كشفت مصادر عسكريّة لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "الجيش اللبناني سحب عناصره من محطّات البنزين، "لأنّ هذه مش شغلتنا"، مشيرةً إلى أنّ "مكاننا الطبيعي ليس التواجد على محطات الوقود، وإنّما على الحدود وفي أيّ مكان تستوجبه الضرورات الأمنيّة".
ولفتت إلى أنّ "المهمّة الطارئة للجيش عند المحطّات استنزفت جنوده وضبّاطه، من خلال تفاصيل يوميّة مرهقة، أدّت أحيانًا إلى احتكاكات بينهم وبين المواطنين، وبالتالي لم يعد بمقدورنا أن نستمرّ في تأدية دور لا يقع أصلًا ضمن نطاق اختصاصنا"، موضحةً أنّ "الجيش يعتبر أنّ مهمّته الأساسيّة أُنجزت، بعدما أدّى واجبه في مداهمة المستودعات والأماكن الّتي تُخزّن فيها المحروقات المحتكرة، وهو جاهز دائمًا لتنفيذ أيّ مداهمة جديدة عند الحاجة، أمّا عمل محطّات البنزين فيعود إلى الانتظام تدريجًا، وإذا حصلت أيّ مشكلة تَستدعي تواجدنا على الأرض، فيمكن أن نتدخّل فورًا؛ ولكن ليس واردًا أن يضع الجيش قوّةً عسكريّةً أمام كلّ محطّة على امتداد الأراضي اللبنانية".
وتعليقًا على ما يتردّد من اتهام لعناصر في الجيش بتقاضي أموال في مقابل تسهيل تعبئة البنزين لبعض النافذين والمواطنين، نفت المصادر صحّة هذا الاتهام، مبيّنةً أنّ "العنصر لا يكون وحيدًا في المهمّة، بل يشاركه فيها آخرون من العسكر بقيادة رتيب أو ضابط، إضافةً إلى أنّ جهاز الرقابة الداخليّة في الجيش قوي".
من جهة ثانية، أكّدت أنّ "الوضع بين عنقون ومغدوشة مستتبّ وعاد إلى طبيعته، بعد الانتشار الميداني الّذي نفّذه الجيش بالترافق مع توقيفات حصلت وتحقيقات انطلقت، إلى جانب المعالجة السياسيّة"، ورأت أنّ "التوتّرات المتزايدة هي نتيجة مفاعيل الأزمة الاقتصاديّة"، لافتةص إلى أنّ "الفقر يولّد النقار وربّما الانفجار، ما لم تحصل معالجة حقيقيّة لأسبابه على كلّ المستويات".
ولاحظت أنّ "الفقراء همّ الّذين يتقاتلون مع بعضهم، وهذه الظاهرة هي أسوأ ما في المعاناة الحاليّة الّتي يرزح اللبنانيّون تحت أثقالها"، مشيرةً إلى أنّ "الجيش يتحمّل جزءًا كبيرًا من الأعباء الأمنيّة المترتّبة على هذا الواقع". وشدّدت على أنّ "المطلوب التعجيل في تشكيل الحكومة، الّتي هي المعنيّة الأساسيّة بالتصدّي للملفّات الشائكة وضبط الأمن الاجتماعي، بدل إبقاء المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية على تماس مباشر مع الأزمة المتفاقمة والمتضرّرين منها"، مفيدةً بأنّ "تخفيف الضغوط المعيشيّة من شأنه أن يساهم تلقائيًّا في تخفيض منسوب التشنّج الأمني".
أمّا على مستوى مناعة الجيش الّتي يُخشى من تراجعها تحت تأثير الانهيار، فشرحت المصادر، أنّه "يحاول أن يتعايش بأقلّ الأضرار الممكنة مع هذا الانهيار الّذي أصابت تداعياته بشكل أساسي رواتب العسكريّين، علمًا أنّها ليست المرّة الأولى الّتي نتعرّض فيها لمثل هذا التحدّي، إذ سبق أن واجهنا مثله عند انهيار الليرة قبل عقود، وتمكنّا آنذاك من تجاوزه، ونأمل في أن نربحه مرّة أخرى". وأعلنت أنّ "هناك مساعدات تصل إلى الجيش من بعض الدول الصديقة، وللأسف أصبح مصير الدولة ككل معلّقًا على المساعدات الخارجيّة".