لم يكن اللقاء الذي جمع مسؤولين عن حركة "فتح" و"القوى الاسلامية" في مخيم عين الحلوة مهما في توقيته ومكانه فقط، او مجرد لقاء "غسيل قلوب" في اعقاب الاشتباك المسلّح الذي حصل بين "فتح" و"جند الشام" سابقا في منطقة "الطوارئ–البركسات" على خلفية قيام مجموعة من "الامن الوطني" بإعتقال أحد المطلوبين وتسليمه الى مخابرات الجيش اللبناني، بل رسم خارطة طريق للمرحلة المقبلة لمنع تكرار اي اشتباك او اشكال بينه الفصيلين ما يعكر صفو العلاقات بينهما، والاهم عدم عودة المربعات الامنية الى سابق عهدها والفرز السياسي بعد فترة طويلة من التلاقي وانفتاح المناطق والاحياء على بعضها البعض كثمرة لاستتباب الاستقرار في المخيم.
وأبلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، ان اللقاء جاء في اطار سعي الطرفين وحرصهما على تحصين الوضع الامني بعد سلسلة من الاحداث المتنقلة في المرحلة الاخيرة بدءًا من الشارع التحتاني مرورا بـ"حي حطين" وصولا الى الشارع الفوقاني، وان اتخذت طابعا فرديا حينا ومع بعض الناشطين الاسلاميين احيانا، واستكمالا للمصالحات السياسية والعائلية التي انطلق قطارها وآخرها بين آل البحثي المحسوبين على "فتح" و"القوى الاسلامية" وتحديدا "الحركة الاسلامية المجاهدة" لقطع الطريق على تكرارها او الانجرار الى فتنة، ناهيك عن الرغبة بمنع الاستغلال والاستخدام في ظلّ الضائقة المعيشية والحياتية الخانقة ارتباطا بالازمة اللبنانية وتداعياتها السلبية على مجتمع اللاجئين وأبناء المخيمات، حيث ارتفعت نسبة الفقر المدقع في صفوفهم والبطالة بشكل لافت دون اعلان "خطّة طوارئ" إغاثيّة او صحّية او خدماتيّة من قبل وكالة "الاونروا" المسؤولة عن رعاية شؤونهم وتشغيلهم.
وعلمت "النشرة"، انه جرى الاتفاق على ثلاثة بنود، اولها، تشكيل لجنة ميدانية ثنائية من حركة "فتح" و"القوى الاسلامية" مهمتها التواصل الدائم والفوري عندما تدعو الحاجة بين الطرفين، وعند وقوع اي اشكال لتطويقه ومعالجته دون السماح بتطوره الى استخدام السلاح، ثانيها، السير قدما في البحث عن دفع تعويضات مالية للمتضررين من الاشتباكات الاخيرة، ومواصلة المساعي مع السفير الفلسطيني اشرف دبور واللجنة الدولية للصليب الاحمر للوصول الى خاتمة سعيدة، سيما وان الخسائر المادية كانت جسيمة وطالت جانبا من اللبنانيين ايضا في منطقة التعمير، وثالثها، تفعيل "هيئة العمل المشترك الفلسطيني" في منطقة صيدا التي تشكّل المرجعيّة السّياسية وسط عتب اسلامي على عدم انعقادها خلال الاشتباك الاخير لاتخاذ ما يلزم من قرارات للتهدئة وعودة الامور الى طبيعتها.
وأكدت حركة "فتح" ان ليس لديها اي قرار لتوقيف مطلوبين، وان اجراءات تنظيمية ستتخذ على خلفية ما جرى مؤخرا، وسط توافق على ان يكون تسليم اي مطلوب عبر الاطر المشتركة والقوة الامنية وباجماع فلسطيني، منعا لاي توتير مع الحرص على حفظ أمن واستقرار المخيم والجوار اللبناني وحسن العلاقة مع القوى كافة، وخاصة السياسية والبلدية والامنية والعسكرية، مشددة على ضرورة تحييد مدارس ومؤسسات "الاونروا" والحفاظ عليها وعدم استخدامها تحت اي ظرف كان.
بالمقابل، اوضح الناطق باسم "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ ابو شريف عقل لـ"النشرة"، ان الاجتماع كان ايجابيا، وبحث في تفاصيل ما جرى وكان واضحا ان ليس هناك اي قرار لدى حركة "فتح" او الجميع بتوتير الاوضاع الامنيّة في المخيم او الانجرار الى أيّ فتنة، او حتى حصول "ضربة كف"، وطرحنا ضرورة تشكيل لجنة متابعة ميدانية للبقاء على تواصل دائم ومعالجة ايّ خلل او اشكال قد يحصل قبل تفاقمه، وضرورة ان يعقد مثل هذا اللقاء الثنائي بشكل دوري للبحث في مختلف الاوضاع التي تهم المخيم، وضرورة اجراء مصالحات عائلية لطيّ صفحة الماضي، "لانه باعتقادنا ان ما جرى يتعلق بجانب منه باحداث السابقة، لذلك ركزنا على أهمية قلب الصفحة بالمصالحات وتعزيز التواصل والانفتاح بين المناطق والاحياء"، كاشفا عن لقاء عقد بين "القوى الاسلامية" و"جند الشام" سابقا، الذين اكدوا "حرصهم على استتاب الامن وعدم الرغبة بأيّ توتير"، مشيرا الى ان "موضوع التعويضات المالية سيتابع مع السفير الفلسطيني لدى لبنان واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي أبدت رغبة في التعويض بجزء على أصحاب المنازل التي تضررت بالكامل".
يذكر ان العلاقة الثنائية بين حركة "فتح" و"القوى الاسلامية" وتحديدا "عصبة الانصار الاسلامية" و"الحركة الاسلامية المجاهدة"، مرّت بمرحلتي من المدّ والجزر قبل سنوات ماضية قبل أن تسودها نوعا من الانسجام والتعاون البنّاء، وهما اليوم يشاركان في اطار "هيئة العمل المشترك" في لبنان (وقبلها القيادة السياسية الموحدة) التي تعتبر المرجعية السياسية والامنية والاجتماعية للمخيمات، ولكنها بالمقابل مرّت بعلاقات متوترة مع "المجموعات الاسلامية" المتشددة والناشطين الاسلاميين ووقعت بعض الاشتباكات المسلحة بينهما، وكانت تتهم بين الحين والاخر بالمشاركة فيها او دعمهم رغم انخراطها دوما في مساعي التهدئة ووقف اطلاق النار كما جرى مؤخرا مع "جند الشام".