيين لانها غير كافية ومن الراسمالية لانها فتتت الملكيات الكبيرة الى ملكيات صغيرة لا تصلح لاعمال زراعية واسعة وممكننة.
مهما قيل في هذه القوانين لسنة ١٩٦١ يجب الاعتراف انها حققت بعض العدالة والأمل للفقراء والمعدمين من فلاحي مصر وخلافا لكل التوقعات اعترف الفريق الاقتصادي الدولي فريق Harrod -Domar صاحب معادلة النمو الشهيرة الاقتصادية من وحي الاقتصادي Keynes ان النمو الاقتصادي وصل الى معدلات لم يتوقعوها.
اما في لبنان فمصادرة اموال المودعين والاطباق عليها منذ ١٩ اوكتوبر ٢٠١٩، دون تطبيق اي قانون او دستور بل بقوة فرض الواقع والتعاميم الجائرة تم تجريد اكثر من مليون ونصف مودع يمثلون ٦٠ بالمائة من اجمالي الودائع من حرية التصرف في اموال جنى عمرهم او ميراثهم، بينما سمح لقلة يقال حوالي ١٠٠٠ حساب يمثلون ٤٠ بالمائة من الودائع سمح لاغلبهم بالتصرف باموالهم وتحويلها الى الخارج، وهؤلاء اصحاب ومدراء بنوك ومساهمين واتباع المساهمين وسياسين؛ وقد صرح ابن شخصية بنكية معروفة وصاحب مصرف ان السياسين اغرموا ادارة البنوك على التحويل!!!
فلما توجه عبد الناصر سنة ١٩٦١ الى ارساء بعض العدالة على ارض مصر وشعبها،
توجه القطاع المصرفي سنة ٢٠١٩ في ١٩ اكتوبر بالتضحية بجنى مليون ونصف لبناني بما تبقى له من عملات واموال نصرة لالف شخصية مميزة من ضمن شبكة من العلاقات المشبوهة والسرية.
اجهزوا على اموال الناس واجهزوا ايضا على قطاع واسع من الاقتصاد اللبناني الذي تعب الكثير من المصرفيين الاوادم في بناءه بعد انهيار بنك انترا وتصفيته (لم تنتهي حتى اليوم )سنة ١٩٦٦.
ما قامت به القيادة المصرفية في لبنان هي املاءات قصرية لمصادرة غريبة وفريدة ومشبوهة لم يحصل مثلها في تاريخ البشرية الاقتصادية الا وهو تجريد قصري لجمع عدده حوالي ٤ مليون نسمة لو حسبنا ان كل حساب مسؤول عن ثلاثة افراد لنصرة تغذية حفنة من الشخصيات المختارة لتعيش الوفرة والثراء من مال الفقير.
كتبت الدوائر الاقتصادية الدولية ان ما حصل في لبنان لم يشهده تاريخ الازمات الاقتصادية في العالم هم بالطبع على حق فقط يجب ان نضيف انها عملية سرقة واسعة النطاق ومرتكبيها يتمتعون بنعيم العيش في سويسرا واوروبا هربا من حر ايام الصيف في لبنان خاصة ان لم يعد لشعب لبنان قدرة على شراء الكهرباء او الماء او الدواء او الوقود.
ينهبون الفقير لنصرة حفنة من الفاسدين المتداخلين المتمولين اذ اثبتت الاحداث الاخيرة ان لا راسمال ولا راسمالين ألا قلائل.
فريق من الاوادم المستقيمين المصرفيين والصناعيين والمزارعين المعزولين وهم ابرياء من سرقة القرن ال٢١ التي حصلت في لبنان حيث تم تضحية بالقطاع المصرفي وباموال عامة الشعب ولم تتمكن لا الدولة او الشعب او الثورة ان تقاضي او تسترد ولو فلس واحد من هولاء الفاسدين.
من الواضح أن الغرب الذي له اليد العليا في الاقتصاد لا يريد محاسبة ازلامه من هذه المجموعة الفاسدة التي تمكنت من لبنان ومن اقتصاده ومن شعبه، وان الدوائر الغربية بعلم يقين بكل ما تم تحويله الى الغرب بالعملات الغربية خلال هذه الفترة ولا مجال للشك في ذلك وانهم يعلمون.