الحدث البارز لهذا الأسبوع هو تعرض قاعدة التنف الأميركية للمرة الأولى، لقصف عنيف بوساطة طائرات مسيّرة على دفعتين ومن اتجاهين.
لا شك في أن قصف قاعدة التنف الأميركية يمثل نقطة تحول في المواجهة بين الولايات المتحدة و«غرفة عمليات حلفاء سورية»، التي سبق لها أن أصدرت بياناً مفصلاً تبنّت فيه الرد الحتمي على قيام العدو الإسرائيلي بضرب مراكز الإيواء في مطار تي فور.
نجاح الهجوم على قاعدة التنف واعتراف القيادة الوسطى الأميركية به أعطى مفاعيله إسرائيلياً، فالطائرات المسيرة التي وصلت إلى سماء قاعدة التنف يمكنها أن تصل إلى العمق الإسرائيلي، وخصوصاً بعدما كشف أن بعض هذه الطائرات انطلق من سورية والبعض الآخر من العراق وقد أمضت الطائرات جميعها مدة تحليق تتجاوز العشرين دقيقة للوصول إلى أهدافها كما أنه سجل إخفاق الدفاعات الأميركية في اعتراضها. ما يعني أن «غرفة عمليات حلفاء سورية» صار بإمكانها نقل الاشتباك من داخل سورية إلى داخل الكيان الإسرائيلي. وهذا يؤكد حصول تغيير مهم في قواعد الاشتباك وحسابات اللعبة بالانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الرد المباشر والمدروس بدقة.
لكن الحدث الأبرز جاء في تصريح «مسؤول سوري كبير» انفردت قناة «الميادين» بتظهيره والذي تضمن جملة رسائل مهمة للغاية في جميع الاتجاهات رسم فيها خريطة طريق واضحة لإستراتيجية سورية المتجددة والتي عبرت عن تمسك سورية بثوابتها وبمواقفها المعلنة.
واضحة وضوح الشمس تلك المواقف التي صدرت عن المسؤول السوري الكبير، هي عبارة عن رسائل واضحة للعرب ولغير العرب، مفادها أن لا تبديل بالموقف السوري، وأن سورية هي سورية المبادئ سورية العروبة ولن تبدل تبديلاً.
المسؤول السوري الكبير أفصح عن تلقي القيادة السورية اتصالات عدة من زعماء عرب وغير عرب لكن هذه الاتصالات ظلت طي الكتمان بناء على طلب المتصل ولتجنيب الإخوة العرب أي إحراج.
مما قاله المسؤول السوري الكبير أن الاتصال الأخير مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ليس الأول، بل إن الاتصال بين الأردن وسورية ابتدأ منذ أكثر من عام ولكن ظروف الأردن لم تكن تسمح بالإعلان عنه، لكن اليوم يمكن الإفصاح عنه.
وفي الجانب الآخر إشارة واضحة إلى أن القيادة السورية كانت ولم تزل أمينة ومترفعة عن استثمار وإظهار أي تواصل عربي معها مقابل إحراج الطرف المتصل حرصاً منها على المصلحة العربية.
وفيما خص الموقف السوري من الدول العربية المطبّعة مع العدو الإسرائيلي يقول المسؤول السوري الكبير:
إن أي انفتاح عربي على دمشق لن يعدّل موقف دمشق الرافض لمبدأ التطبيع بمعزل عن نيات الدول العربية المطبعة.
ويضيف المسؤول السوري الكبير قائلاً: إن سورية ترفض التطبيع مع العدو الإسرائيلي وإنها لن تغير موقفها المقاوم لأن دمشق تعتبر التطبيع خطأً كبيراً أضر بالمصالح العربية كما بالقضية الفلسطينية وأن أي تغيير بموقف دمشق يعني التنازل عن الحقوق العربية والفلسطينية وهذا أمر غير مقبول وغير مطروح على الإطلاق وأضاف:
إن سورية لن تحيد عن الصراع مع العدو الإسرائيلي مهما كانت المغريات.
إنها رسائل سورية واضحة وثابتة لكل الدول العربية وغير العربية وخصوصاً تلك التي حاولت وما فتئت تحاول إغراء سورية بعروض مالية سخية أو بتمويل مشاريع إعادة إعمار سورية مقابل تغيير موقفها الرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني.
عن العلاقة الإستراتيجية مع إيران يقول المسؤول السوري الكبير:
إن إيران لم تذكر نهائياً في أي حوار مع الدول العربية التي حاورت دمشق مؤخراً مشيراً إلى أن حلفنا الإستراتيجي مع طهران كان مشكلة العرب في العلاقة مع سورية، أما اليوم فإن أولويات العرب قد تغيرت وخصوصاً بعد إخفاق المشروع الأميركي الإخواني في سورية وخصوصاً بعد زلزال الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
وعن تحالفات سورية يقول المسؤول السوري الكبير:
إن سورية لن تنجر لأي تحالفات لا تتناسب مع ثوابتها ومصالحها وفي ذلك رسالة سورية واضحة ترسم الخطوط الحمراء حول الثوابت السورية التي لم ولن تتغير رغم الحصار الاقتصادي ورغم كل الأهوال التي مرت على سورية والمحاولات الرامية إلى زعزعة الأمن في دمشق.
المسؤول السوري الكبير ومن خلال المواقف التي أطلقها أسهم في دحض كل المزاعم بوجود ضغط روسي يمارس على القيادة السورية من أجل حصول تبديل بالموقف السوري وأسكت كل أفواه الفتنة وكشف كل الأقلام المأجورة التي روجت مؤخراً إلى تبدل في الموقف السوري والقبول بمبدأ المساومة وخصوصاً بعدما خيّل للبعض أن الاتصال السوري بولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد يصب في هذا الاتجاه.
إن الاتصالات العربية مع القيادة السورية على المستوى الدبلوماسي أو العسكري لم تنقطع يوماً رغم تجميد عضويتها في جامعة الدول العربية ورغم قساوة الحرب الضروس وهذا إن دل على شيء فهو دليل على وجود مراجعة بنيوية عربية في مسألة التواصل مع سوريه قلب العروبة النابض بواقعية وبمقاربة تحمل الإقرار بأهمية سورية وبدورها المحوري في الإقليم وبأن العرب من دون سورية العروبة هم عراة من العروبة.
إن تصريحات المسؤول السوري الكبير وبهذا التوقيت وخاصة بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان والانكفاء التدريجي عن المنطقة وانتقال «غرفة حلفاء سورية» من الدفاع إلى الرد المناسب على القواعد الأميركية له دلالة خاصة بالاستناد إلى تغيير جوهري في مواقف الدول من الأزمة السورية التي أضحت في مراحلها الأخيرة ما يؤكد أن صمود سورية الأسطوري قد أوتي أكله ولمصلحة سورية.
تصريحات المسؤول السوري الكبير تعني سقوط المشروع الأميركي الإسرائيلي الإخونجي وأدواته في المنطقة ودليل على الثقة المطلقة بانتصار سورية العروبة التي أعادت صياغة التاريخ حسب توقيت دمشق.
المسؤول السوري الكبير أماط اللثام عن حاضر ومستقبل سورية وكشف زيف الادعاءات وحملة التشكيك المغرضة مؤكداً أن لا مكان للمساومة بل هناك ثبات في الموقف السوري بالحرب أو بالسلم قولاً واحداً نعم هذه هي سورية العروبة سورية الأسد التي لم ولن تبدل تبديلاً.