تؤكد اوساط رفيعة المستوى في تحالف "الثنائي الشيعي" و8 آذار، ان تعدد الآراء داخل هذا التحالف مفيد وهام وضروري ومن شأنه ان يبرز تنوع احزابه وتعدد توجهاتهم على المستوى التكتيكي. ولكن قرارهم موحد على المستوى الاستراتيجي وخصوصاً في ملف تشكيل الحكومة ودعمها ومنع اسقاطها، وقد يختلفون على التحالفات الانتخابية او المصالح السياسية او الحزبية ولو كانت على حساب المصلحة العامة.
ولكن الاوساط نفسها تستدرك لتقول، ان التباينات الحاصلة بين هذا الفريق وخصوصاً حسابات الفريق الرئاسي والتيار الوطني الحر والذي يفكر انتخابياً ومسيحياً ويخوض رئيسه النائب جبران باسيل معارك مسيحية وانتخابية ورئاسية "بالطول والعرض"، باتت مكلفة وتضعف من توجهات حزب الله وحركة امل و8 آذار .
وتنطلق الاوساط من هذا السرد للقول، ان ما جرى من ازمة دبلوماسية مفتعلة من السعودية مع لبنان كان يمكن مواجهته بطريق اسلم وافعل لو كان هناك موقف موحد من هذا التحالف.
وتشير الى ان كل المعطيات والاتصالات، خلصت الى ان كل هذا التصعيد السعودي مفتعل ومخطط له ضد لبنان وهو انطلق من ذريعة تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي ،والتي اطلقها في 5 آب وكرأي شخصي ولم يكن في منصبه اي قبل تعيينه بـ5 اسابيع.
حيث لا يفترض ان يكون كل هذا التصعيد من اجل موقف اعلامي ولو كان هناك حسن نية ومع الوقوف ملياً عند توقيت عرض الحلقة وطريقة البث السريع للمقطع من المقابلة، والذي يتحدث فيه قرادحي عن ملف اليمن ووصفه الحرب السعودية عليه بالعبثية ، وهو توصيف اعلنته واشنطن وتبنته الامم المتحدة والمنظمات الانسانية وحتى الاعلام الغربي يؤكد ان حرب اليمن تستهدف الاطفال والمدنيين ولم تستطع القضاء على الحوثيين او تضعفهم.
وتؤكد ان ثابت لدى فريقنا ان كل ما يجري من استهداف قضائي وامني وسياسي واعلامي وحالياً سعودي وخليجي، هو بترتيب اميركي لإرباك الساحة اللبنانية واشغال الحكومة والعهد ومن ورائهما المقاومة وحلفاءها بالتوترات المتنقلة وللشحن الطائفي والمذهبي، واستنفار العصبيات و"شحذ الهمم" قبل الانتخابات، ولتوفير مناخ يخدم حلفاء واشنطن والرياض.
وتقول ان المعلومات المتوفرة لدينا تشير الى ان مخطط تفجير الوضع مع لبنان كان سيتخذ ذريعة اخرى غير تصريحات قرداحي، والتي لا تلزم الحكومة وكان سيصل الى القول ان حكومة ميقاتي هي حكومة حزب الله وانها غير ملتزمة بالنأي بالنفس وغيرها من الذرائع وصولاً الى التعمية على مسؤولية رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في مجزرة الطيونة ومنع مثوله امام القضاء العسكري.
وتعتبر السعودية ان جعجع هو الحليف الوحيد والاوحد مسيحياً وسنياً عندها اليوم وهو ما ترجم بزيارة السفير السعودي وليد البخاري الى معراب قبل مغادرته لبنان، بعد الايعاز له من حكومة بلاده مغادرة لبنان والطلب من سفير لبنان في السعودية المغادرة.
وكذلك فعلت الكويت والامارات ويتوقع ان تكر السبحة اليوم لتشمل معظم دول مجلس التعاون الخليجي.
وتؤكد الاوساط ان بعد موقف رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية الوطني والشريف، والذي أكد في بكركي امس وبعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي انه ترك لجورج قرداحي الحرية في اتخاذ القرار المناسب، وابدى موقفه الداعم له ولتصريحاته التي لم يخطىء فيها.
ولمحّ الى بورصة المواقف الحقيقية لكل من الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي اذ هما ميالان منذ اللحظة الاولى لاستقالة قرداحي ولاستيعاب "الغضب السعودي" كما جرى مع وزير الخارجية شربل وهبي.
واكد فرنجية انقسام تحالف "الثنائي الشيعي" والعهد و"التيار" و8 آذار والتباين في المواقف مع استقالة قرداحي وضدها، وهو ما ترجم في الحفاظ على حكومة الرئيس ميقاتي ومنع استقالتها و"التضحية" بوزير لامتصاص تداعيات الخطوات السعودية والخليجية.
وتكشف الاوساط ان موقف حزب الله ومنذ اللحظة الاولى كان ضد استقالة قرداحي او اقالته لكن الحزب لم يلوح بأي استقالة من الحكومة وحاول حتى اللحظة الاخيرة ان لا تتحقق الاملاءات السعودية.
واستجابة للضغط الذي مورس من الاميركيين والفرنسيين على عون وميقاتي وتدخل مصر الجامعة العربية لثني ميقاتي عن الاستقالة والحفاظ على الحكومة، طرح العديد من الوسطاء مخارج عدة: فكان هناك مخرج بأن يعتذر قرداحي من دون استقالة. وهناك وجهة نظر اخرى قالت ان يستقيل وان لا يعتذر لانه لم يخطىء.
ويبدو ان الضغوط الدولية والمحلية ولاجل منع استقالة حكومة ميقاتي رجحت كفة خيار ان تكون استقالة جورج قرداحي هي المخرج.
وتؤكد الاوساط ان حصيلة لقاء قرداحي مع الراعي في بكركي وبعد زيارة فرنجية اليها امس ايضاً صبت في إطار في التشاور بشكل تقديم الاستقالة. ويبدو ان قرداحي وضع استقالته في عهدة الراعي والذي سيقوم بالاتصالات اللازمة لتخريجها بما يضمن كرامة قرداحي ويحافظ على التضامن الحكومي على اعتباره المرجعية المسيحية والدينية والماورنية والوطنية لقرداحي وكي لا يكون هناك "إدعاءات بطولية" لعون او باسيل واستثمار الاستقالة مسيحياً وسعودياً انتخابياً!
وتلفت الاوساط الى ان الساعات المقبلة ستكون كفيلة بتظهير الحلول. ولكن من الثابت ان حرارة المواجهة سترتفع في لبنان بين حلفاء المقاومة وخصومها، وسيكون هناك يومياً توترات سياسية وامنية وربما حكومية، حتى الوصول الى الانتخابات في ظل شعبوية ومحاولة استثمار اي تفصيل في صندوق الاقتراع!