"الأمور معقدة"... هكذا جاء جواب مصادر الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لدى سؤالها عن مسار تأليف الحكومة المرتقبة. وترفض هذه المصادر الغوص في التفاصيل، مكتفيةً بالإشارة إلى أن المسؤولية في تأخير ولادة الحكومة ليست محصورةً برئسيي الجمهورية والحكومة المكلّف، وإن كانا في الواجهة، بل تتوزع على بعض المكونات الأخرى المشاركة في عملية تأليف الحكومة، لعدم موافقة هذه المكونات على "المحاصصة الوزارية"، وتوزيع الحقائب وأسماء المرشحين للتوزير، على حد قول المصادر عينها .
في المقابل، تداولت أوساط عليمة معلومات نقلتها عن مرجع كبير في محور المقاومة مفادها: "أن اللقاء الأخير بين الرئيسين العماد ميشال عون ونجيب ميقاتي الأخير، الخميس الفائت، كان الأكثر جديةً، لأنة تناول مسألة إسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية في الحكومة المرجوة". ويرجّج المرجع عدم تراجع ميقاتي في مهمته". ويختم بالقول: "الأمور ماشية". غير أن مرجعاً في فريق الثامن آذار، يرى أن فرص إحتمال تشكيل الحكومة لا تتعدى الـ 15%، خصوصاً بعد موافقة ميقاتي على "بيان الإفتراء" في حق رئيس الجمهورية، الصادر عن رؤساء الحكومات السابقين. ويختم المرجع بالقول: "إن ميقاتي ليس إلا نسخة عن الرئيس سعد الحريري، ويخضعان سوياً لتعلميات الرئيس فواد السنيورة".
إذاً الآمال التي عقدها اللبنانيون على قرب ولادة الحكومة الجديدة تبددت، ولا يعنيهم كثيراً من سيجلس على كرسي الرئاسة الثالثة، ومن سيلتئم الى طاولة مجلس الوزراء، ومن سيستحوذ على "الثلث الضامن" من عدد الوزراء، بل جلّ ما يعنيهم ولادة حكومةٍ عتيدةٍ، تسعى الى الحد من الإنهيار الإقتصادي، والبدء في عملية النهوض، وقبل كل ذلك تأمين مقومات الحياة للمواطنين، خصوصاً الأدوية، الكهرباء، المحروقات، والسلع الغذائية، كنجاح المساعي التي بذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وتوجت بإستيراد ٨٤ ألف طن من النفط من العراق، لمعامل إنتاج الكهرباء في لبنان.
وفي ضوء أزمة إنقطاع التيار الكهربائي عن جميع المناطق اللبنانية، من المؤسف أن المعنيين في الدولة اللبنانية، لم يبادورا الى السعي الى تطويق هذه الأزمة غير المسبوقة التي يشهدها لبنان راهناً، في شكلٍ جذريٍ حتى الساعة.
وفي هذا الصدد يشير مرجع معني في العلاقات الثنائية اللبنانية- السورية، الى أن المعنيين في الجانب اللبناني، لم يجددوا عقد إستجرار الطاقة الكهربائية من سورية، بعد صدور "قانون قيصر" الاميركي العام الفائت، الرامي الى محاصرة الشعب السوري. علماً أن هذا "القانون" الجائر لا يستهدف تصدير الطاقة الكهربائية من سورية، يختم المرجع.
واللافت اليوم، أن المعنيين في الحكومة اللبنانية لم يبادورا مجدداً الى البحث مع الجانب السوري، لتمرير خط الغاز المصري عبر الأردن وسورية، ثم لبنان، لتزويد معامل الطاقة الكهربائية بالوقود، رغم بروز الضوء الأخضر الأميركي، بالسماح ببدء الإنفتاح على سورية، عقب تصريح سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا مؤخراً، التي أشارت فيه الى أن بلادها لا تمانع مرور هذا الخط عبر سورية الى لبنان.
وبناءً عليه يتوجب على الحكومة اللبنانية الى المبادرة سريعاً الى الإتصال بالجانب السوري، للتفاهم على تمرير الغاز المصري عبر الأراضي السورية، لضمان تأمين الكهرباء في لبنان قبل حلول فصل الشتاء، كون تمديدات الخط المذكورة آنفاً، غير مكتملةٍ، ويتطلب إستكمال تمديدها نحو شهرين على الأقل، هذا في حال بادرت الحكومة اللبنانية الى عقد إتفاق مع سورية في شأن تمديد هذا الخط عبر أراضيها، ولكن لم تحرك الحكومة الراهنة ساكناً في الشأن، بحسب تأكيد مرجع لبناني على تواصلٍ دائمٍ مع دمشق. ويؤكد أن حل المسألة اللوجستية ياتي إثر إنعقاد لقاء بين الحكومتين اللبنانية والسورية للتفاهم على إتفاق يفضي الى تمرير خط الغاز المصري عبر الأراضي السورية، ثم الى لبنان، وفقاً للأصول والأعراف التي تنظم العلاقات الدولية والعلاقات الثنائية بين الدول، وأما بغير ذلك، فلا حل لهذه المسألة، على حد تعبير المرجع.
ويؤكد أن تمرير هذا الخط من مصر وصولاً الى لبنان، يتطلب عقد إتفاق بين مصر والأردن وسورية ولبنان، في شأن التفاهم على حصة كل دولة من هذا الغاز، أو البدل المالي، لقاء مروره في عبر أراضي بعض هذه الدول المذكورة. وهذا لن يحدث من دون موافقة أميركية على ذلك، ودائماً براي المرجع. ولا يستبعد إجراء إتصالات أميركية- سورية لهذه الغاية.
وعن سبب فقدان المبادرة لدى الحكومة اللبنانية في شأن الإتصال بدمشق، لتحسين إنتاج الكهرباء في لبنان، يعتبر المرجع أن حكومة تصريف الأعمال، تحاول قذف الكرة الى ملعب الحكومة المرتقبة. وفي حال نجح ميقاتي في تأليف حكومته المنتظرة، لن يبادر الى تفعيل العلاقات مع سورية، قبل أن تأخده الإدارة الأميركية بيدها الى دمشق، رغم تسويق ميقاتي عبر موقع إخباري الكتروني يملكه، لمقالٍ نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، يتحدث عن إنسحاب القوات الأميركية وتسابق الدول العربية لإصلاح العلاقات مع الرئيس بشار الأسد، بحسب ما جاء في المقال حرفياً. ما يؤكد أن ميقاتي يستشعر عودة الدول العربية وسواها عن قرار مقاطعة سورية، ولكنه ينتظر تلقي أوامر أميركية، كي يتوجه الى دمش. وذلك خوفاً على مصالحه المالية المرتبطة بواشنطن والغرب، وايضاً في إنتظار جلاء العلاقات الخليجية- السورية، على حد تعبير المرجع.
ويختم بالقول: "إن سورية كانت ولاتزال تقف الى جانب لبنان، ولم ولن تبخل يوماً في تقديم المساندة والدعم للبنان، شرط الحفاظ على الأصول الدبلوماسية وعلى تطبيق