لقد إنطفأ الضوء الأحمر الأميركي، الذي حال دون دفع العلاقات الرسمية الثنائية اللبنانية- السورية قدماً، وتطويرها لما فيه مصلحة البلدين الحيوية، وذلك منذ بدء الحرب الكونية على سورية في العام 2011. ومن حينه إكتفى الجانب اللبناني بالحفاظ على التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، بضغطٍ من فريق المقاwمة وحلفائها، وفي مقدمهم التيار الوطني الحر. ولكن في الوقت عينه، لم يضاء الضوء الأخضر الأميركي حتى الساعة أيضاً، كي يبادر لبنان الرسمي الى تفعيل العلاقات المذكورة، وإعادتها الى طبيعتها، أي كما كانت عليه قبل الحرب على سورية في العام 2011، رغم الزيارة الأخيرة للوفد الوزاري الرسمي اللبناني لدمشق مطلع الشهر الجاري، الذي حددت مهمته في البحث في كيفية تفعيل خط الغاز المصري، الذي يمر عبر الأراضي الأردنية ثم السورية، ليصل بعدها الى لبنان، لتغدية معامل الطاقة الكهربائية فيه. وجاء ذلك بعد الموافقة المسبقة للإدارة الأميركية على إعادة تفعيل هذا الخط، التي عبرّت عنها سفيرة واشنطن في بيروت دوروثي شيا، إثر إعلان الأمين العام لحzب الله السيد حسn نصر الله بدء إستقدام النفط الإيراني الى لبنان، بحسب معلومات ورأي مصادر عليمة وقريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
وتؤكد المصادر أن الزيارة المذكورة آنفاً، وبعدها اللقاء الرباعي المصري- الأردني- السوري- اللبناني الذي إنعقد العاصمة الأردنية عمّان، يشكل مدخلاً لإعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسية والسياسية العربية مع سورية، وإطاراً جديداً للتعاون العربي معها بانفتاحٍ، وإن إتخذ هذا اللقاء طابعاً إقتصادياً.
والأهم من ذلك كله، أن اللقاء المذكور كسر "قانون قيصر" الأميركي الذي يرمي الى حصار الجارة الأقرب، ودائماً برأي المصادر. وترجح أن الواقع الجيوسياسي، والتسليم بالأمر الواقع، لجهة (تثبيت موزازين القوى الجديدة وجودها على أرض الواقع في المنطقة)، سيدفع الحكومة الميقاتية الثالثة، الى تعميق العلاقة مع الحكومة السورية،وإلا لا خروج للبنان من أزمته الإقتصادية العميقة، مادامت سورية هي الرئة الإقتصادية والمتنفس الوحيد للبنان، على حد قول المصادر.
وترى المصادر عينها أن العلاقات الثنائية اللبنانية- السورية مقبلة على تطورٍ نوعيٍ في الأداء، لافتةً الى أن مجريات الأوضاع تؤشر الى ذلك، خصوصاً إثر صمت الحكومة على دخول النفط الإيراني الى لبنان عبر الأراضي السورية، وحاجته الى تفعيل خط الغاز المصري، كذلك الى تنشيط حركة الإستيراد والتصدير والترانزيت على الحدود المشتركة اللبنانية- السورية. وتكشف معلومات متداولة لدى أجواء رئيس الحكومة اللبنانية، تتحدث عن إنفراج كبير في العلاقات الثنائية بين شهري تشرين الأول والثاني، في ضوء متغيرات السياسية الدولية في المنطقة، تختم المصادر.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، لا يستبعد باحث ومرجع في العلاقات الدولية دخول دمشق مجدداً على خط الأزمة اللبنانية، بحكم بدء الإنفتاح العربي على سورية، وتحالفها مع محور المقاومة وإيران في الوقت عينه، ما يؤهلها لتأدية دورٍ توفيقي بين القوى اللبنانية، لإعادة ترتيب الأوضاع في لبنان، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية الحليفة لواشنطن والغرب، ودائماً برأي المرجع. ويرتكز في رأيه هذا، الى التطورات الجديدة في المنطقة، خصوصاً لجهة التسليم بالواقع الجديد، بعد فرض روسيا ومحور المقاومة وجودهما على الأرض في سورية والمنطقة، وذلك في ضوء المعلومات التي تتحدث عن إنسحاب الإحتلال الأميركي من الأراضي السورية، بعد ترتيبات مع الجانب الروسي، لتأمين هذا الإنسحاب في شكلٍ آمنٍ، على أن يحفظ الحد الأدنى من المصالح الأميركية، تحديداً لناحية ضمان أمن المنطقة الشمالية- الشرقية من سورية، الواقعة تحت نفوذ الإحتلال واتباعه، على حد تعبير المرجع.
ولكن يستبعد حدوث أي تطور هام في العلاقات الثنائية اللبنانية- السورية قبل الإنتخابات النيابية في لبنان، والمزمع تنظيمها في أيار المقبل، علّ أن تحدث واشنطن تغييراً في تركيبة البرلمان الراهن، خصوصاً بعد دعهما "لثورة الـ NGOS"، يختم المرجع.
وفي السياق، تلفت مصادر في المعارضة السورية ألا معطيات لديها عن إحتمال دخول جديد لدمشق على خط الأزمة اللبنانية بدعمٍ عربيٍ، معتبراً أن التطور الجديد في العلاقات العربية- السورية، محصور راهناً في إيجاد خط تعاون بين الدول الأربعة المعنية بخط الغاز المصري، ليس إلا، بحكم حاجة مصر والأردن الى الأموال، وحاجة سورية ولبنان الى الطاقة. وتعتبر أن العلاقات اللبنانية- السورية غير واضحةٍ حتى الساعة. وتتوقع المصادر المذكورة أن ينحصر تطوير هذه العلاقات في المدى المنطور، على تسهيل حركة العبور على الحدود المشتركة، وتنشيط الحركة الإستيراد والتصدير والترانزيت على الحدود، وإجراء بعض الزيارات البروتوكولية ليس إلا، تختم المصادر.
وفي السياق أيضاً، يكشف مرجع في فريق الثامن من آذار عن تواصلٍ جديدٍ بين وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بو حبيب والأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني- السوري نصري خوري، للتحضير لخطة جديدة لتفعيل العلاقات الثنائية، بإشراف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتحت سقف معاهدة التعاون والأخوة والتنسيق (1991).
وتعقيباً على كل ما ورد آنفاً، يعتبر مرجع في فريق المقاwمة ألا تطور يذكر في مجال تفعيل العلاقات الثنائية، وأن الحكومة اللبنانية لم تطرح اي خطة فاعلة وواضحة في هذا الصدد حتى الساعة. ويجزم أن دمشق لن تتساهل مع المتقاعسين عن واجبهم في تطوير هذه العلاقة، لما فيه مصلحة البلدين، ولبنان قبل سورية على حد قوله.
ويؤكد المرجع أن المرونة والإيجابية التي أبداها الجانب السوري للوفد الوزاري اللبناني، والتسهيلات التي قدمتها دمشق لإعادة تفعيل خط الغاز المصري وسواه، هو مجرد وفاء للمقاومة التي وقفت الى جانب سورية، وللرئيس عون الذي حافظ بشخصه على العلاقة مع الرئيس بشار الأسد.
ويختم المرجع سائلاً: "هل سورية دولة عدوة كي تسمح السلطات اللبنانية بتركيب كاميرات وأجهزة تنصت أميركية وبريطانية على الحدود المشتركة اللبنانية- السورية؟".