أعلنت إدارة الإحصاء المركزي، في التقرير الإحصائي الأول في لبنان حول احصاءات النوع الاجتماعي بعنوان "واقع النساء والرجال في لبنان: صورة إحصائية"، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن "التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين يتفاوت حسب مجالات الحياة المختلفة، فالتعليم، على سبيل المثال، هو مجالٌ استطاع لبنان أن يحقَّق فيه تكافؤاً بين الجنسين، حيث يتمتع البلد بمكانة متقدمة من حيث معدل الالتحاق بالمدارس في المرحلة الابتدائية من التعليم، ويبلغ المعدل الصافي للالتحاق بالمدارس لدى البنين والبنات، من الفئات العمرية المرتبطة بالتعليم الابتدائي حوالي 90 في المئة، ويؤكد مؤشر التكافؤ بين الجنسين (Gender Parity Index -GPI) البالغ 1.0، على غياب الفجوة بين الجنسين في هذا المجال".
وأوضح أنه "في المستويات التعليمية الأعلى، يشير التقرير الى أن معدل الالتحاق الصافي للبنات، هو أعلى من معدل الالتحاق لدى البنين، من جهة أخرى، لا يزال هناك تفاوتٌ كبير بين الجنسين من حيث معدل المشاركة في سوق العمل، ففي حين بلغت نسبة النساء 52.6 في المئة من السكان المقيمين الذين هم في سن العمل، يشير التقرير الى أن أقل من 30 في المئة منهنّ يشاركن فعلياً في سوق العمل، وقد يدلّ ذلك على احتمال ارتفاع التبعية الاقتصادية للمرأة، وعلى تدني العوائد الاقتصادية للاستثمار في التعليم".
وأشار المركز، إلى أن "القوالب النمطية للجنسين لا تزال تؤثر على اختيار المرأة لمهنتها حيث أن 9 من بين 10 نساء يعملن في قطاع الخدمات، ولا يزال عمل النساء في قطاعي الصناعة والزراعة محدوداً جداً، وقد تعود المشاركة المتدنية للمرأة في القوى العاملة إلى عدة أسباب منها استمرار التفاوت في مستوى الأجور بين الرجال والنساء، حيث يظهر التقرير أن متوسط أجور النساء اللبنانيات أقل بنسبة 6.5 في المئة من أجور الرجال اللبنانيين".
ولفت إلى "النقص الحاد في تمثيل النساء في المجال السياسي، بما في ذلك في الحكومة وفي المناصب الإدارية العليا والمتوسطة، فعلى سبيل المثال، لا تزال نسبة المقاعد التي تشغلها نساء في البرلمان متدنية جداً، وتعدّ نسبة النساء البرلمانيات منخفضة، بشكل ملحوظ حيث لم تتجاوز الـ 4.7 في المئة، من مجموع أعضاء البرلمان في السنوات الخمس عشرة الماضية، في انتخابات عامي 2005 و2018، كذلك، لا يزال تمثيل النساء في الحكومات المحلية يمثل تحدياً، على مستوى جميع البلديات في لبنان، ففي الانتخابات البلدية لعام 2016، بلغت نسبة المرشحات الفائزات 5.4 في المئة فقط من مجموع المرشحين المنتخبين في جميع البلديات، كما لا يزال تمثيل المرأة ضعيفاً في المناصب المهنية والقيادية العليا، وبالرغم من أن نسبة النساء في المناصب الادارية العليا والمتوسطة في القطاع العام قد تحسّنت وارتفعت، من 30 في المئة في عام 2004 إلى 42.3 في المئة في الفترة 2018-2019، إلا أن المرأة لا تزال غيرمتساوية مع الرجل في هذا المجال، ويشار الى أن الضعف في تمثيل المرأة يعتبر أكثر حدةً في القطاع الخاص حيث بلغت نسبة المناصب الإدارية التي شغلتها نساء 26.5 في المئة فقط في الفترة 2018-2019".
وأعان المركز، أن "هذا التقرير يُطلق في وقت تمر البلاد بأزمةٍ حادة ومتعددة الأوجه، نتجت عنها آثار اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، في لبنان، وفي غمرة دعوات إلى إجراء إصلاحات جدية على المستويات كافة. وينبغي أن تكون قضايا الإدماج والمساواة بين الجنسين محور أي برنامج إصلاحي مستقبلي للبنان، وتُعَدّ التحليلات والإحصاءات المتعلقة بالجنسين، على النحو الوارد في التقرير، عاملاً مهماً يسهم في تحقيق هذا الهدف".