بين أهم الملفات المطروحة على طاولة مجلس الوزراء والذي سيأتي ذكره في البيان الوزاري، يندرج ملف ترسيم الحدود البحريّة الذي ليس فقط تأخرنا فيه كثيرا ولمّا نزل في المربع الأول، ولا اتفاق على شيء بعد، مع العلم أن كل تأخير يدفع ثمنه لبنان واللبنانيون، فيما اسرائيل التي بدأت مثلنا في التوقيت نفسه صارت بلدا مصدرا للنفط، وقبرص التي بدأت بعدنا بدأت التصدير أيضا. ليس فقط تأخرنا بل هناك مخاوف جدية من ان يكون هذا الملفّ موضوعا خلافيًّا من حيث مقاربته مع الحكومة الجديدة.
غنيّ عن القول أن ترسيم الحدود البحرية في غاية الاهمية وأكثر من ضرورية وأساسية للحفر والتنقيب عن النفط والغاز، حيث ان ما من شركة عالمية للتنقيب تستطيع أن تعمل في بلد غير محددة حدوده رسميا ومعترف بها دوليا، وحدود لبنان البحرية "سائبة" مع سوريا واسرائيل وغير واضحة المعالم مع قبرص، والكل يعلم ان الاستكشاف في المنطقة الاقتصادية الخالصة هو مسار طويل يتطلب على الاقل 10 سنوات، اي اذا بدأنا الحفر اليوم لن نصل الى نتيجة قبل العام 2032!.
مصادر واسعة الاطلاع تخوّفت عبر "النشرة" من ان ملف الترسيم البحري الّذي أصبح بيد رئيس الجمهورية مع وجود لجنة تفاوض في ظل تكتم عن المعلومات والتطورات، من ان يشكّل هذا الأمر مادّة خلافيّة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي على خلفيّة تعديل المرسوم 6433 المجحف بحق لبنان والذي رفض توقيعه رئيس الجمهورية عقب آخر جولة مفاوضات في أيار الماضي، لأن الامر يتطلب مجلس وزراء أصيل وليس في ظلّ حكومة مستقيلة، وترى المصادر انه كان يمكن اعطاء موافقة استثنائيّة كما حصل مع الكهرباء على سبيل المثال، وتتساءل المصادر كيف ستسير الامور اليوم مع الحكومة الجديدة برئاسة ميقاتي الموافق والموقع على المرسوم المذكور شخصيا كرئيس للحكومة في عهد الرئيس الأسبق ميشال سليمان ووزير الاشغال غازي العريضي؟! اذن فإن موقف ميقاتي معروف وواضح حيال المرسوم، وهو مع ترسيم الحدود المجحفة وغير الصحيحة فيما رئيس الجمهورية ميشال عون مع الحدود حسب الخرائط المقدّمة مؤخّرًا. ومع تعديل المرسوم هل سيقع الخلاف ويتعرقل ام سيجري التوصّل الى اتفاق يؤدّي الى الحلحلة؟!.
وتشرح المصادر ان المرسوم 6433 بحاجة الى تطوير، "ولا يصب في مصلحة لبنان لأنّه ينطلق من الخط 23 وهو المطلب الاسرائيلي الأقصى"، وتتابع، "لكننا نطالب بالتعديل لتكون نقطة الانطلاق من الخط 29 فيكون حقل كاريش ضمنه، وبذلك يمكن للبنان ان يضر بالمصالح الاسرائيلية ويوقف العمل فيه، اي انه بمعنى آخر يمكن للبنان ان يخلق أزمة اقتصاديّة للإسرائيلي ويعود الى المفاوضات بموقف أقوى"!.
من جهة ثانية، طالب الخبير النفطي ربيع ياغي بان يتعامل المسؤولون عن الملف بدون اي أبطاء او تسييس، لأن ما دخلت السياسة قطاعا الا وأفسدته، ولفت الى ان المفاوضات مع اسرائيل هي مهمة شاقة ومتعبة وليست نزهة وهي تحاول ان تأخذ ما ليس لها لا ان تعطي لأانها عدو في النهاية، ولذلك يجب ان نسارع الى ترسيم حدودنا البحرية ونحدد القطاع الاستكشافي في المنطقة الاقتصادية الخالصة مع كل من سوريا واسرائيل وقبرص، وألاّ نكون أعداء أنفسنا، وانتقد سوء ادارة هذا الملف وقلة الخبرة الظاهرة في التعامل مع هذا الأمر.