كأن الدعم كان من أنجح المشاريع التي نفذتها الحكومات المتعاقبة منذ بداية التسعينيات وحتى اليوم حتى يتمسك بما تبقى منه (على البنزين فقط) بعض من في الطبقة السياسية ويقاتل من أجل الإبقاء عليه بحجة أن رفعه غير ممكن قبل أن يبدأ العمل بالبطاقة التمويلية.
أو كأن البطاقة التمويلية هذه التي وصفها يوماً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي بـ"البطاقة الإنتخابية" هي الحل الذي يؤمن الدواء للمريض ورغيف الخبز للفقير وصفيحة البنزين لسائق التاكسي والمازوت لصاحب الحافلة، الخ...
نعم كأن هذه الطبقة السياسية لا تعرف أو تريدنا ان نصدق بأنها لا تعرف بأن البطاقة التمويلية هي نوع من الدعم الذي سيستفيد منه الكثيرون من غير مستحقّيه ولغايات سياسية وتنفيعية لننتهي الى هدر ما تبقى من أموال في المُسمّاة دولة لبنانية.
عندما نتحدث عن الهدر الذي سببه الدعم، نتحدث عن عشرات المليارات من الدولارات واليكم بالأرقام ما حققه الدعم حتى اليوم.
في الكهرباء ثبت مجلس الوزراء تسعيرة كيلواط كهرباء لبنان منذ تموز من العام 1994 على أساس سعر 15 دولاراً لبرميل النفط، وصل سعر هذا البرميل أحياناً الى مئة دولار وبقي سعر الكيلواط في لبنان على اساس السعر المثبّت، إنهار لبنان مالياً ووصل سعر صرف الدولار مقابل الليرة الى ٢٣٠٠٠ ليرة وبقيت تسعيرة الكهرباء على حالها، هذا من دون أن ننسى الهدر الفني بسبب الشبكة والسرقة وعدم الجباية كما يجب، فكانت النتيجة خسارة من أموال الخزينة تتراوح بين 30 و35 مليار دولار.
هذه الطبقة السياسية نفسها عادت ودعمت في أيار من العام 2020 المحروقات والمواد الغذائية والأدوية والطحين، وبحسب أرقام الدولية
للمعلومات فقد كلف هذا الدعم الخزينة خلال سنة وثلاثة أشهر فقط حوالى 11 مليار دولار، 6 مليارات دولار منها صرفت على دعم المحروقات، مليارا دولار ذهبت لدعم الأدوية، 900 مليون دولار لدعم المواد الغذائية إضافة الى 200 مليون دولار لدعم القمح، وما تبقى من المبلغ وقيمته مليار و900 مليون دولار صرف على نفقات القطاع العام كرواتب السفراء والمحكمة الدولية والإيجارات وغيرها من النفقات التي تدفع بالعملة الصعبة الخضراء.
وهل من عاقل يصدق أن دعم المحروقات على سعر صرف 8000 ليرة للدولار الواحد والذي بدأ تطبيقه في آواخر آب الفائت، سيكلف الدولة خلال شهر واحد فقط حوالى ١٢٠ مليون دولار وكل ذلك يصرف من أموال المودعين؟!.
قالوا في منتصف آب الفائت إن المبلغ المتبقي للدعم يبلغ حوالى ٢٢٥ مليون دولار ومن المفترض أن يخدم حتى نهاية أيلول الجاري، لكن كذبتهم هذه سرعان فضحت ليتبين أن المبلغ المذكور انتهى في منتصف أيلول.
على رغم فشلهم في مشروع الدعم، وفشلهم المرتقب في البطاقة الإنتخابية التي اقرّوها ورقياً ولم يؤمنوا لها التمويل اللازم، ها هم مستمرون بمشاريع الدعم كل ذلك لدعم مشاريعهم السياسية من المال العام لا أكثر ولا أقل.