لم يكن قرار حزب الله كسر الحصار الاميركي على لبنان من بوابة النفط الايراني مجرد قرار عابر ..ما فعله الحزب كان بمثابة اعلان الحرب رسميا على اميركا في لبنان ومحاصرتها وتطويق نفوذها الاقتصادي تمهيدا للبدء بمعركة اقصائها سياسيا من داخل الادارات اللبنانية والمؤسسات الامنية، وبالتالي فان ما اعلن عنه رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين كان بمثابة اعلان حرب او بتعبير اوضح الاعلان عن بدء المعركة مع واشنطن بدون قفازات...
ماذا يعني هذا الكلام؟
مصادر سياسية مطلعة،اكدت بأن حزب الله لن يتوانى عن تخفيف الهيمنة الاميركية داخل ادارات الدولة بالطرق السياسية الملائمة وبما يحافظ على سيادة لبنان : ما الذي يمنع مثلا ان يتم اعادة تفعيل البحث بالهبتين الروسية والايرانية لتسليح الجيش اللبناني، وهو ما يعد بحسب المصادر تعزيزا لمعادلة «الجيش والشعب والمقاومة» وليس تصويبا على المؤسسة العسكرية؟.
لكن، لا يعول الحزب على الحكومة اللبنانية او حتى رئاسة الجمهورية منفردين في اتخاذ قرار جريء على هذا المستوى ، ما يبحث عنه الحزب هنا هو تعلم لبنان من التجربة العراقية بالتحاور مع واشنطن بدل تلقي الاوامر، والقيام بما يلزم لرفع الحصار والضغط عن لبنان واللبنانيين.
ربما خير ترجمة لقرار حزب الله باخراج لبنان من دائرة الهيمنة الاميركية ، جاءت على لسان وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الذي فتح خزائن ايران النفطية وخبراتها في كسر الحصار امام السلطة الرسمية اللبنانية ممثلة بالحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي مقدما عرضا ايرانيا ممتازا لبناء معملين لانتاج الطاقة الكهربائية في بيروت والجنوب بقدرة ١٠٠٠ ميغاواط لكل منهما، اضافة الى مترو انفاق واعادة اعمار مرفأ بيروت.
وبحسب المصادر ، فان الحكومة التي باتت مقيدة بضغط الانهيار الاقتصادي والمالي والصحي والنفطي وفي قطاع الكهرباء لا يمكن ان ترفض العرض الايراني بغياب اي بدائل، الا اذا لم تستطع مقاومة الضغط الاميركي بعدم التجاوب مع اي عرض ايراني للحل، كاشفة في هذا السياق، ان واشنطن وقبل ارسال فيكتوريا نولاند مساعدة وزير خارجيتها الى لبنان وقبل زيارة عبد اللهيان ارسلت رسالة شديدة اللهجة الى المراجع الرسمية اللبنانية بعدم التجاوب مع اي عرض ايراني
والاكتفاء بالاستماع فقط، محذرة من أن اي تعاون مع ايران سوف يواجه بحرمان لبنان من اموال صندوق النقد الدولي...
ولكن لحزب الله كلام اخر هنا ، فاما قبول الدولة اللبنانية بالعرض الايراني من دولة الى دولة، او قد يلجأ الحزب بالطريقة ذاتها التي استقدم بها بواخر النفط الايراني لكسر الحصار ، بالسماح للشركات الايرانية ببناء معامل كهرباء في مناطقه وتزويد لبنان بها، وهنا قد يتحول العرض الايراني الرسمي للدولة الى شكل هبة من الشعب الايراني للشعب اللبناني وهو ما لا يمكن للدولة رفضه في ظل غياب البدائل وموافقة شريحة سياسية وشعبية تمثل الاغلبية في لبنان على السير به.
وفي سياق الضغط الاميركي، ثمة معلومات تتحدث عن ان واشنطن تبحث عن مقايضة اي اموال من صندوق النقد باعادة لبنان منصاعا الى المفاوضات غير المباشرة مع العدو الاسرائيلي حول الحدود البحرية، وكما هو معلوما، فان حزب الله لن يقبل تحت اي ضغوطات بتنازل لبنان عن حصته في حدوده البحرية او عن تحويل التفاوض غير المباشر مع العدو الى ما يشبه التطبيع غير المعلن معه.