على أبواب الأمم المتحدة تتسابق الأزمات العالميّة مع وصول قادة العالم اليوم. فالأعاصير السياسية وصلت قبل المناخية لتطرح عناوين كثيرة لا تُحلّ بومضة عين او بشيك نقدي. انها الجمعية العامة التي تستضيف وفود الدول الأعضاء، التي وصلت للمشاركة ورفع الصوت وللإجتماع علناً وسراً، للتباحث في المواضيع الشائكة، وما أكثرها هذا العام.
بعد انقطاع سنة على انعقاد الجمعية العامة بسبب جائحة كورونا، فتحت المنظمة الدولية أبوابها لقادة العالم مع وفودهم. إجراءات وتدابير جديدة مُربكة لبعض الدول، وضعتها مدينة نيويورك، فأثارت لصرامتها غضب بعض الدول المشاركة مثل البرازيل وروسيا. فاللقاح ضروري للمشاركين، مع فحوصات الـPCR، وهذه أول إشكالية للدول التي لم تحصل على اللقاح بعد، خصوصاً في القارة الإفريقيّة، او الدول الفقيرة. لكن الجمعية ستُعقد مع وصول أكثر من مئة رئيس دولة الى نيويورك، مع وفودهم التي طُلب ألاّ تضم اكثر من سبعة أشخاص لكل دولة.
في كل عام تطغى أزمة على أخرى على طاولة الجمعية العامة، ففي السنوات الماضية، برزت سوريا وليبيا واليمن كأشدّ الأزمات التي يجب معالجتها. لكن ما قبل كورونا ليس كما بعدها. فالجائحة التي ما تزال تتفاعل، تركت خلفها أزمات اقتصادية وتربويّة وصحيّة، تعاني منها كافة الدول، الغنيّة والفقيرة على السواء. لقاحات كورونا ستكون سيّدة على طاولة المباحثات في هذه الجمعية، وحاجة الدول التي لم تحصل عليها حتى اليوم.
قادماً من واشنطن، وصل الرئيس الأميركي جو بايدن، بالتزامن مع وصول للرؤساء والملوك ورؤساء الوزراء. وحدهما الرئيسان الصيني والروسي لن يحضرا، وسيمثّلهما وفدان مؤلّفان من رئيسي حكومة البلدين وبعض الوزراء والخبراء. هذا وقد أقفلت شوراع نيويورك مداخلها الا لذوي حملة بطاقات الدخول وبطاقات اللقاح الى المنظمة.
اليوم، تبدأ المناقشات، ومعها طروحات الدول لمشاكلها، من لقاحات وباء كورونا، التي هي الطلب الأكثر إلحاحاً، مروراً بالأزمات وبرامج الدول لمواجهة التحديات المناخية، خصوصاً بعد جرس الإنذار الذي أطلقته الأمم المتحدة منذ شهر تقريباً، وطالبت الحكومات بوضع برامج وقائيّة لحماية شعوبها من الأعاصير والإحتباس الحراري. لا سيّما بعد صدور تقارير عن أكثر من مئة خبير عالمي، وضع البشرية امام استحقاق كبير، يهدّد بموت مئات الملايين من البشر إذا لم تسارع الحكومات الى مواجهة كافة الأعراض المناخية القاتلة.
مواجهة كورونا ومشتقاتها، أزمة المناخ، مكافحة الإرهاب، التوترات الصينية-الأميركية، أفغانستان الجديدة المكلّلة بوهج الحكم الطالباني الذي طالما وصفه العالم بالإرهاب، وأخيراً وليس آخراً التوتر المستجدّ الصادم بين فرنسا والولايات المتحدة جراء إلغاء أستراليا بشكل مفاجئ عقدها مع فرنسا لشراء غواصات بقيمة 40 مليار دولار، إضافة الى التوتّر المتصاعد في شبه الجزيرة الكوريّة. لكن وبالرغم من هذه التشعّبات، فإنّ قيادة الأمم المتحدة تقول إنه لن تكون هناك قضيّة أكثر إلحاحًا من مسألة القضاء على جائحة كورونا التي لا تزال مستعرة وخارج نطاق السيطرة في العديد من الأماكن. وأكد أمين عام المنظمة أنطونيو غوتيريش إن فريق عمل الطوارئ التابع للأمم المتحدة يجب أن يعمل مع شركات الأدوية لضمان على الأقل مضاعفة إنتاج اللقاحات، وضمان وصولها إلى سبعين بالمئة من سكان العالم في النصف الأول من عام 2022.
لبنان وإن غاب وفده عن أعمال الجمعية العامة هذه السنة، فإنه سيحضر من خلال كلمة مسجّلة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وستبثّ يوم الجمعة في 24 أيلول الجاري. وقد سبقت كلمته رسالة شكوى قدّمتها الحكومة اللبنانية ضدّ إسرائيل حول أعمال التنقيب عن النفط في حقل كاريش المتنازع عليه.
كل القادة سيتحدثون في اسبوع المناقشة العامة، لكن العيون ستبقى شاخصة على الرئيس بايدن، وكلمات كل من الصين، روسيا، فرنسا وبريطانيا... الى جانب قادة تمثل أحلافا جديدة في العالم مثل إيران، باكستان، الهند وكوريا الشمالية. وحدها أزمة سدّ النهضة ستخرق كل الإجتماعات، لأنّها عنوان لقضية إذا لم تُحلّ، ستقضي ربّما على 150 مليون نسمة وتجرّ العالم العربي وإفريقيا الى حرب مدمّرة سببها قطرات الماء.
الأمم المتحدة- نيويورك